الصفحة الرئيسية » مقالات » السد الأثيوبي أبعاده ومخاطره على مصر والسودان هل تعود مصر إلى عصر الشموع والفوانيس؟

السد الأثيوبي أبعاده ومخاطره على مصر والسودان هل تعود مصر إلى عصر الشموع والفوانيس؟

السد الأثيوبي أبعاده ومخاطره على مصر والسودان
هل تعود مصر إلى عصر الشموع والفوانيس ؟

في مستهل النصف الثاني من القرن الخامس الهجري من تاريخ الدولة الفاطمية في مصر وتحديداً في عصر المستنصر بالله العبيدي 1036-1094م حدثت الشدة المستنصرية أو مايعرف بالشدة العظمى، وهو مصطلح يطلق على المجاعة والخراب الذي حل بمصر نتيجة غياب مياه النيل بمصر لسبع سنين متواصلة عرفت بالعجاف نهاية عصر المستنصر بالله، وروى المؤرخون حوادث يشيب لها الولدان، فقد تصحرت الأرض، وهلك الحرث والنسل، وخطف الخبز من رؤوس الخبازين، وأكل الناس القطط والكلاب حتى أن بغلة وزير الخليفة الذي ذهب للتحقيق في الحادثة أكلوها، وجاع الخليفة نفسه حتى أنه باع ما على مقابر آبائه من رخام، وتصدقت عليه ابنة أحد علماء زمانه، وخرجت النساء جائعات صوب بغداد، وذكر ابن إلياس أنَّ الناس أكلت الميتة، وأخذوا في أكل الأحياء، وصنعت الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح، وتراجع سكان مصر لأقل معدل في تاريخها .
(اغاثة الأمة بكشف الغمة للمقريزي يذكر فيه هذه المجاعات).
إذن النيل عبر آلاف السنين من تاريخه كان شريان الحياة لمصر، ومع ظهور الكهرباء زادت أهمية هذا النهر، إذْ لم يعد دوره مقتصرا على الشرب والري بل أصبح مولداً للكهرباء التي أضاءت شوارع وبيوت المصريين، ووفرت لهم احتياجاتهم من الكهرباء.

الجذور التاريخية للسد
=======

يقول الأستاذ الدكتور رأفت غنيمي الشيخ أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق، “ينبغي علينا ونحن نتدارس قضية سد النهضة الأثيوبي أن نتدارس الجذور التاريخية لهذه المشكلة، فقد كلفت الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية الرحالة البريطاني “جيمس بروس” لاكتشاف بدايات نهر النيل في الحبشة، وكان ذلك عام 1769م، فجاء إلى مصر، وكان يحكم مصر في ذلك الوقت علي بك الكبير شيخ البلد وزعيم المماليك، ونزل “جيمس بروس” السودان وسار مع نهر النيل حتى التقاء النيل الأزرق بالنيل الأبيض، ودخل أرض الحبشة، ومكث هناك عاماً كاملاً حتى وصل إلى بحيرة “تانا” في وسط هضبة الحبشة وشاهد خروج النيل الأزرق من بحيرة “تانا” وسار معه حتى عاد إلى القاهرة مع نهر النيل، وكتب تقريراً قدمه للجمعية الجغرافية الملكية البريطانية سنة 1770م قال فيه بالنص: (إنَّ نهر النيل الذي يروي مصر ينبع من بحيرة تانا في الهضبة الحبشية، وإنَّ مَن يسيطر على بحيرة تانا والهضبة الحبشية يستطيع تجويع مصر). وانتشر هذا التقرير في أوروبا، وجاء به عام 1811م إلى مصر جماعة سان سيمون الفرنسية الذين اعتمد عليهم محمد علي باشا في بناء مصر الحديثة، وكانت أفكار جماعة سان سيمون تتلخص في أنّ العلم الحديث هو محور بناء الدول؛ ولذلك فكر محمد علي باشا في دخول السودان والوصول إلى منابع النيل قبل أن يقوم أحد أعداء مصر بقطع المياه عن مصر من المنبع، فتحركت حملات محمد علي من سنة (1820م – 1822م) ونجحت في الوصول إلى النيل الأبيض جنوب الخرطوم وشاهدت الحملة التقاء النيل الأزرق القادم من الحبشة بالنيل الأبيض، وهنا أسس محمد علي باشا مدينة الخرطوم عام 1830م، وهكذا استخدم محمد علي باشا القوة العسكرية؛ لضمان استمرار وصول مياه النيل إلى مصر، ثم أرسل محمد علي أيضا بعثة كشفية عرفت ببعثة الكابتن سليم، نزلت جنوباً حتى التقاء بحر الزراف ببحر الغزال مع بحر الجبل بالنيل الأبيض، وهذه هي المنابع الدائمة لتدفق المياه طوال العام، بينما تتدفق مياه النيل الأزرق في فترة الفيضان فقط، كما أنَّ الخديوي إسماعيل الذي حكم سنة (1863م – 1879م)، فكر هو الآخر في احتلال الحبشة؛ حتى يضمن استمرار تدفق المياه من النيل الأزرق ونهر العطبرة إلى مصر، خاصة بعد أن ضم أريتريا والصومال إلى أرض مصر، ومن ثم أصبحت الحبشة محصورة بين أملاك مصر في السودان وأريتريا والصومال، وأرسل الخديوي إسماعيل حملة عسكرية بقيادة ضابط سويسري يسمى “منزنجر” يقود جيشا لغزو الحبشة والاستيلاء عليها سنة 1875م، ومن الجدير بالذكر أن أحمد عرابي كان مسؤولاً عن إمداد هذه الحملة، لكن القيادة كانت للأجانب، وفشلت الحملة بسبب عدم معرفة رجالها بطبيعة الأراضي الحبشية.

بناء السد
———–

قامت إثيوبيا ببناء هذا السد العملاق الذي يعادل طوله بنايةً من خمسين طابقاً وبسعةٍ تخزينيةٍ تساوي أربعة وسبعين مليار مترٍ مكعبٍ (متر مكعب يعادل طن) من المياه، وبتمويل واستشارة وهندسة أمريكية إسرائيلية، وبكلفة خمسة مليار دولارٍ ( ميزانية إثيوبيا ) علماً بأنّ إثيوبيا تعد من أفقر ثلاثين دولة في العالم، ويتم الانتهاء منه عام 2017 بدعوى حاجتها للكهرباء والزراعة، ولأسبابٍ تنمويةٍ في نفس الوقت يؤكد الخبراء بأنّ السد يختلف في بنيته وشكله وحجمه عن السدود المخصصة للكهرباء التي تحتاج إلى ستة مليار متر مكعب فقط من المياه وليس أربعة وسبعين مليار !
وإن كان للزراعة فمساحة الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة تمثل نسبة 10% فقط، فما الحاجة لسد يحجز خلفه أربعة وسبعين مليار طنٍّ من المياه!
إذن ما يُخطَّط له ليس مؤامرةً كبرى فقط بل مؤامرةً تفوق الوصف، فهل فات مهندسي أمريكا وإسرائيل آثار هذا السد الكارثية.

مخاطر قيام السد
————————
المخاطر تتلخص في عدة نقاط أهمها:

1- أن السد الإثيوبي مبني على الفالق الإفريقي العظيم، وعلى منطقة زلازل وبراكين، بحيث لاتمر ساعة حتى يحدث فيها هزات لانشعر بمعظمها، فقد حدثت سبع وعشرون هزةً أرضيةً في جنوب السعودية جازان ونجران في خمسة أيام نتيجة تفجيرات بناء السد بجوار الفالق الأرضي متأثراً بالطبيعية الجيولوجية غير المستقرة لمحور بناء السد الإثيوبي.

صورة توضح الفالق العظيم الممتد إلى جنوب السعودية على شكل y

صورة توضح مكان إقامة السد

وفي عام 2000 نشرت المساحة الجيولوجية الامريكية خريطةً على حزام الزلازل، وعلى نطاق الخطورة ما بين إفريقيا والجزيرة العربية، ونشرتها اليونسكو تأكد خطورة إنشاء مثل هذا السد.

2- إقامة السد على منحدر شديد الوعورة لايصلح لإقامة مشروعات زراعية فضلاً عن صعوبة التضاريس وما يتبعها من انتشار الصخور البركانية خاصةً في إثيوبيا وهي صخورٌ يسهل تعريتها بواسطة الأمطار الضعيفة هندسياًّ حيث لاتتحمل إقامة سدود عملاقة.

أصدرت مؤسسة “ستراتفور” – وهي شركة استخباراتٍ أمريكيةٍ خاصة – فى عام 2013 تقريراً تؤكد فيه أن مصر تواجه خطر “وجود” إذا تمكنت إثيوبيا من بناء “سد النهضة”.

3- السد ذو بناءٍ إسمنتيٍّ وليس ركامياًّ وبشرح مبسط فإنَّ الركامي هو المبني من الحصى والصخور والتراكمات والخرسانة، ولا يمكن تدميرها الا بقنابل نوويةٍ، أما الإسمنتي فهو أعمدة تبنى عليها بنايةٌ ونسبة انهيارها عالية جداًّ ولا تتحمل زلزالاً بمقدار 1 ريختر، فهل بُني هذا السد كي ينهار!

4- في تاريخ 2013/5/30 نشر موقع المصري اليوم أخطر تقريرٍ حكوميٍّ عن سد النهضة بعنوانٍ سريٍّ جداًّ، ففي حال التشغيل للسد ستنخفض قدرة مصر على توليد الكهرباء بنسبة 37% فهل ستعود مصر إلى عهد الشموع والفوانيس، إضافةً للعجز المائي 44,7 مليار مترٍ مكعبٍ

5- 20 مليار طنٍّ من المياه ستتسرب في داخل الفالق وسيحدث خلل في المنطقة، ونشاطٌ زلزاليٌّ خطيرٌ في مكة وجنوب السعودية وقد يؤدي إلى انفصال إثيوبيا نفسها عن إفريقيا، وتوقف نهر النيل.

الآثار الكارثية الناجمة عن احتمالية انهيار السد
—————–
في حال انهيار السد ستنطلق 74 مليار طن من المياه، وفي توقيتٍ واحدٍ إلى العاصمة السودانية الخرطوم وستغرق تحت ما بين 16 إلى 9 أمتار من المياه وستتبعها المدن المصرية التي بدورها لن تكون أحسن حالاً، ولن ينفعها سدها العالي الذي قد ينهار أو تعبره موجة المياه القادمة لتُغرِق مدناً بأكملها تحت المياه، وستتعدى ضحايا هذا الفيضان الكارثي لا قدر الله قتلى الحرب العالمية الاولى والثانية.

ما يفعله الأمريكان واليهود الآن من بناءٍ لهذا السد متطابقٌ تماماً مع نبوءاتهم الدينية من جفاف النيل وخراب مصر من هذا الباب.

الكاتب / عبدالله الضحيك

boyazeed@gmail.com