الصفحة الرئيسية » مقالات » لا أبرِّر …ولكننى أقرِّر

لا أبرِّر …ولكننى أقرِّر

الحمدلله الواحد القهار، العزيز الغفار، مصرف الأمور كيف يشاء ويختار، أحمده على كل حال، ونعوذ به من حال أهل النار، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له المحيط علماً بالأسرار وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صفوة العالم المختار، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه آناء الليل والنهار…

أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته واجتناب نواهيه وزواجره…

“من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها”

هذا ما صرح به بالأمس صانع الديمقراطيات وحامي الحريات… ثم أتبعه بفيتو يعترض به على أي اعتراض يريد العالم أن يبديه امام ما تمارسه دولة الإرهاب من إرهاب… وها هي دولة الإرهاب تقتل المدنيين وتجرح المدنيين… وتقتل الأطفال وتقتل النساء بحق الدفاع المشروع عن نفسها… وبالمقابل… يتداعى وزراء خارجية العرب… وليس الرؤساء… لأن الأمر لا يستدعي أن يتداعى له الرؤساء، فهو لا يتعدى كونه قتلاً لمسلمين أبرياء من أطفال ورجال ونساء… والتداعي ليس للدعوة إلى تفعيل ردع بسبب ما يحدث، بل للتباحث فيما حدث ويحدث ،ومعرفة حقيقة ما يحدث… ثم اتخاذ قرار جماعي بالاتفاق على السكوت على حدث وما سيحدث…

هذه هي الصورة الذلية المتكررة التي يراها الشباب المسلم… إجماع سكوتي من الحكومات…. إجماع سكوتي من المشايخ والعلامات… شبه إجماع سكوتي من الدعاة… فهل تبقى هذه الصورة الذلية المتكررة عقلاً للشاب حتى يفكر فيه بعقلانية أو وسطية؟! هذا الشاب الذي لا يرى من حكوماته إلا التخاذل والذل عندما يطلب منهم العزة والنصرة… ثم إذا أراد أن يطلبها لنفسه قامت حكوماته من تخاذلها أمام العدو لتعتز على هذا الشاب وتقوم بإذلاله… فهل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية؟! هذا الشاب الذي يرعى التلون في الفتيا والكيل بالميزانين… يرى من كان يفتيه بالأمس بالجهاد ويسميه بالفئة المؤمنة يمنعه اليوم ويقاتله ويسميه بالفئة الضالة المفسدة ويرسله إلى سجن كوبا… هل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية… هذا الشاب الذي يرى العدو يقتل الأبرياء من المسلمين ويشرد الأطفال والنساء ثم يسمى ذلك أمامه حقاً مشروعاً في الدفاع عن النفس… ثم إذا دافع هو عن نفسه، أو أراد أن يذهب للدفاع عن غيره سمي إرهابياً مفسداً… هل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية؟! هذا الشاب الذي تساقطت من عينه قدواته… وفقد مصداقية مرجعياته… وتفرقت السبل أمامه… فنظر ،فلم يجد إلا مروءات مخرومة… وغيرات معدومة… وقيادات مهزومة… فرجع إلى نفسه… فلم يجد إلا نفسه يستفتيها، وعقله يستهديه… فهل يبقى ذلك في عقله مايهديه إلى وسطية أو عقلانية؟! هذا الشاب الذي يرى آلام أمته… وفتك العدو بأمته والمشهد المتكرر لإذلال أمته… ويرى مقابله… تشاغل القيادات بالاحتفالات… والمشايخ لهم بالتبريرات… والشعوب بمتابعة المباريات… هل يبقى ذلك في وهل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية… هذا الشاب الذي يلاحق دوماً بتهمة الإرهاب …ويقتل أبناء أمته بحجة مقاومة الإرهاب… وتصرف خيرات أمته بدعوى محاصرة الإرهاب وتتفنن بعض حكومات أمته بإذلاله لإرضاء من يدعي القضاء على الإرهاب… هل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية… وأخيراً… هذا الشاب الذي يرى الدنيا تقوم لأجل يهودي أسير ولا تقعد… ويرى أسرى المسلمين في السجون… تعذب رجالهم ويتوالى الجنود على هتك أعراض نسائهم… ثم لا يجد من يقوم لأجلهم أو يقعد… هل يبقى ذلك في عقله من عقلانية أو وسطية؟!

وبعد … فما دامت هذه الصورة الذلية موجودة، فلابد أن يكون مثل هذا الشاب موجوداً ومادامت هذه الانهزامية عند القيادات موجودة، فلابد أن تكون هذه الاندفاعية عن هذا الشاب موجودة…

وفي الختام… أقول… إنني لا أبرر… ولكنني أقرر أن هذا الشاب صنيعه هذه الصورة الذلية… وهذا التصرف نتيجة ذاك التطرف لماذا؟! لأن الذي يدعي مقاومة الإرهاب هو في الحقيقة صانعه، وموجده ومسببه، والداعي إليه، وهو نفسه الذي أجاز لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها في حين يمنعه عن غيرها… ولا غرابة… فبعضهم من بعض… وليس عليهم في الأميين سبيل… فإذا كان الأمر كذلك فمن هو الأجدر بالإرهاب؟!
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا واستغفرالله لي و لكم…

خطبة الجمعة
19 جمادى الآخرة 1427 الموافق 14 يوليو 2006
للشيخ حمد السنان