الصفحة الرئيسية » تراجم » الشيخ عبد الرزاق الحلبي

الشيخ عبد الرزاق الحلبي

من أعلام القراء بدشق سورية:

الشيخ عبد الرزاق الحلبي-حفظه الله-

بقلم تلميذه:محمد بن أحمد ححود التمسماني

الحمد لله المتفضل علينا بجليل نعمائه , والموهب لنا بعظيم إحسانه وآلائه , وصلاة ربي وسلامه على الذي نزّل القرآن على قلبه فأوصله إلى آله وأصحابه , فنقلوه كما أخذوه ولقنوه، فأجازوا به من رأوه أهلاً لقراءة القرآن وإقرائه , إلى أن وصل غضّاً طريّاً إلى أهله وأحبابه.

جزى الله بالخيرات عنا أئمة لنا نقلوا القرآن عذباً وسلسلا
فكان من بين هؤلاء الأئمة الأعلام , والمجازين في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، شيخنا الفاضل الشيخ المقرئ عبد الرزاق الحلبي حفظه الله.

اسمه ومولده:
هو العلامة الهمام الفقيه المقرئ المتمكن المشارك عبد الرزاق بن محمد حسن بن رشيد بن حسن الحلبي الأصل الدمشقي المولد والمنشأ والإقامة الحنفي حفظه الله تعالى.

ولد بدمشق في عام (1343هـ/ 1925م) في دار والده بالقيمرية.

نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الشيخ عبدالرزاق في بيت دين وعلم، فوالده من طلاب العلم الملتزمين بمجالس العلماء.
ووالدته ابنة مفتي الشام الشيخ العلامة محمد عطا الكسم رحمه الله. توفي والده صغيراً وعمره لما يتجاوز الثامنة، فكفلته أمه وعمه محمد عيد الحلبي رحمه الله، وقرأ القرآن الكريم وختمه وهو في السابعة من عمره, ثمَّ دخل الابتدائية ونالها (1937م) فكان الأول في صفه، بعد ذلك دخل التجهيز فمكث فيها سنتين تقريباً, ثمَّ ترك الدراسة والتحق بالعمل الدنيوي, ثم أصبح مديراً للعمل من عام (1939-1952 م) , وكان خلالها يحضر مجالس العلم. ومرّ بمسجد بني أميّة فرأى الشيخ محمد صالح الفرفور يدرّس فيه , فلازم مجالسه إلى أن توفاه الله تعالى.

في سنة (1955م) تزوج من آل الزبيب بدمشق، ورزق بسبعة أولاد، وقد حفظه الله تعالى بهم فهم من ذوي الشهادات العلمية ذكوراً وإناثاً.

واعتنى الشيخ بتحصيل العلم والأخذ عن المشايخ، فدرس الفقه والحديث واللغة والقراءات وغير ذلك من العلوم الشرعية، فحفظ القرآن الكريم ومتن الشاطبية والدرة وجمع القراءات العشر من طريقيهما، وقرأ عدداً من التفاسير وكتب السنة والفقه واللغة وشروحها، وحفظ ألفية ابن مالك وغيرها من المتون.

والشيخ عبدالرزاق ملمٌّ باللغة التركية واللغة الفرنسية ، مع لغته الأم العربية.كما أنه حجَّ بيت الله الحرام بضعاً وأربعين حجة.

شيوخه ومجيزوه:

تأثر الشيخ عبد الرزاق بعلماء عصره وأحوالهم مع الله , فرزقه الله تعالى الالتزام بمجالسهم , والنهل من علومهم ومنهم:

1- الشيخ العلامة المقرئ محمود فايز الديرعطاني، فقد حفظ عليه القرآن كما حفظ عنده متن الشاطبية.

2- الشيخ الدكتور محمد سعيد الحلواني ، الذي بدأ بجمع القراءات عليه فحصّل أغلب القراءات عليه فتوفي الشيخ ولم يتم عليه.

3- الشيخ المقرئ شيخ قراء الشام حسين بن رضا خطاب ، الذي أتم عليه الجمع بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وأجازه بذلك.

4- الشيخ العلامة المتفنن محمد صالح الفرفور , ويعد الشيخ صالح شيخه الخاص الذي أخذ عليه معظم علوم اللغة والشريعة , ومنذ رآه أحب درسه ولازمه طوال حياته، وكان إذا غاب ناب محله حتى عين مدرساً بالفتوى سنة (1958م) فقرأ عليه تفسير النسفي، وشرح مسلم، للإمام النووي، والترغيب والترهيب، ونور الإيضاح والمراقي، وحاشية الطحطاوي عليهما، والقدوري، وشرحه , ومجمع الأنهر , والدر المختار , وحاشية ابن عابدين ، والمنار وشروحه , والبيقونية وشروحها، وتدريب الراوي، وبعد أن قرأ الألفية على الشيخ واسمعها له كافأه الشيخ صالح على عادته فلم يترك علماً إلاّ سهله عليه.

5- الشيخ العلامة الدكتور أبو اليسر عابدين فقد أجازه إجازة عامة.

6- الشيخ أحمد القاسمي الذي نال منه إجازة علمية.

7- الشيخ الفقيه محمد العربي العزوزي الإدريسي الحسني الذي أجازه بما يحويه ثبته: إتحاف ذوي العناية.

8- الشيخ العلامة محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني فقد أجازه إجازة عامة. وغيرهم ممن حظي بمعرفتهم ونصحهم كالشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ مكي الكتاني والشيخ إبراهيم الغلاييني رحمهم الله .

تلاميذه:

تولى الشيخ تعليم المسلمين عامة وطلبة العلم مدة طويلة زادت على خمسين سنة , خرّج خلالها المئات من طلبة العلم الشريف، وحفظة كتاب الله ، وحاملي لواء الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، ونفع الله بعلمه ، وألقى في قلوب الناس محبته ، وكتب له القبول في الأرض ، ومن تلاميذه:

1- الشيخ إحسان السيد حسن.

2- الشيخ محمد بدر الدين بن عزت الأغواني.

3- الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الخجا .

4- الشيخ غسان بن قاسم الهبا .

5- الشيخ زياد بن محمد الحوراني .

6- الشيخ رفعت علي ديب.

7- الشيخ محمد صادقة.

سبعتهم جمعوا عليه القراءات العشر الصغرى وأجيزوا منه.

8- الشيخ أبو نعيم محمد بن أحمد شابو، قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم.

9- كاتب هذه السطور:أبو الفضل محمد بن أحمد ححود التمسماني: قرأ عليه ختمة كاملة برواية ورش عن نافع كما قرأ عليه الأربعين العجلونية وأجازه بكل ذلك.

كما أن الشيخ عبد الرزاق الحلبي – حفظه الله- أجاز لبعض تلاميذه إجازة عامة نذكر منهم:

10-الشيخ الفقيه محمد أديب الكلاس الحنفي الدمشقي.

11- الشيخ الدكتور أكرم بن عبد الوهاب الشافعي الموصلي.

12ـ الشيخ المحقق: مجد بن أحمد مكي الحلبي.

13ـ الشيخ الدكتور المحقق: قاسم بن علي سعد الحنفي.

14-الشيخ محمد وائل الحنبلي .

15- الشيخ عبد الله بن أحمد التوم .

16- الشيخ أبو الإسعاد خالد السباعي.

17- الشيخ عمر بن موفق النشوقاتي.

18- الشيخ الدكتور يحيى بن عبد الرزاق الغوثاني.

19- الشيخ المقرئ خالد حسن أبو الجود البورسعيدي.

وغيرهم كثير.

نشاطات الشيخ:

بدأ التدريس في جامع الفتح الإسلامي وقسم التخصص فيه، فكان جلّ تعليمه في هذين المكانين الشريفين, فقد أفنى فيهما حياته إرشاداً وتعليماً وإفتاءً وإدارة، وهو فيهما المرجع الأول والأخير لطلبة العلم والعامة. وقد درّس فيهما كتباً كثيرة منها : صحيح البخاري ومختصره، والشفاء للقاضي عياض، وحاشية ابن عابدين (أكثر من ثلاث مرات)، والقرطبي مرتين، والاختيار، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، والنسفي (أكثر من مرة)، وتفسير الخازن، وإحياء علوم الدين، ورياض الصالحين، وسنن أبي داوود، وجامع الأصول، وغير ذلك من أمهات الكتب التي وعاها الشيخ وتمكن من عباراتها وسهل لطلابه فهم معانيها.

وعُيّن خطيباً بعدة مساجد : في جامع القطط مدة 15 سنة، وفي جامع الجورة مدة 24 سنة، ثمَّ في مسجد الصحابي سيدنا بلال.

وتولى إدارة الجامع الأموي وهو مديره إلى يومنا هذا , وهو إمام الحنفية فيه. وحين توفي شيخ القراء الشيخ حسين خطاب نودي عليه شيخاً للقراء من على منبر الأموي لكنه قام خطيباً وتنازل عنها للشيخ محمد كريّم راجح حفظهم الله.

كما كان عضواً مؤسساً في جمعية الفتح الإسلامية مع الشيخ محمد صالح الفرفور، ثمَّ ترأس هذه الجمعية بعد وفاة الشيخ.

وزار عدداً من البلدان منها مصر وليبيا وإيران وماليزيا وتركيا والخليج العربي والكويت والسعودية، وفي كل البلدان كانت له مواعظ وخطب أفادت خلقاً كثيرين.

أخلاقه وشمائله:
جمع الشيخ إلى علمه الغزير صفات الصالحين , فهو صاحب علم وصلاح وتواضع، يعرف ذلك من خالطه وجالسه،لم يعلق قلبه بالدنيا , يبذل الصدقات , ويطرق أبواب الخير , ملتزماً بالسنة المطهرة , سليم الصدر لا يحمل في قلبه على أحد ولو أوذي , حسن الظن بالناس , يعامل الناس كلاًّ بما يليق به ويناسبه , حكيم يضع الأمور في مواضعها , ويعطي كل مجلس حقه، ويكثر التودد للناس كافة، ويدخل السرور إلى قلوبهم , ويهتم بأمورهم رغم الإكثار من طلباتهم , فهو مقدّر ومحترم من كل فئات وطبقات البلد , وأحبه من حوله , فكانت صدورهم تنشرح إلى لقائه وملازمته والاستماع إلى حديثه , حفظه الله من كل سوء , أدام الله عزّه ونفع به،وبارك لنا في عمره وعلمه، إنه سميع قريب مجيب.

كان هذا المقال قبل وفاة الشيخ رحمه الله

ننعي إلى الأمة الإسلامة العلامة الجليل أستاذنا الشيخ عبد الرزاق الحلبي الذي انتقل إلى رحمة الله فجر يوم السبت 12 ربيع الأول 1433 هـ الموافق 4 فبراير 2012م عن عمر ناهز الـ 87 عاماً فالشيخ – – من مواليد دمشق في شعبان سنة 1343ه – 1925م. صلي عليه عقب صلاة ظهر اليوم في جامع الثناء في حي العدوي بدمشق جوار بيته، ثم ووري الثرى في مقبرة الدحداح.