الصفحة الرئيسية » كتب للقراءة والتحميل » الوجيز في أصول التشريع الإسلامي » طريقة المتكلمين وطريقة الفقهاء وأهم الكتب التي ألِّفت لكلا الطريقتين والتي جمعت بينها

طريقة المتكلمين وطريقة الفقهاء وأهم الكتب التي ألِّفت لكلا الطريقتين والتي جمعت بينها

مقدمة

قبل الخوض في تعريف الأصول، والكلام على أبحاثه، يجدر بنا أن نلم إلمامة سريعة بتاريخه، وطريقة الكتابة فيه، وأهم المؤلفات التي ألفت في هذا الفن(1).

لم يكن الأصول على وضعه الحالي معروفا في الصدر الأول من الإسلام، إذ لم يكن الصحابة بحاجة إلى القواعد التي ندرسها فيه نحن هذه الأيام، بل كانوا يعرفونها بسليقتهم العربية الأصلية السليمة. فكما كانوا يعرفون أن الفاعل مرفوع بالسليقة، كانوا يعرفون أن ( ما ) تفيد العموم المستغرق لإفراد ما دخلت عليه، وأنها تستعمل في غير العاقل حقيقة، وفي العاقل مجازاً، وأن ( من ) للعموم أيضا وأنها تستعمل في العاقل حقيقة، وفي غيره مجازاً، أن ( عشرة ) من قبيل الخاص، وأنها قطعية الدلالة على مسماها، إلى غير ذلك من المسائل الأصولية التي تتوقف على العربية، وأما ما كان يحتاج إلى البيان أو التفصيل، فكانوا يرجعون فيه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فيسألونه عنه، ولذلك لم يكونوا بحاجة إلى الخوض في تعقيد القواعد، وتأصيل الأصول، وتدوين المسائل .

ولما اتسعت رقعة الإسلام واختلط فيه العرب بغيرهم من الأمم المختلفة التي دخلت فيه، وضعفت الملكات، وتعددت المسالك، وتفرقت السبل، كان لا بد للعلماء، من تدوين العلوم الدينية فروعا وأصولاً، للحفاظ على الشريعة، والإبقاء على دوامها واستمرارها، فشرعوا في وضع القوانين التي بواسطتها يمكن لهم أن يستنبطوا الأحكام الشرعية، ويدونوا الفروع الفقهية، بقواعد مضبوطة، وأصول معروفة، وسموا هذه القواعد بـ ( أصول الفقه ).

قال ابن خلدون في ( مقدمته ) :

( واعلم أن هذا الفن من الفنون المستحدثة في الملة، وكان السلف في غنية عنه، بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيد مما عندهم من الملكة اللسانية، وأما القوانين التي يحتاج اليها في استفادة الأحكام خصوصا، فمنهم أخذ معظمها، وأما الأسانيد، فلم يكونوا بحاجة إلى النظر فيها، لقرب العصر وممارسة النقلة وخبرتهم، فلما انقرض السلف، وذهب العصر الأول، وانقلبت العلوم كلها صناعة، احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه القوانين والقواعد، لاستفادة الأحكام من الأدلة، فكتبوها فناً قائماً بذاته سموه ( أصول الفقه ) أ . هـ .

وكان أول من كتب فيه ودون، وحرر وأصل، إمامنا المطلبي ،محمد بن إدريس الشافعي، وذلك عندما أدرك خطر النزاع الذي نشأ بين أهل الحجاز وأهل العراق، أو بين أهل الحديث وأهل الرأي .

فلقد كان أهل الرأي على جانب عظيم من قوة البحث والنظرة، وإن كانوا على قلة من رواية الحديث والأثر، لشيوع الوضع في العراق، وانتشار الزندقة فيه، فكانوا يحتاطون في الرواية، ويعتنون باستنباط المعاني من النصوص لبناء الأحكام عليها، فأكثروا من القياس، ومهروا فيه، وقدموه على الحديث الصحيح إذا خالفه من كل وجه، وكذلك ردوا الحديث إذا كان في واقعة مما تعم بها البلوى، إلى غير ذلك من الأمور التي لا يقرهم عليها علماء الحديث وأهله، ومن ثم أسرفوا في الطعن على أهل الحديث ومنهجهم، وانتقصوا من قدرهم وقيمتهم، وعابوا عليهم الإكثار من الرواية، التي هي مظنة لقلة التدبر والتفهم .

وكان أهل الحديث على كثرة روايتهم، وحفظهم للحديث ومتنه، ودرايتهم برجاله وسنده، على جانب من الخمول والكسل عاجزين عن الجدال والنظر.

قال الإمام فخر الدين الرازي في ( مناقب الشافعي ) :

( أما أصحاب الحديث فكانوا حافظين لأخبار رسول الله ـ r ـ، إلا أنهم كانوا عاجزين عن الجدال والنظر، وكلما أورد عليهم أحد من أصحاب الرأي سؤالاً أو إشكالا، أسقطوا في أيديهم عاجزين متحيرين ) أ . هـ . غير قادرين على الرد على خصومهم والانتصار لطريقتهم.

وكانوا يعيبون على أهل الرأي طريقتهم، ويرمونهم بأنهم يأخذون بالظن في دينهم، يقدمون القياس الجلي على خبر الواحد، ويردون الحديث إن خالف القياس.

وظهر المتعصبون من كلا الفريقين، فاشتد الخلاف، واحتدم النزاع، وأخذ كل فريق ينتصر لطريقته، ويدافع عن مذهبه، بكل ما أوتيه من حجة، وأسرفوا في الغلو بعضهم على بعض .

إلى أن جاء حبر الملة، وعلم الأمة، الإمام القرشي، محمد بن إدريس الشافعي ـ رضي الله عنه ـ وكان قد رزقه الله معرفة بكتابه الكريم، وإحاطة بسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم، مطلعا على مسالك الرأي وطرقه، متمرساً بالبيان وفنونه، مع عقل ثاقب ورأى صائب، وحجة بالغة، ومكانة علية، فنظر إلى هذا الخلاف المحتدم، ورأى عجز أهل الحديث وضعفهم، وغلو أهل الرأي وتعصبهم، فوضع كتابه المسمى بـ ( الرسالة ) جامعاً بين الحديث والرأي، مبينا للناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والعام الذي أريد به الخاص، والظاهر الذي أريد به غير ظاهره، وتكلم فيه على حجية أخبار الآحاد وتقديمها، ومنزلة السنة ومكانتها، وتكلم على القياس، والإجماع والاجتهاد، وشروط المفتي في دين الله، إلى غير ذلك من المباحث الأصولية التي حررها ودونها .

فكانت هذه الرسالة بمثابة القانون القويم، الذي يعول عليه، ويحتكم إليه، والذي خفف من أثر النزاع بعد أن علم كلا الفريقين القواعد التي يجب عليهم أن يلتزموها، ويسيروا على نهجها، وصاروا على بينة مما يدافعون به عن مذاهبهم وآرائهم .

وكذلك صنف الشافعي كتبا أخرى، ككتاب ( إبطال الاستحسان ) الذي رد به على من كانوا يقولون بالاستحسان الذي لا يستند إلى دليل وقال كلمته المشهورة: ( من استحسن فقد شرع ) فأبطل التشريع بالتشهي والهوى.

وكتاب اختلاف الحديث، الذي وفق فيه بين الأحاديث المتعارضة في ظاهرها، وكان أول كتاب يصنف أيضا في بابه.

وكتاب جماع العلم الذي عقده خصيصاً من أجل بيان حجية خبر الواحد، ووجوب العمل به، والرد على من أنكره.

ومن أجل ذلك لقب الشافعي بـ ( ناصر الحديث ) لكثرة دفاعه عنه وانتصاره له.

نقل أبو زرعة الرازي، عن سعيد بن عمر البردعي انه قال : ( وردت الري، فدخلت على أبي زرعة، فقلت : يا أبا زرعة، سمعت حميد بن الربيع يقول : سمعت احمد بن حنبل يقول : ما علمت أحدا أعظم منة على الإسلام في زمن الشافعي من الشافعي، فقال : أبو زرعة صدق احمد، ولا أحدا أدرأ عن سنن رسول الله ـ r ـ من الشافعي، ولا أحدا أكشف لسؤات القوم مثل ما كشف الشافعي أ . هـ .

وقال احمد بن حنبل ( لولا الشافعي ما عرفنا فقه الحديث ) .

وقال: كانت أقضيتنا في أيدي أصحاب أبي حنيفة ما تنزع، حتى رأينا الشافعي، فكان أفقه الناس في كتاب الله وسنة رسول الله.

وقال أبو حاتم الرازي : ( لولا الشافعي لكان أصحاب الحديث في عمى ).

وقال الإمام بدر الدين الزركشي في مقدمة كتابه ( البحر المحيط ) ( وقد أشار المصطفى عليه الصلاة والسلام في جوامع كلمه إليه ـ أي إلى علم الأصول ـ ونبه أرباب اللسان عليه، فصدر في الصدر الأول منه جملة سنية ورموز خفية، حتى جاء الإمام المجتهد الشافعي ـ رضي الله عنه ـ واهتدى بمناره، ومشى إلى ضوء ناره، فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد، وجاهد في تحصيل هذا ا لفرض حق الجهاد، وأظهر دفائنه وكنوزه، وأوضح إشاراته ورموزه، وأبرز مخبآته، وكانت مستورة، وأبرزها في أكمل معنى وأجمل صورة، حتى نور بعلم الأصول دجى الآفاق، وأعاد سوقه بعد الكساد إلى نفاق ) أ . هـ .

فكانت رسالة الشافعي هي أول كتاب صنف في أصول الفقه على وجه الأرض، ومن ثم توالى الأئمة على شرحها، والاستضاءة بنورها، والاقتداء بهديها، وأصبح علم الأصول علماً مستقلاً، رتبت أبوابه، وحررت مسائله، ودققت مباحثه، وصار شرطاً لكل مجتهد أن يتحقق به ويتمرس بقواعده ومسائله .

فألفت فيه المؤلفات، وحررت المصنفات، وتشعبت طرق الباحثين فيه إلى طريقتين:

الطريقة الأولى: وهي التي تعرف بطريقة المتكلمين، وهم الشافعية والجمهور.

الطريقة الثانية: وهي التي تعرف بطريقة الفقهاء، وهم الحنفية.

1. طريقة المتكلمين:

وهي التي كان يهتم أصحابها بتحرير المسائل، وتقرير القواعد، وإقامة الأدلة عليها، وكانوا يميلون إلى الاستدلال العقلي ما أمكن، مجردين للمسائل الأصولية عن الفروع الفقهية، غير ملتفتين إليها، لأنها هي التي يجب أن تخضع للقواعد الأصولية، ولا تخرج عنها إلا بدليل منفصل شأنهم في ذلك شأن علماء الكلام، وعلى الجملة فالأصول عندهم فن مستقل يبنى عليه الفقه، فلا حاجة للمزج بين الفنين، والجمع بين العلمين .

2. طريقة الفقهاء :

وهي أمس بالفقه، وأليق بالفروع تقرر القواعد الأصولية على مقتضى ما نقل من الفروع عن أئمتهم، زاعمة أنها هي القواعد التي لاحظها أولئك الأئمة عندما فرعوا تلك الفروع، حتى إذا ما وجدوا قاعدة تتعارض مع بعض الفروع الفقهية المقررة في المذهب، عمدوا إلى تعديلها بما لا يتعارض مع تلك الفروع، أو استثناء هذه الفروع من تلك القاعدة.

وإن نظرة سريعة خاطفة على كتب الحنفية في الأصول، كأصول البزدوي، أو السرخسي، أو الجصاص، أو غيرهم من المتقدمين، والمتأخرين، لكفيلة بإثبات ما نقول .

ولولا خشية الإسهاب فيما لم أعقد له هذا الباب، لأطنبت في نقل الفقرات من أصولهم كشاهد على ما قلناه، على أنه مسلم، لا حاجة فيه للنقاش، والجدال، وهم لا يخاصمون فيه.

قال ابن خلدون في ( مقدمته ): ( إلا أن كتابة الفقهاء فيه أمس بالفقه، وأليق بالفروع لكثرة الأمثلة منها، وبناء المسائل فيها على النكت الفقهية ).

وقال : ( فكان لفقهاء الأحناف فيها اليد الطولى من الغوص على النكت الفقهية، والتقاط هذه القوانين من مسائل الفقه ما أمكن ) .

أهم ما صنفه المتكلمون :

قد ذكرت قبل قليل أن الشافعي ـ رضي الله عنه ـ هو أول من دون أصول الفقه، وأسس هذا الفن، فصنف كتابه المشهور ( الرسالة ) ومن ثم أخذ العلماء بالتصنيف في هذا الفن، والترتيب لأبوابه، والتهذيب لمسائلة، والتحقيق لمباحثه، حتى وصل إلى قمة مجده في القرن الخامس الهجري، حيث صنفت فيه أهم المصنفات التي أصبحت ولا زالت من أهم المراجع الأصولية على وجه الأرض، منها الاقتباس، وعليها المعول .

وكان من صنف بعد الإمام الشافعي منهم من يصنف في بحث من بحوث الأصول، ومنهم من يدون الورقات القليلة فيه، حتى وصل إلى ما وصل اليه في القرن الخامس .

قال الإمام بدر الدين الزركشي :

( وجاء من بعدهم ـ أي الشافعي والصدر الأول ـ فبينوا وأوضحوا، وضبطوا وشرحوا، حتى جاء القاضيان، قاضي السنة أبو بكر بن الطيب، وقاضي المعتزلة عبد الجبار، فوسعا العبارات وفكا الإشارات، وبينا الإجمال، ورفعا الإشكال، واقتنع الناس بآثارهم، وساروا على أخذ نارهم، فحرروا وقرروا، وصوبوا وصوروا فجزاهم الله خير الجزاء ومنحهم كل مسرة وهناء ) أ. هـ .

واليك أهم ما صنفه المتكلمون :

1) أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ( م . 204 هـ ) :

وقد ألف كتابه المشهور ( الرسالة ) وهي أول ما دون في هذا الفن، وقد شرحها خمسة من كبار أئمة الشافعية. سنذكرهم حسب وفاتهم فيما يأتي:

‌أ- الإمام أبو بكر الصيرفي، محمد بن عبدالله م . 330 هـ .

‌ب- وأبو الوليد النيسابوري، حسان بن محمد م . 349 هـ .

‌ج- والقفال الشاشي الكبير، محمد بن علي بن إسماعيل م . 365 هـ .

‌د- وأبو بكر الجوزقي ، محمد بن عبدالله الشيباني م . 388 هـ .

‌ه- وأبو محمد الجويني، والد امام الحرمين، عبدالله بن يوسف م . 438 هـ .

كما ألف الشافعي كتبا أخرى في هذا الفن.

ككتاب إبطال الاستحسان.

وكتاب جماع العلم.

وكتاب اختلاف الحديث.

وكتاب القياس.

2) أحمد بن عمر بن سريج، أبو العباس ( م .630 هـ ) :

من كبار أئمة الشافعية، وكان يلقب بالباز الأشهب، والأسد الضاري، وله في الأصول مصنفات منها : الرد على ابن داود في إبطال القياس .

3) محمد بن ابراهيم بن المنذر، أبو بكر ( م . 306 هـ ) :

صنف في الأصول مصنفات منها : كتاب إثبات القياس.

4) أبو الحسن الأشعري، علي بن إسماعيل ( م . 324 هـ ) :

صنف في الأصول كتبا منها :

‌أ- إثبات القياس.

‌ب- اختلاف الناس في الأسماء والأحكام والخاص والعام.

5) أبو بكر الصيرفي، محمد بن عبدالله ( م . 330 هـ ) :

كان يقال : انه اعلم خلق الله بالأصول بعد الشافعي، قال ابن خلكان : أن له في أصول الفقه كتابا لم يسبق إلى مثله، ومن مصنفاته في هذا الفن :

‌أ- شرح رسالة الإمام الشافعي في أصول الفقه .

‌ب- البيان في دلائل الأعلام على أصول الأحكام .

‌ج- كتاب الاجماع .

6) القاضي أبو الفرج المالكي، عمر بن محمد ( م . 331 هـ ) :

له في الأصول : اللمع .

7) محمد بن سعيد القاضي الشافعي، أبو احمد الخوارزمي ( م. 343 هـ ) :

8) صنف في أصوله الفقه : الهداية : وهو كتاب حسن نافع، كان علماء خوارزم يتداولونه وينتفعون به .

9) بكر بن محمد بن العلاء القشيري ( م . 344 هـ ) :

وهو مالكي، له مصنفات في الأصول وهي :

‌أ- كتاب القياس.

‌ب- كتاب أصول الفقه .

‌ج- مأخذ الأصول .

10) أبو الوليد النيسابوري، حسان بن محمد ( م . 349 هـ ) :

من مصنفاته : شرح رسالة الإمام الشافعي .

11) أبو حامد المروروذي، احمد بن بشر بن عامر ( م . 362 هـ ) :

له في الأصول : الإشراف على الأصول .

12) أبو بكر القفال الشاشي الكبير، محمد بن علي بن اسماعيل

( م . 365 هـ ) :

وقد ألف في الأصول :

‌أ- شرح الرسالة للإمام الشافعي .

‌ب- كتاب في الأصول . ( بدون اسم ) .

12) أبو بكر الأبهري المالكي، محمد بن عبدالله ( 375 هـ ) :

صنف في الأصول :

‌أ- كتاب في الأصول . ( بدون اسم ) .

‌ب- إجماع أهل المدينة.

13) أبو بكر الجوزقي، محمد بن عبدالله الشيباني ( م . 388 هـ ) :

صنف في أصول الفقه شرح الرسالة للإمام الشافعي .

14) القاضي أبو بكر الباقلاني، محمد بن الطيب ( م . 403 هـ ) :

وتعتبر كتبه من أهم ما صنف في أصول الفقه حتى العصر الذي عاش فيه، بل من أهم ما صنف في الأصول مطلقا، ومن كتبه وكتب القاضي عبدالجبار استمد معظم من أتى بعده من الأصوليين، كما قدمناه قبل قليل عن الزركشي، ومن مصنفاته في الأصول :

‌أ- التقريب والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد: وقد اختصره في كتاب الإرشاد المتوسط، والإرشاد الصغير، قال ابن ألسبكي: وهو أجل كتب الأصول، والذي بين أيدينا منه هو المختصر الصغير ويبلغ أربعة مجلدات، ويحكى أن أصله كان في اثني عشر مجلدا، ولم نطلع عليه، وكذلك اختصره إمام الحرمين ( م. 478 هـ ) وسماه التلخيص .

‌ب- أمالي إجماع أهل المدينة .

‌ج- التمهيد في أصول الفقه .

‌د- المقنع في أصول الفقه .

15) القاضي عبدالجبار بن أحمد الهمداني، المعتزلي، قاضي القضاة

( م . 415 هـ ) :

وله في أصول الفقه مصنفات جليلة مفيدة، وكبت نفيسة نافعة، وقد أسلفنا أن كتبه وكتب الباقلاني هي العمدة في هذا الفن، ومن مصنفاته .

‌أ- العمد، وقد شرحه أبو الحسين البصري في ( المعتمد ) وسيأتي .

‌ب- الشرعيات: وهي الجزء السابع عشر من المغنى الكتاب الجامع الكبير المشهور، وقد طبع في القاهرة مع المغنى.

16) أبو منصور البغدادي، عبدالقادر بن طاهر ( م . 429 هـ ) :

له في الأصول آراء سديدة، ومصنفات عديدة، منها:

‌أ- الفصل في أصول الفقه .

‌ب- التحصيل في أصول الفقه .

17) أبو الحسين البصيري، محمد بن علي الطيب ( م . 436 هـ ) :

أحد أئمة المعتزلة، له تصانيف كثيرة، وآثاره في الأصول معروفة وكلماته مدونة، من تصانيفه الأصولية :

‌أ- المعتمد في أصول الفقه : شرح به العمد للقاضي عبدالجبار الهمذاني، وهو احد أركان الأصول التي اعتمدها الرازي والآمدي .

‌ب- مختصر المعتمد.

18) أبو محمد الجويني، عبدالله بن يوسف ( م . 438 هـ ) :

وهو والد إمام الحرمين، له في الأصول ( شرح الرسالة ) للإمام الشافعي .

19) القاضي أبو يعلى الفراء، محمد بن الحسين ( م . 458 هـ ) :

حنبلي، له في الأصول مصنفات منها:

‌أ- العدة.

‌ب- مختصر العدة .

‌ج- الكفاية.

‌د- مختصر الكفاية .

20) أبو الوليد الباجي، سليمان بن خلف المالكي ( م . 474 هـ ) :

له في الأصول :

أحكام الفصول في أحكام الأصول .

21) الشيخ الإمام أبو اسحق، ابراهيم بن علي الشيرازي ( م . 476 هـ ) :

وله في الأصول :

‌أ- التبصرة .

‌ب- اللمع .

‌ج- شرح اللمع .

22) أبو نصر احمد بن جعفر بن الصباغ ( م. 477 هـ ) :

وله في الأصول :

عدة العالم والطريق السالم .

23) إمام الحرمين الجويني ( م . 478 هـ ) :

وقد ألف في هذا الفن أهم الكتب وأشهرها وهي:

‌أ- البرهان : قال الإمام ابن السبكي : لا أعرف في أصول الفقه أجل ولا أفحل من ( برهان ) إمام الحرمين .

وله عدة شروح :

الأول : أبو عبدالله المازري المالكي ( م . 534 ) واسماه ( إيضاح المحصول من برهان الأصول ) .

الثاني : أبو الحسن بن الابياري المالكي ( م . 614 هـ ) .

الثالث : الشريف أبو يحيى زكريا بن يحي الحسني المغربي، جمع بين كلامي المازري، والابياري، وزاد عليهما .

24) الإمام أبو الطيب الطبري، طاهر بن عبد الله ( م . 450 هـ ) .

وله في الأصول : شرح الكفاية .

25) أبو المظفر بن السمعاني، منصور بن محمد ( م . 489 هـ )

وله في الأصول أنفع كتاب واجله وهو: ( القواطع في أصول الفقه ).

26) حجة الإسلام، أبو حامد، محمد بن محمد الغزالي ( م . 505 هـ ) :

وله عدة كتب في الأصول منها :

‌أ- المستصفى من علم الأصول .

‌ب- المنخول من تعليقات الأصول .

‌ج- شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل.

27) الإمام بدر الدين الزركشي ( م . 794 ) :

وله الكتاب المشهور ( البحر المحيط ) والذي يعتبر من نفيس ما صنف في هذا الفن.

وهناك كتب أخرى كثيرة لا داعي للإطالة بذكرها، وما ذكرناه فيه الكفاية.

وقد انتهى مجموع هذه الكتب إلى أربعة كتب، عليها المعول واليها المرجع والمآل.

وكان كل ما بعدها مقتبسا منها، ومعتمداً عليها، وهي:

1. العمد : للقاضي عبدالجبار ( م . 415 هـ ) .

2. المعتمد : لأبي الحسين البصري ( م . 436 هـ ) .

3. البرهان: لإمام الحرمين ( م. 478 هـ ) .

4. المستصفى : للإمام الغزالي ( م . 505 هـ ) .

فقد قام بجمعها وتلخيصها الإمام فخر الدين الرازي ( م . 606 هـ ) في كتابه ( المحصول ) .

والإمام سيف الدين الآمدي ( م . 631 هـ ) في كتابه المسمى بـ ( الإحكام في أصول الأحكام ) .

ومن ثم توالت الشروح والاختصارات لهذين الكتابين العظيمين .

أما المحصول فقد شرحه:

1. شهاب الدين القرافي ( م . 684 هـ ) .

2. شمس الدين الاصبهاني ( م . 688 هـ ) .

واختصره كل من :

1. الإمام سراج الدين الأرموي ( م . 672 هـ ) في كتابه ( التحصيل ) .

2. الإمام تاج الدين الأرموي ( م . 656 ) في كتابه ( الحاصل ) .

3. الإمام شهاب الدين القرافي ( م . 684 ) لخص منه كتابا سماه ( التنقيحات) .

وقام القاضي عبدالله بن عمر البيضاوي ( م . 685 هـ ) باختصار المحصول، في كتابه ( المنهاج ).

وقد توالت الشروح على منهاج البيضاوي فشرحه خلق كثير نذكر منهم:

1. الإمام جمال الدين الأسنوي ( م . 772 هـ ) في كتاب سماه ( نهاية السول في شرح منهاج الأصول ) .

2. الإمام تقي الدين السبكي ( م . 756 هـ ) في كتاب سماه ( الإبهاج بشرح المنهاج ) وصل فيه إلى مقدمة الواجب، ومن ثم أتم شرحه ابنه الإمام تاج الدين السبكي ( م . 771 هـ ) .

3. الإمام محمد بن الحسن البدخشي في كتاب سماه ( منهاج العقول في شرح منهاج الأصول ) .

ونظمه الشيخ شمس الدين عبدالرحيم بن حسين العراقي ( م . 806 هـ ) .

وله شروح أخرى لن أطيل بذكرها .

أما كتاب الآمدي ( الإحكام في أصول الأحكام ) فقد اختصره هو في كتاب سماه ( منتهى السول ) .

وكذلك اختصر الإمام أبو عمر عثمان بن عمرو المعروف بابن الحاجب ( م . 646 ) في كتاب سماه ( منتهى السول والأمل، في علمي الأصول والجدل ) .

ثم اختصر ( المنتهى ) في كتاب سماه ( مختصر المنتهى ) وهو الذي أكب عليه طلبة العلم، واعتنوا به درساً وحفظاً وشرحاً، فشرحه خلق كثير، وسأذكر على سبيل المثال:

شرح العلامة عضد الدين الايجي ( م . 756 ) وعليه حاشية لسعد الدين التفتازاني . وهو شرح مختصر دقيق .

وشرح الإمام تاج الدين السبكي ( م . 771 ) المسمى ( برفع الحاجب عن ابن الحاجب ) وهو شرح في غاية النفاسة والتحقيق، يقع في مجلدين كبيرين . وقد هداني الله لنسخة أثناء إقامتي في مصر، وأرجو أن يسهل لي سبل تحقيقه ونشره .

وشرح العلامة قطب الدين، محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي، الشافعي المعروف بالعلامة ويقع في مجلدين كثيرين أيضا.

وشرح العلامة شمس الدين محمود بن عبدالرحمن الاصفهاني ( م . 749 ) ويقع في مجلد واحد .

وغيرها من الشروح الكثيرة التي لا داعي لذكرها .

أما أهم الكتب التي صنفت على طريقة الفقهاء فهي:

1. مآخذ الشرائع للإمام أبي منصور الماتريدي ( م . 330 ) .

2. كتاب في الأصول للإمام الكرخي ( م . 340 ) .

3. أصول الجصاص للإمام أبي بكر احمد بن علي الجصاص الرازي (م . 370).

4. تقويم الأدلة لأبي زيد الدبوسي ( م . 430 ) .

5. تأسيس النظر للدبوسي أيضاً .

6. كتاب الإمام فخر الإسلام البزدوي ( م . 483 ) وهو كتاب جامع للمسائل الأصولية، وله عناية خاصة بالتطبيق على الفروع الفقهية، وعليه شرح يسمى كشف الأسرار لعبدالعزيز البخاري ( م . 730 ) .

7. أصول السرخي : للإمام أبي بكر محمد بن احمد السر خسي ( م . 490 ).

8. ومن المتأخرين الإمام أبو البركات عبدالله بن احمد المعروف بحافظ الدين النسفي ( م . 710 ) صنف كتابه المسمى ( بالمنار ) وعليه عدة شروح .

وهناك كتب أخرى كثيرة لهم سوى ما ذكرنا.

وأهم الكتب التي جمعت بين الطريقتين :

1. بديع النظام الجامع بين أصول البزدوي الأحكام (( للإمام مظفر الدين الساعاتي ” ( م . 694 ) .

2. التنقيح: لصدر الشريعة ( م. 747 ) وشرحه التوضيح، وقد لخصه من كتاب البزدوي، والمحصول، ومختصر ابن الحاجب .

3. التحرير: لكمال الدين بن الهمام ( م. 861 ) وهو إلى طريقة المتكلمين أقرب . وقد شرحه تلميذه محمد بن محمد بن أمير الحاج ( م. 879 ) بكتاب سماه ” التقرير والتحبير ” وشرحه محمد أمين المعروف بأمير بادشاه في كتاب سماه ” تيسير التحرير ” .

4. جمع الجوامع : للإمام تاج الدين السبكي ( م . 771 ) قال في مقدمته، انه اختاره من مئة مصنف . وقد شرحه الإمام جلال الدين المحلي ( م. 864 ) وهو من أدق شروحه، وكذلك شرحه الإمام بدر الدين الزركشي ( م . 794 ) بالكتاب المسمى ” تشنيف المسامع بشرح جمع الجوامع ” وله شروح أخرى كثيرة .

5. مسلم الثبوت : للعلامة محب الين بن عبد الشكور ( م . 1119 ) وعليه شرح مسمى ” بفواتح الرحموت ” .

هذا ولقد انفرد الشاطبي ( م. 790 ) بطريقة في التأليف لم يسبق بها في كتابه ” الموافقات “، حيث اهتم بالأصول التي اعتبرها الشارع في التشريع.

وإن لنا ـ وفي القريب إن شاء الله ـ لعودة إلى تاريخ الأصول، وتدرج الكتابة فيه في بحث مستقل .

(1) انظر كتابنا الشيرازي حياته وآراؤه الأصولية: ص182 لتقف على مزيد البحث في هذه المقدمة التاريخية.