الصفحة الرئيسية » تراجم » الشاعر الشيخ يوسف النبهاني

الشاعر الشيخ يوسف النبهاني

الشاعر الشيخ يوسف النبهاني

شيخ من شيوخ الفقه الإسلامي ، وصاحب طريقة في التصوف ، ورائد من رواد الأدب العربي في العهد العثماني ، وعلم من أعلام الحركة الشعرية الفلسطينية في القرن التاسع عشر ، فقد ولد الشيخ يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني سنة 1265 هجرية / 1850 ميلادية في قرية ( إجزم ) قضاء حيفا ، وينتسب إلى بني نبهان من عرب البادية في فلسطين الذين استوطنوا في تلك القرية.

كان والده المعلم الأول له ، حيث علمه القرآن الكريم ، وحفظ على يديه الكثير من المتون في علوم الفقه والنحو والبلاغة قبل إرساله إلى الأزهر الشريف في مصر سنة 1283 هجرية / 1866 ميلادية ، الذي أمضى فيه ما يزيد على ستة أعوام ، تعلم خلالها العلوم النقلية والعقلية ، ثم عاد بعد تلك المدة التي قضاها في الأزهر إلى فلسطين سنة 1289 هجرية / 1872 ميلادية ، حيث أقام في مدينة عكا مدرسا للدين وعلوم العربية.

تولى العديد من الوظائف والمناصب غير التدريس ، فقد تولى نيابة القضاء في جنين سنة 1873 ثم توجه إلى دار الخلافة في الآستانة سنة 1293 / 1876 م وظل فيها مدة سنتين ونصف ، حيث عمل محررا في جريدة ” الجوانب ” ، ثم خرج منها إلى بلده ، وعين قاضيا في ولاية الموصل ( كوى سنجق ) من أمهات بلاد الأكراد لمدة خمسة أشهر ، وفارقها سنة 1296 إلى الشام، ثم توجه إلى دار الخلافة في الآستانة سنة 1297 وأقام بها نحو عامين وفيها ألف كتابه” الشرف المؤيد لآل محمد صلى الله عليه وسلم” وخرج منها رئيسا لمحكمة الجزاء في اللاذقية التي جاءها سنة 1300 / 1883 م فأقام بها نحو خمسة أعوام . تولى بعد ذلك رئاسة محكمة الجزاء في القدس ،التي التقى فيها بالشيخ حسن بن حلاوة الغزي الولي المعتقد صاحب الكرامات الذي علمه الطريقة القادرية في التصوف، ولقنه بعض الأذكار والأوراد، وظل بها أقل من سنة ، حيث غادرها رئيسا لمحكمة الحقوق في بيروت التي وصلها سنة 1305، وبقي فيها ما يقرب من عشين عاما، حتى فصل سنة 1909، وألف فيها سائر كتبه ، وطبع أكثرها، ثم غادرها إلى المدينة المنورة مجاورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الأولى سنة 1914 م ،حيث عاد إلى قريته ( إجزم ) وبقى فيها حتى توفي سنة 1932 م . [1]

لقد تهيأت للنبهاني كل هذه الجوانب الثقافية الدينية والأدبية واللغوية، وتبوأ كل هذه المناصب، وتغرب في سبيل ذلك سنوات كثيرة من عمره، وبالتالي تحمل كل ذلك في سبيل تحقيق الأماني والطموحات العظام التي كان يرنو لتحقيقها، فقد اغترب عن أهله ووطنه، ولعل خاتمة الرسالة الشعرية التي بعث بها للشاعر أحمد فارس الشدياق مادحا ومثنيا عليه، ما يقف شاهدا على مدى إحساسه بالغربة، وشوقه وحنينه لوطنه وأهله، ومبينا مدى صبره على ذلك من أجل تحقيق طموحه وآماله، يبدو ذلك في قوله:

لك من صفات روضة ومدائحي ورق عليها بالثناء تغرد
خذها إليك من الغريب غريبة لولاك ليس لها معين مسعد
رقت محاسنها فقلت رقيقة تهدى إليك وأنت نعم السيد
واعذر فتى درست معالم أنسه ومشى عليها الدهر وهو مقيد
جمع الأسى جملا لديه وشمله عقد بأيدي الحادثات مبدد
أوطانه بعدت عليه وإنما أوطاره وهي المعالي أبعد
يبغي اجتماعهما ويعلم أنه شيء بحكم زمانه لا يوجد
ولعل هذا الحكم ينقضه فتى أنت المراد به كريم أمجد [2]

لقد حفلت حياة النبهاني بالعديد من الأعمال والمؤلفات في مجالات كثيرة:دينية وأدبية ولغوية، فقد توزعت أعماله حول الحديث وعلم مصطلح الحديث والصلاة والتصوف وعلم الكلام وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتب الشعر وتعددت دواوينه وقصائده، خاصة في النواحي الإسلامية والمدائح النبوية [3] وغيرها، وظفر النبهاني بشهرة واسعة بين الأوساط الدينية والأدبية. رصد له يوسف سركيس في معجمه ثمانية وأربعين كتابا ، كلها مطبوعة [4]

ومن هذه الكتب والمؤلفات :
الشرف المؤبد لآل محمد ـ المطبعة الأدبية ـ بيروت 1309 هجرية
الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية ـ المطبعة الأدبية ـ بيروت 1310 هجرية
وسائل الوصول إلى شمائل الرسول
الأحاديث الأربعين في فضائل سيد المرسلين
أفضل الصلوات على سيد السادات
سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين ـ المطبعة الأدبية ـ بيروت 1316 هجرية
صلوات الثناء على سيد الأنبياء
حجة الله على العالمين قي معجزات سيد المرسلين
الهمزية الألفية المسماة طيبة الغراء في مدح سيد الأنبياء المطبعة الأدبية ـ بيروت 1314 هجرية
سعادة المعاد في موازنة بانت سعاد
النظم البديع في مدح النبي الشفيع
القول الحق في مولد سيد الخلق
خلاصة الكلام في ترجيح دين الإسلام
رسالة في مثال النعل الشريف
جامع الصلوات ومجمع السعادات
الفضائل المحمدية
جامع الثناء على الله
هادي المريد إلى طرق الأسانيد المطبعة الأدبية ـ بيروت 1318 هجرية
السابقات الجياد في مدح سيد العباد المطبعة الأدبية ـ بيروت 1318 هجرية
المجموعة النبهانية في المدائح النبوية4 مجلدات ـ المطبعة الأدبية ـ بيروت 1320 هجرية
حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين
جامع كرامات الأولياء
أسباب التأليف
شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق
جواهر البحار في فضل النبي المختار 4 أجزاء
الفتح الكبير 3 مجلدات
الأساليب البديعة في فضل الصحابة وإقناع الشيعة
رياض الجنة في أذكار الكتاب والسنة
خلاصة البيان في بعض مآثر مولانا السلطان عبد الحميد وأجداده من آل عثمان ـ بيروت 1894
الأحاديث الأربعين في أمثال أفصح العالمين

وغيرها من الكتب والمؤلفات الكثيرة في مختلف الأغراض والموضوعات الدينية والأدبية والشعرية، التي لم يصلنا منها إلا القليل، ولو وصلتان كاملة لكنا أمام ثروة دينية وشعرية ولغوية وأدبية هائلة، ولكانت عونا لنا على دراسة أدب الشيخ النبهان وأدب المرحلة بشكل أكثر شمولية وأكثر دقة، إلا أنه من المؤسف حقا ومما يبعث على الحزن والأسى أن معظم مؤلفات النبهاني ومؤلفات غيره من الأدباء والشعراء والكتاب الفلسطينيين قد أبيدت وضاعت بفعل الغزو والاحتلال الصهيوني لفلسطين، فالتدمير والبطش والتنكيل لم يطل الأرض والإنسان والعمران فقط، بل طال أيضا الفكر والعلم والأدب والتراث ، فقد عمل العدو على إلغاء الوجه الحضاري والثقافي الإسلامي والعروبي في فلسطين.

ومن هذه الكتب ما ينيف على ألف وستمائة وتسع وثلاثين صفحة، مثل كتاب (جواهر البحار)، ومن بين المجاميع ما يبلغ العشرين ألف بيت من كلام البلغاء على حروف الهجاء في المدائح النبوية [5]، فقد كان “يهيم الشيخ يوسف النبهاني بحب الرسول هياما خرج به عن حد المألوف، فأراد أن يمزج حياته كلها، وأن يقف نشاطه كله على التأليف في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم”. [6]

هذا الكم الهائل من الكتب والمؤلفات في مختلف الأغراض والمضامين التي أنتجتها قريحة النبهاني، وهذه المطولات الشعرية التي كتبها كانت مؤشرا على أن نهضة فكرية وثقافية وأدبية تنتظر الشعر العربي الفلسطيني في هذه المرحلة الصعبة التي كانت تتصف بمرحلة الجهل والجمود والتخلف، في مختلف الجوانب الفكرية والثقافية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية.

وهذا الاهتمام البالغ بالمضامين الدينية والهيام بحب الرسول صلى الله عليه وسلم، والتركيز على المدائح النبوية، والتأريخ ـ شعرا ـ لحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسيرته العطرة، والاهتمام بحياة الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وغير ذلك من المضامين الدينية كل ذلك كان يمثل جانبا من جوانب النزعة الدينية المتأصلة في قلوب ونفوس التكوين البشري والاجتماعي في فلسطين، فالشاعر العربي بشكل عام، والفلسطيني بشكل خاص كان وما يزال على صلة بتراثه الديني “فمن الظواهر اللافتة في استخدامات اللغة الشعرية المعاصرة احتواؤها الأدائي لمعطيات التاريخ ودلالات التراث التي تتيح تمازجا، وتخلق تداخلا بين الحركة الزمانية، حيث ينسكب الماضي بكل توفزاته وأحداثه على الحاضر بكل ما له من طزاجة اللحظة الحاضرة” [7] فكيف إذا كان هذا الماضي الذي نحن بصدده وهذا التراث الذي استحوذ على فكر هذه المرحلة هو الدين الذي يدينون به، فقد كان الأثر الديني وخاصة الأثر الإسلامي على رأس المؤثرات في الشعر الفلسطيني، فالمجتمع الفلسطيني مجتمع متدين بطبعه، حيث تدين الغالبية العظمى منه بالإسلام” [8] لذلك لا غرابة أن “يستلهم الشعراء معطيات التراث دينيا وتاريخيا وثقافيا، وخاصة معطيات الدين الإسلامي” [9].

لقد كانت الأغراض الدينية والمدائح النبوية سمة بارزة من سمات مضامين الشعر الفلسطيني بشكل عام، وشعر الشيخ يوسف النبهاني بشكل خاص، تلك القصائد والأشعار التي تبدو فيها جماليات الإنسان وجماليات المكان كأغراض شعرية لها دلالاتها الخاصة في نفس الإنسان الفلسطيني ، تلك الجماليات التي تمثلت في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم، وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة كأماكن لها وقعها الديني والنفسي في فكر الشاعر ووجدانه.

ومن الشواهد على ما نحن بصدده قصيدته الهمزية الألفية المسماة ” طيبة الغراء في مدح سيد الأنبياء” التي طبعت في بيروت سنة 1314 هجرية، والتي وزعها على عناوين عدة منتزعة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ، من ميلاده حتى وفاته، والتي عارض فيها همزية البوصيري “أم القرى في مدح خير الورى ” ، وعدد صفحاتها مائة وأربع صفحات، والتي يقول فيها :

نورك الكل والورى أجزاء يا نبيا من نسله الأنبياء
علة الكون كنت أنت ولولاك لدامت في غيبها الأشياء
منتهى الفضل في العوالم جمعا فوقه من كمالك الابتداء
لم تزل فوق كل فوق مجدا بالترقي ما للترقي انتهاء
جزت قدرا فما أمامك خلق فوقك الله والبرايا وراء [10]

ومن الغرائب اللغوية والموضوعية في مدائحه النبوية ما اصطلح على تسميته ” نعل محمد “، في الجزء الثالث من كتابه ” جواهر البحار، حيث يورد قصيدة في ” نعل محمد “، استهلها بقوله :
على رأس هذا الكون نعل محمد علت فجميع الخلق تحت ظلاله
لدى الطور موسى نودي اخلع وأحمد على العرش لم يؤذن بخلع نعاله [11]

وحول جماليات المكان، وأثرها في نفس الشاعر وفكره، نقرا له قوله في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا مدى حبه وشوقه وحنينه لها، وهيامه بها:
هواي طيبة لا بيضاء عطبول ومنيتي عينها الزرقاء لا النيل
عذراء جلت عن التشبيب إذ جليت هامت بها الخلق جيلا بعده جيل
ما كنت أسأل لولاها الركائب عن سلع ولا كان لي بالجزع مسؤول
متى أراها بطرف ظل يكحله من تربة البيد ميل بعده ميل

والقصيدة مطولة تبلغ نحو مائة وخمسين بيتا [12]. ومكة ملمح من ملامح الهيام بالمكان، فخير الأوقات عند الشاعر هي التي يتمتع فيها بالجلوس في أحضان المدينة المقدسة: وخير أوقات الفتى في مكة تجلسه في حجرها أم القرى [13] وبالتالي يظهر حضور الإنسان ممثلا في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وحضور المكان ممثلا في مكة المكرمة ومدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعر النبهاني حضورا مميزا عن أي حضور آخر، متصفا يصدق العاطفة ، ومبينا جلال الإنسان وقدسية المكان وهيبتهما في شعره، يحف به موكب العاطفة الدينية الصادقة والمتأصلة في فكر الشاعر ووجدانه، فقد انبرى في ” الرائية الكبرى “للدفاع عن دين الإسلام، ووحدانية الله، واستعلائه على الخلائق جميعها وتقديسه وتنزيهه، وتوحِّده، فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم بلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يستغني عن الخلائق جميعها ولا تستغني عنه، وهو السميع البصير القوي.

وهنا نرى مدى تأثره الشديد بالقرآن الكريم، وحبه لدين الإسلام، وتفضيله على سائر الأديان والملل والنحل.

لقد كان يرى نفسه ” حسان بن ثابت ” في الدفاع عن الإسلام والرد على خصومه، وبيان محاسن الديانة الإسلامية وعرض مساوئ غيرها، مع كمال الفصاحة والبلاغة والسهولة، في قصيدة طويلة، عدة أبياتها سبعمائة وخمسة وعشرون بيتا، منها أربعمائة بيت لم تتكرر فيها القوافي، وينصح المسلمين أن يعلموها أولادهم ويحفظوهم إياها لما اشتملت عليه من أحكام العقيدة الإسلامية والسيرة النبوية، وتزييف ديانة المخالفين الذين يجتهدون في تضليل أولاد المسلمين، والتي نقتطف منها قوله:

بربك ذكِّرهم عسى تنفع فكم نعم أجدى وكم منن أجرى
وأعظمها دين النبي محمد هو النعمة العظمى هو المنة الكبرى
فاشهد أن الله لا رب غيره توحَّد في الدنيا، توحد في الأخرى
وقد كان من قبل الحوادث واحدا بلا حاجة للخلق أوجدهم طرا

حيث رأى استحالة الجهة على الله، وتنزيهه عن أن تحويه جهة من الجهات، وتقديسه عن كل الجهات، وهو موجود على الدوام في كل زمان ومكان:

تقدَّس عن كل الجهات وأنه مع الخلق لكن الحقيقة لا تُدري
فلا جهة تحويه، لا جهة له تنزَّه ربي عنهما وعَلَى قدرا
له البصر السمع الإرادة قدرة حياة كلام العلم عن ضدها يعرى

وبعد أن يتناول في قصيدته الفضائل المحمدية والسيرة النبوية، والثناء على الخلفاء الأربعة وسائر الصحابة السابقين للإسلام، وذكر الهجرة ومشروعية الجهاد، وذكر الوفود وحجة الوداع، ووفاته صلى الله عليه وسلم، والكلام مع أهل الكتاب في إثبات نبوته، والكلام مع اليهود والنصارى في شأنه، يختمها بقوله:

فهاك أيا خير الحسان قصيدة تجدد من حسان [14] في عصرنا ذكرى
تنافح عن خير الأنام ودينه وتكشف عن أديان أعدائه السترا
حقائق حق لا خيالات شاعر ولكنها سحارة تسحر السحرا
تكاد لحسن السبك لو فاه منشد بشطر أتم السامعون الشطرا
تحلى بها جيد الزمان لأنني نظمت بها بالدر أوصافك الغرا [15]

حيث شبه نفسه بحسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل شعره في خدمة رسول الله، ونافح به عنه وعن رسالته السمحاء، وعن الإسلام والمسلمين، وهجا بشعره أعداء الدين وأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد عليهم.
ونظفر له في وطنياته قوله ـ عندما زار دار الخلافة في الآستانة ـ هذه الأبيات منتقدا الأمة العربية التي تخلت عن كرامتها، ورضيت بحياة الذل والهوان، يتحكم في مصيرها الترك:

ويممت دار الملك أحسب أنها إلى اليوم لم تبرح إلى المجد سلما
فألفيتها قد أقفرت من أهلها ولم يبق فيها الفضل إلا توهما
وألفيت فيها أمة عربية يرى القوم منها أمة الزنج أكرما
وما نقموا منا بني العرب خلة سوى أن خير الخلق لم يكن أعجما [16]

وبذلك أصبح يدرك أن الأمة العربية أصبحت تتحكم في مصيرها التاريخي أمة تركية، وأنه لا ينبغي لها أن ترضى بحياة الذل والهوان والاستكانة، وهذه ظاهرة جديدة في الشعر لم تكن معهودة من قبل، وملمح من ملامح النهضة الفكرية، وملمح من ملامح النقد السياسي والاجتماعي البناء، الذي يدعو بشكل ما إلى النهوض ورفض الواقع والسعي نحو التغيير ونحو الحياة الحرة الكريمة، ذلك أن هذه الومضة كانت بداية مرحلة جديدة أو اتجاه جديد في حياة الشعر سوف يقوى ويشتد عوده [17]، ويكون له صوت ورأي في الحياة السياسية المستقبلية.

إن الأمانة الأدبية والعدالة والموضوعية تقتضي منا الحكم على الشاعر من خلال مقاييس عصره وظروفه، وليس من خلال مقاييس عصرنا، وبالتالي علينا أن نرتد إلى ظروف القرن التاسع عشر ونرصدها قبل الحكم على الشاعر فنحن نتحدث عن شاعر برز في منتصف القرن التاسع عشر، وهو بداية التأريخ للشعر الفلسطيني، ولا شك أنها كانت مرحلة تجمع فيها الكثير من عناصر الجمود والجهل والتخلف الثقافي والفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في ظل الحكم العثماني وأن تلك المرحلة كانت امتدادا لمرحلة الانحطاط الذي ران على الفكر العربي زمنا طويلا، وانعكس كل ذلك بدوره على الأدب بشكل عام، والشعر بشكل خاص ، فكان الشعر بعامة يتميز بالجمود والتخلف ، والمضامين الفارغة، والموضوعات التقليدية التي لا تبعث على التجديد أو التغيير أو استنهاض الهمم، والصور التقليدية الباهتة، والمعاني المكررة، والأغراض المتهالكة، والاهتمام بالألفاظ والجمل والعبارات القديمة والتركيز على الزخرفة اللفظية والمحسنات البديعية والترصيع والتزويق والتصنع، والاضطراب والتعثر، والتأريخ والحساب بالجمل والألفاظ ، والتلاعب بالكلمات والألفاظ ، والتباري والفخر بالقدرة على ذلك التلاعب ، وما إلى ذلك من ظواهر، هي في واقعها امتداد لمرحلة الجمود والتخلف التي اتصف بتا الشعر العربي في تلك المرحلة.

في ظل هذه الظروف المتهالكة برز الشيخ يوسف النبهاتي كشخصية دينية وأدبية متميزة، فقد، ظفر النبهاني بشهرة واسعة تجاوزت حدود الشام لكثرة مؤلفاته وتنوع مادتها، حيث ألف في الحديث ودلائل النبوة وعلم الكلام، والرد على النصارى، وترجيح دين الإسلام، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله، والمدائح النبوبة، وفضل الصحابة، وإقناع الشيعة، وكان أشهر بطل من فرسانه في الحقبة التي عاش فيها في بلاد الشام ” [18].

لذلك لا غرابة أن نجد شيوخ وشعراء عصره أن يمدحوه، ومنهم الشيخ الشاعر أبو الإقبال “سليم اليعقوبي” بقوله:

ليوسف الفضل لا للقائمين على هدم الشريعة من قاص ومن دان
فََصِفْهُ بالعلم لا تخشَ العداة وقل إن ابن هاني والنبهان سيان
إن ساءني أدبي أو حطَّ بي حس أو حاربتني صروف العالم الفاني
هززت فيه يراعا قام يشكره شكر الرياض نداها الحاسد الشاني [19]

لقد كان المدح والثناء والتقريظ والرسائل المتبادلة بين الكتاب والشعراء من المقومات البارزة في مضامين شعر هذه المرحلة، لذلك لا غرابة إذ نجد الشيخ النبهاني يكتب للشدياق مادحا ومثنيا على أدبة وفكره ومدافعا عنه أمام أعدائه، داعما رأيه بالحجة والمنطق والبرهان:

يا فكرُ مالكَ حاجة في وصفها عد للمديح فإن ذلك أحمد
الفاضل اللسن الذي ببيانه وبنانه عقدُ القريضِ منضد
أم القوافي حول كعبة فضله في الطرس إما ركع أو سجد
تلك الكواكب لا أذم شروفها لكن لدى أشعاره لا تحمد
كلا ولست ألومها لماغدت لكلامه المحسود ممن يحسد
نظم ونثر صادران عن امرئ هو للفضائل والفواضل مورد
ياأيها المولى الذي من فكره سهم على كبد البغيض مسدد
ومن الدفاتر والمحاضر لم تزل بثبوت دعواه المعالي تشهد
الله قلدك المعارف والورى قد قلدوك بها فأنت مقلد [20]

ويعلق د.عبد الرحمن ياغي على هذه القصيدة في هذه المرحلة قائلا “نحن إزاء صورة جديدة من صور التقريظ تمضي فيه شوطا أبعد من الرسائل التي عهدناها، وتتعرض للجانب المعارض فتقذفه بسهامها، وتكاد أن تضع يدها على صور متماسكة من صور النقد فتحاول أن تدعم رأيها بالحجة، فتعرض لاتجاه الشدياق وفكرته ولكنها ما كادت تبلغ هذا المبلغ حتى ارتدت بحكم قيود العصر، ومفاهيم الجيل فترجع بالفكر عن وصف الفكرة والمزايا إلى المديح والثناء ولكنها على كل حال نفس جديد، ورصانة تشعرنا برصانة المتنبي، وتماسك في الصور، ومتانة في التعبير تكاد تبعد بنا عن مطلع النهضة إلى العصر العباسي، دون أن نحس تقليدا واضحا، وطول نفس لا نسمع فيه لهاثا ” [21]. إذن نحن إزاء مرحلة لها تقاليدها الأدبية ومناخها الثقافي ومقوماتها النقدية ، وبالتالي كان النبهاني يمثل ظاهرة من ظواهر التجديد ، وملمحا من ملامح النهضة الفكرية والأدبية، ورائدا من روادها، ضمن تقاليد المرحلة وأعرافها النقدية والأدبية.

وكانت المعارضات الشعرية سمة بارزة من سمات شعر تلك المرحلة ، وكان للنبهاني نصيبه في تلك المعارضات الشعرية ، فقد عارض البوصيري في همزيته بهمزية بلغت ألف بيت من الشعر، كما عارض “كعب بن زهير” في قصيدته “بانت سعاد” بقصيدة “سعادة المعاد في موازنة بانت سعاد” وعدد أبياتها مائة وخمسون بيتا وقد أوردنا بعض الشواهد من القصيدتين.

وفي الكلام على كتب ابن تيمية يذكر النبهاني أنه مثل ابن حزم لم يسلم من قلمه أحد، وحين اعترض عليه الإمام السبكي ببعض بدعه تصدى للتشنيع على السبكي شخصان على عقيدة ابن تيمية نظم كل منهما في ذلك قصيدة طويلة في أكثر من مائة بيت.. والقصيدتان مطبوعتان في أخر كتاب (منهاج السنة)، فرأى الشيخ يوسف النبهاني أن ينتصف منهما ويقابلهما بعملهما، فنظم قصيدة يعارض بها قصيدتيهما.. وقد أثبت فيها استحالة الجهة على الله تعالى بدلائل ظاهرة، وتعرض لجواز الاستغاثة وشد الرحال لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم بمالا يأباه عقل ولا يمنعه نقل بقصيدة مطلعها:

الحمد لله حمدا أستعد به لنصرة الحق كي أحظى بمطلبه
والقصيدة طويلة تزيد على مائة وخمسين بيتا [22]، وهي صورة جدلية تجنح إلى علم الكلام في هذه المرحلة ” [23]

[1] للمز يد عن حياة النبهاني انظر :
أحمد عمر شاهين ـ موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين ـ ط 2 ـ غزة – 2000 ص868 ـ 869 .
خير الدين الزركلي ـ الأعلام ط3 بيروت 1969 ج 9 ص 289 وما بعدها
د. عبد الرحمن ياغي ـ حياة الأدب الفلسطيني الحديث ط2 بيروت 1981 – ص73 ـ 74 ، 125 ـ 126 .
د . كامل السوافيري ـ الأدب العربي المعاصر في فلسطين ـ مصر 1977 ص 37 ـ 38 .

[2] انظر القصيدة لدى: د. عبد الرحمن ياغي ـ حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 145، عن: كثرة الرغائب ج 4 ص 131 ـ 133.

[3] د. كامل السوافيري ـ الاتجاهات الفنية في الشعر الفلسطيني المعاصر ص 24

[4] يوسف سركيس ـ معجم المطبوعات ـ ص 1838 ـ 1842، عن المصدر السابق ص 24 / والسوافيري الأدب العربي المعاصر في فلسطين ـ دار المعارف ص 38

[5] حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 147

[6] السابق ص 146 / وانظر هادي المريد إلى طرق الأسانيد ص 56

[7] د. رجاء عيد ـ لغة الشعر منشأة المعارف ـ الاسكندرية ـ 1985 ص 201

[8] سعدي أبو شاور ـ تطور الاتجاه الوطني في الشعر الفلسطيني المعاصر ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 2003 ص 29

[9] السابق ص 427

[10] الاتجاهات الفنية في الشعر الفلسطيني المعاصر ص 26 / وانظر طيبة الغراء ص 2

[11] انظر جواهر البحار ج 3 ص 948 / وانظر حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص151

[12] انظر سعادة الدارين ص 660 ـ 770 / وانظر حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 147 ـ 149

[13] السابق ص 150

[14] يقصد حسان بن ثابت رضي الله عنه

[15] انظر الاتجاهات الفنية في الشعر الفلسطيني المعاصر ص 29 ـ 30 / الأدب العربي المعاصر في فلسطين ص 40

[16] انظر: د. ناصر الدين الأسد الشعر الحديث في فلسطين والأردن ص 18 / والاتجاهات الفنية في الشعر الفلسطيني المعاصر ص31 / وأحمد عزت الأعظمي ـ القضية العربية ص 43

[17] حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 153

[18] الأدب العربي المعاصر في فلسطين ص 38

[19] انظر ديوان حسنات اليراع لليعقوبي ص 36 ـ 37 / الأدب العربي المعاصر في فلسطين ص 48 / حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 132

[20] أنظر القصيدة في كنز الرغائب ج 4 ص 131 ـ 133 / وانظر حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 143 ـ 145

[21] السابق ص 145 ـ 146

[22] أنظر جواهر البحار ـ ج 3 ص 1222 ـ 1228

[23] انظر حياة الأدب الفلسطيني الحديث ص 151

[24] انظر الزركلي ـ الأعلام ـ ج9 ص 229

———————————————–

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر – قال العلامة عبد الرزاق البيطار :

يوسف بن إسماعيل أبي يوسف بن محمد ناصر الدين النبهاني نسبة لبني نبهان قوم من عرب البادية توطنوا منذ أزمان قرية أجزم بصيغة الأمر الواقعة في الجانب الشمالي من أرض فلسطين من البلاد المقدسة، وهي الآن تابعة لقضاء حيفا من أعمال عكا التابعة لولاية بيروت.

أقول أن هذا الإمام، والشهم الأديب الهمام، قد طلعت فضائل محاسنه طلوع النجوم الزواهر، وسعدت مطالع شمائله بآدابه المعجبة البواهر

فهو الألمعي المشهود له بقوة الإدراك، واللوذعي المستوي مقامه على ذروة الأفلاك، وله ذكاء أحد من السيف إذا تجرد من قرابه، وفكر إذا أراد البحر أن يحكيه وقع في اضطرابه، ونثر يزري بالعقد الثمين والدر المنثور، وشعر يدل على كمال الإدراك وتمام الشعور، فهو فارس ميدان اليراع والصفاح، وصاحب الرماح الخطية والأقلام الفصاح

فلعمري لقد أصبح في الفضل وحيداً، ولن تجد عنه النباهة محيصاً ولا محيدا، وناهيك بمحاسن قلدها، ومناقب أثبتها وخلدها، إذا تليت في المجامع، اهتزت لها الأعطاف وتشنفت المسامع.

ومن جملة آثاره، الدالة على علوه وفخاره، تآليفه الشريفة، التي من جملتها أفضل الصلوات، على سيد السادات، ووسائل الوصول، إلى شمائل الرسول، والشرف المؤبد لآل محمد، صلى الله عليه وسلم

وقد اطلعت على هذا الكتاب، فوجدته قد ارتدى بالكمال وتمنطق بالصواب، وقد اشتمل آخره على شذرة من ترجمة هذا الهمام

قد ترجم بها نفسه فنقلتها بحروفها تتميماً للمرام.
وهي:

ولدت في قرية أجزم المذكورة آنفاً سنة خمس وستين تقريباً، وقرأت القرآن على سيدي ووالدي الشيخ الصالح الحافظ المتقن لكتاب الله الشيخ إسماعيل النبهاني، وهو الآن في عشر الثمانين كامل الحواس قوي البينة جيد الصحة، مستغرق أكثر أوقاته في طاعة الله تعالى

كان ورده في كل يوم وليلة ثلث القرآن، ثم صار يختم في كل أسبوع ثلاث ختمات، والحمد لله على ذلك، “قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”

ثم أرسلني حفظه الله وجزاه عني أحسن الجزاء إلى مصر لطلب العلم، فدخلت الجامع الأزهر يوم السبت غرة محرم الحرام افتتاح سنة ثلاث وثمانين بعد المائتين والألف، وأقمت فيه إلى رجب سنة تسع وثمانين، وفي هذه المدة أخذت ما قدره الله لي من العلوم الشرعية ووسائلها، عن أساتذة الشيوخ المحققين، وجهابذة العلماء الراسخين، من لو انفرد كل واحد منهم في إقليم، لكان قائد أهله إلى جنة النعيم، وكفاهم عن كل ما عداه في جميع العلوم، وما يحتاجون إليه من منطوق ومفهوم،

أحدهم، بل أوحدهم، الأستاذ العلامة المحقق، والملاذ الفهامة المدقق، شيخ المشايخ وأستاذ الأساتذة سيدي الشيخ إبراهيم السقا الشافعي المتوفى سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين عن نحو التسعين سنة، وقد قضى هذا العمر المبارك الطويل في قراءة الدروس، حتى صار أكثر علماء العصر تلاميذه إما بالذات أو بالواسطة

لازمت دروسه رحمه الله تعالى ثلاث سنوات، وقرأت عليه شرحي التحرير والمنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري بحاشيتهما للشرقاوي والبجيرمي، وقد أجازني رحمه الله تعالى بإجازة فائقة وهي هذه بحروفها.

(بسم الله الرحمن الرحيم لك الحمد على مرسل آلائك و مرفوعها، ولك الشكر على مسلسل نعمائك وموضوعها، بحسن الإنشاء وصحيح الخبر، يا من تجيز من استجازك وافر الهبات، وتجير من استجارك واعر العقبات، فيغدو موقوفاً على مطالعة الأثر، ما بين مؤتلف الفضل ومتفقه، ومختلف العدل ومفترقه، جيد الفكر سليم الفطر، يجتنى بمنتج قياسه شريف الفوائد، ويجتبى بمبهج اقتباسه شريف الفرائد. ويحلى نفيس النفوس بعقود العقائد الغرر

فإن صادفه مديد الإمداد، وصادقه مزيد الإنجاد، وصفا مشربه الهني ولا كدر، ووجد درر الجواهر ويا نعم الوجادة، بادر عند ذلك بالاستفادة والإفادة، ولا أشر ولا بطر، فبذل المعروف وبدل المنكر، إذ ليس عنده إلا صحاح الجوهر، ما اعتنى وما اقتنى، غيرها عندما عثر، لا يزور ولا يدلس، ويطهر ولا يدنس، ولا يعاني الشرر، فيا مَنْ مَنَّ على هذا المنقطع الغريب

ومَنَََحه مِنْحة المتصل القريب، امنحني السلامة في داره ونجني من سقر، ومنك موصول صلات صلواتك ومقطوعها، وسلسل سلسبيل تسليماتك ومجموعها، على سندنا وسيدنا محمد سيد نوع البشر، وعلى آله وأصحابه، وحملة شريعته وأحبابه، ومن اقتفى أثرهم وعلى جهاد نفسه صبر.

أما بعد فلما كان الإسناد مزية عالية، وخصوصية لهذه الأمة غالية، درن الأمم الخالية اعتنى بطلبه الأئمة النبلاء أصحاب النظر، إذ الدعي غير المنسوب، والقصي غير المحسوب، وسليم البصيرة غير أعشى الفكر، ولما كان منهم الإمام الفاضل، والهمام الكامل، والجهبذ الأبر، اللوذعي الأريب، والألمعي الأديب، ولدنا الشيخ يوسف بن الشيخ إسماعيل النبهاني الشافعي أيده الله بالمعارف ونصر

طلب مني إجازة ليتصل بسند ساداتي سنده، ولا ينفصل عن مددهم مدده، وينتظم في سلك قد فاق غيره وبهر، فأجبته وإن لم أكن لذلك أهلاً، رجاء أن يفشو العلم وأنال من الله فضلاً، وأنجو في القيامة مما للكاتمين من الضرر، فقلت: أجزت ولدي المذكور بما تجوز لي روايته، أو تصح عني درايته، من كل حديث وأثر، ومن فروع وأصول، ومنقول ومعقول، وفنون اللطائف والعبر، كما أخذته عن الأفاضل السادة، الأكابر القادة، مسددي العزائم في استخراج الدرر،

منهم أستاذنا العلامة ولي الله المقرب، وملاذنا الفهامة الكبير ثعيلب، بوأه الله أسني مقر،

عن

شيخه الشهاب أحمد الملوي ذي التآليف المفيدة،

وعن

شيخه أحمد الجوهري الخالدي صاحب التصانيف الفريدة،

عن

شيخهما عبد الله بن سالم صاحب الثبت الذي اشتهر،

ومنهم شيخنا محمد بن محمود الجزائري

عن

شيخه علي بن عبد القادر بن الأمين،

عن

شيخه أحمد الجوهري المذكور الموصوف بالعرفان والتمكين،

عن

شيخه عبد الله بن سالم الذي ذكره غبر،

ومنهم الشيخ محمد صالح البخاري،

عن

شيخه رفيع الدين القندهاري،

عن

الشريف الإدريسي

عن

عبد الله بن سالم راوي أحاديث الأبر،

ومنهم سيدي محمد الأمير،

عن

والده الشيخ الكبير،

عن

أشياخه الذين حوي ذكرهم ثبته الشهير،

ومنهم غير هؤلاء، رحم الله الجميع ولي وللمجاز ولهم أكرم وغفر، وهؤلاء وغيرهم يروون عن جم غفير، وجمع كثير، كالشيخ الحفني والشيخ علي الصعيدي وغيرهما فمسانيدهم مسانيدي فما أكرمها من نسبة وأبر، وقد سمع مني المجاز كتباً عديدة، معتبرة مفيدة، كالتحرير والمنهج، وفقه الله لمحاسن ما به أمر، آمين، بجاه طه الأمين، في 18 رجب سنة ألف ومائتين وتسع وثمانين هجرية.
الفقير إليه سبحانه إبراهيم السقا الشافعي بالأزهر عفي عنه. )

ومن أشياخي المذكورين

سيدي الشيخ المعمر العلامة السيد محمد الدمنهوري الشافعي المتوفى سنة ألف ومائتين وست وثمانين عن نحو التسعين سنة،

وسيدي العلامة الشيخ إبراهيم الزرو الخليلي الشافعي المتوفى سنة ألف ومائتين وسبع وثمانين عن نحو السبعين،

وسيدي العلامة الشيخ أحمد الأجهوري الضرير الشافعي المتوفى سنة ألف ومائتين وثلاث وتسعين عن نحو الستين،

وسيدي العلامة الشيخ حسن العدوي المالكي المتوفى سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين عن نحو الثمانين،

وسيدي العلامة الشيخ السيد عبد الهادي نجا الأبياري المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وخمس وقد أناف على السبعين،

رحمهم الله أجمعين، وجمعني بهم في مستقر رحمته بجاه سيد المرسلين.

ومنهم وحيد مصر وفريد هذا العصر سيدي العلامة الشيخ شمس الدين محمد الأنبابي الشافعي شيخ جامع الأزهر الآن، لازمت دروسه سنتين في شرح الغاية لابن قاسم والخطيب وفي غيرهما،

وسيدي العلامة الشيخ عبد الرحمن الشربيني الشافعي،

وسيدي العلامة الشيخ عبد القادر الرافعي الحنفي الطرابلسي شيخ رواق الشوام،

وسيدي العلامة الشيخ يوسف البرقاوي الحنبلي شيخ رواق الحنابلة حفظهم الله، وأطال أعمارهم وأدام النفع بعلومهم.

ولي شيوخ غيرهم، منهم من هو موجود الآن، ومنهم من قد دخل في خبر كان، وكلهم علماء أعلام، جزاهم الله عني خيراً وجمعني بهم في دار الكرامة والسلام.