الصفحة الرئيسية » أدبيات » القصيدة البائية

القصيدة البائية

القصيدة البائية
للحَبيب عَبدِالله بن عَلَوِيّ بن مَحمَّدٍ الحَدَّاد

وَصِيتِي لَـكَ يَـا ذَا الْفَضْـلِ وَالأَدَب

إِنْ شِئْتَ أَنْ تَسْكُنَ السّامِي مِنَ الرُّتَـبِ

وَتُـدْرِكَ السَّبْـقَ وَالْغَايَـاتِ تَبْلُغُهَـا

مُهَـنَّـأً وَتَـنَـالَ الْقـصْـدَ وَالأَرَبِ

تَقْوَى الإِلَهِ الَّـذِي تُرْجَـى مَرَاحِمُـهُ

اَلْوَاحِـدِ الأَحَـدِ الْكَشَّـافِ لِلْـكُـرَبِ

إِلـزَمْ فَرَائِضَـهُ وَاتْـرُكْ مَحَارِمَـهُ

وَاقْطَعْ لَيَالِيكَ وَالأَيَّـامَ فِـيْ الْقُـرَبِ

وَأَشْعِـرِ الْقَلْـبَ خَوْفـاً لاَ يُفَـارِقُـهُ

مِنْ رَبِّـهِ مَعَـهُ مِثْـلٌ مِـنَ الرَّغَـبِ

وَزَيِّنِ الْقَلْـبَ بِالإِخْـلاَصِ مُجْتَهِـداً

وَاعْلَمْ بِأَنَّ الرِّيَا يُلْقِيـكَ فِـي الْعَطَـبِ

وَنَقِّ جَيْبَـكَ مِـنْ كُـلِّ الْعُيُـوبِ وَلا َ

تَدْخِلْ مَدَاخِلَ أَهْـلِ الْفِسْـقِ وَالرِّيَـبِ

وَاحْفَظْ لِسَانَكَ مِنْ طَعْـنٍ عَلَـى أَحَـدٍ

مِنَ الْعِبَادِ وَمِـنْ نَقْـلٍ وَمِـنْ كَـذِبِ

وَكُنْ وَقُوراً خَشُوعـاً غَيْـرَ مُنْهَمِـكٍ

فِي اللَّهْوِ وَالضِّحْكِ وَالأَفْرَاحِ وَاللَّعِـبِ

وَنَزِّهِ الصَّدْرَ مِنْ غِـشٍّ وَمِـنْ حَسَـد ٍ

وَجَانِبِ الْكِبْرَ يـا مِسْكِيـنُ وَالعُجُـبِ

وَارْضَ التَّوَاضُعَ خُلْقاً أنَّـهُ خُلُـقُ

الْـأَخْيَارِ فَاقْتَدْ بِهِمْ تَنْجُوْ مِـنَ الْوَصَـبِ

وَاحْذَرْ وَإِيَّاكَ مِنْ قَوْلِ الْجَهـوْلِ أَنـا َ

وَأَْنْتَ دُوْنِيَ فِيْ فَضْلٍ وَفِـيْ حَسَـبِ

فَقَـدْ تَأَخَّـرَ أَقْـوَامْ وَمَـا قََـصَـدُوْا

نَيْلَ المْكَاَرِمِ وَاسْتَغْنَـوا بِكَـانَ أَبِـي

وَخَالِفِ النَّفْـسَ وَاسْتَشَعِـرْ عَدَاوَتَهَـا

وَارُفُضْ هَوَاهَا وَمَا تَخْتَـارُهُ تُصِـبِ

وَإِنْ دَعَتْـكَ إِلَـى حَـظِّ بِشَهْوَتِـهَـا

فاشْرَحْ لَهَا غِبَّ مَا فِيْـهِ مِـنَ التَّعَـبِ

وَازْهَدْ بِقَلْبِكَ فِيْ الـدَّارِ الَّتِـيْ فَتَنَـتْ

طَوَاِئفـاً فَرَأَوْهَـا غَـايَـةَ الطَّـلَـبِ

تَنَافَسُـوْهَـا وَأَعْطَـوْهَـا قَوَالِبَـهُـمْ

مَـعَ الْقُلُـوْبِ فَيَـا للهِ مِـنْ عَجَـبِ

وَهْيَ الَّتِيْ صَغُرَتْ قَدْراً وَمَا وَزَنَـت

عنْدَ الإِلَهِ جَنَاحـاً فَالحْرَِيْـصُ غَبِـي

وخُذْ بَلاَغَكَ مِنْ دُنْيَـاكَ وَاسْـعَ بِـهِ

سَعْيَ المُْجِدِّ إلَـى مَـوْلاَكَ وَاحْتَسِـبِ

وَاعْلَـمْ بِـأَنَّ الَّـذِيْ يَبَْتـاعُ عَاجِلَـه

ُبِآجِـلٍ مِـنْ نعيـم دائــم يـخـب

وَإِنْ وَجَدْتَ فَوَاسِ الْمُعْوِزِيـنَ تَفِـضْ

عَلَيْكَ مِـنْ رَبِّـكَ الأَرْزَاقُ فَاسْتَجِـبِ

وَإِنْ بُلِيـتَ بِفَقْـرٍ فَـارْضَ مُكْتَفِيـا

ًبِاللهِ رَبِّـكَ وَارْجُ الْفَضْـلَ وَارْتَقِـبِ

وَإِنْ تَجَرَّدْتَ فَاعْمَلْ بِالْيَقِيْـنِ وَبِـالْــعِلْمِ

إِذَا كُنْتَ مَوْقُوْفـاً مَـعَ السَّبَـبِ

وَاتْلُ الْقُرَآنَ بِقَلْـبٍ حَاضِـرٍ وَجِـل

ِعَلَـى الـدَّوَامِ وَلاَ تَذْهَـلْ وَلاَ تَغِـبِ

فَإِنَّ فِيْـهِ الْهُـدَى وَالْعِلْـمَ فِيْـهِ مَعـا ً

وَالنُّوْرَ وَالْفَتْحَ أَعْنِيْ الْكَشْفَ لِلْحُجُـبِ

وَاذْكُـرْ إِلَهَـكَ ذِكْـراً لاَ تُفَـارِقُـهُ

فَإِنَّمَا الذِّكْرُ كَالسُّلْطَـانِ فِـيْ الْقُـرَبِ

وَقُـمْ إِذَا هَجَـع الـنُّـوَّامُ مُجْتَـهِـداً

وَكُلْ قَوَامـاً وَلاَ تَغْفُـلْ عَـنِ الأَدَبِ

وَالْوَالِـدَانِ لَهُـمْ حَـقٌ يَقُـوْمُ بِــهِ

مَـنْ يَتَّـقِ اللهَ وَالَمُدْلُـوْنَ بِالنَّـسَـبِ

وَالْجَارَ وَالصَّحْبَ لاَ تَنْـسَ حُقُوْقَهُـمُ

وَاخْتَرْ مُصَاحَبَـةَ الأَخْيَـارِ وَانْتَخِـبِ

وَخَالِقِ النَّـاسَ بِالْخُلْـقِ الْكَرِيْـمِ وَلا َ

تَعْتِبْ عَلَـى أَحَـدٍ مِنْهُـمْ وَلاَ تَعِـبِ

وَانْصِفْ وَلاَ تَنْتَصِفْ مِنْهُمْ وَنَاصِحهُمُ

ْوَقُـمْ عَلَيْهِـمْ بِـحَـقُ اللهِ وانْـتَـدِبِ

وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةَ الأَشْـرَارِ وَالْحُمَقَـا

وَالْحَاسِدِيْنَ وَمَنْ يَلْوِيْ عَلَـى الشَّغَـبِ

وَحَالِـفِ الصَّبْـرَ وَاعْلَـمْ أَنَّ أَوَّلَـهُ

مُـرٌّ وَآخِـرَهُ كَالشَّهْـدِ وَالـضَّـرَبِ

يَـا رَبِّ إِنَّـكَ مَقْصُـوْدِيْ وَمُعْتَمَـدِيْ

وَمُرْتَـجَـايَ لِدُنْـيَـايَ وَمُنْقَلَـبِـي

فَاغْفِرْ وَسَامِـحْ عُبَيْـداً مَالَـهُ عَمَـلٌ

بِالصَّالِحَاتِ وَقَدْ أَوْعَى مِـنَ الْحُـوَبِ

لَكِنَّـهُ تَائِـبٌ مِمَّـا جَـنَـاهُ وَقَــدْ

أَتَاكَ مُعْتَرِفاً يَخْشَـى مِـنَ الْغَضَـبِ

فَإِنْ عَفَوْتَ فَفَضْلٌ مِنْـكَ يَـا صَمَـدٌ

فَجُـدْ عَلَـيَّ إِلَهِـيْ وَأَزِلْ رَهَـبِـي

ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَـى الْهَـادِيْ وَعِتْرَتِـهِ

(مُحَمَّدٍ) مَا هَمَـى وَدْقٌ مِـنَ السُّحُـبِ

وَمَـا تَرَنَّمَـتِ الْوَرْقَـا عَلَـى فَنَـن ٍ

وَمَا تَمَايَلَتِ الأَغْصَـانُ فِـيْ الْكُثُـبِ

عبد الله بن علوي بن محمد الحداد، من مدينة تريم في حضرموت اليمنية، فقيه شافعي، وعالم في عقيدة أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة، وفي السلوك والتربية نهج طريقالصوفية . يلقب بـ “شيخ الإسلام” و”قطب الدعوة والإرشاد”. وهو مجدد طريقة السادة آل باعلوي. يعود نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب.
نسبه

هو عبد الله بن أحمد المهاجر بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب.
ولادته

ولد الحبيب عبد الله بن علوي الحداد في السبير من ضواحي مدينة تريم في حضرموت، وذلك ليلة الاثنين و قيل ليلة الخميس 5 صفر عام 1044 هـ.
نشأته وطفولته

تربى في تريم بوالديه الكريمين, وكف بصره وهو ابن أربع سنين فعوضه الله بنور البصيرة وحب الخلوة و صفاء السريرة.
شيوخه

تتلمذ الشيخ على عدد من اعلماء يفوق المائة والأربعين، من أشهرهم:

عبد الرحمن بن شيخ مولى عيديد.
عمر بن عبد الرحمن العطاس.
عبد الله بن أحمد بلفقيه.
عقيل بن عبد الرحمن السقاف.
سهل بن أحمد باحسن الحديلي باعلوي.
محمد بن علوي السقاف عالم مكة المكرمة وهو شيخه بالمراسلة. وغيرهم

تلامذته

كثيرون ويأتي في مقدمتهم أولاده الكرام, والمشايخ الحبايب السادة أحمد بن زين الحبشي, ومحمد وعمر أبناء زين بن سميط, وعمر بن عبد الرحمن البار, وعبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه, ومحمد بن عمر بن طه الصافي السقاف, وعلي بن عبد الله السقاف وغيرهم من السادة الأشراف ومن المشائخ كما في كتاب بهجة الزمان عن تلاميذه
من مآثره

أنه بعد حجه صلى بالناس إماماً في الحرم المكي الشريف صلاة الفجر يوم الجمعة أول محرم عام 1080هـ
مؤلفاته وكتبه النافعة

ترك الشيخ عدد من المؤلفات قد طبعت وترجم بعضها إلى لغات عديدة, و بعض قصائده ألفت الشروح عليها كما كتبت عدة شروح لراتبه ولورده اللطيف. من أشهر هذه الكتب:

النصائح الدينية والوصايا الإيمانية.
الدعوة التامة والتذكرة العامة.
رسالة المعاونة والمظاهرة والمؤازرة للراغبين من المؤمنين في سلوك طريق الآخرة.
رسالة المذاكرة مع الإخوان المحبين من أهل الخير والدين.
رسالة آداب سلوك المريد.
إتحاف السائل بجواب المسائل.
سبيل الادّكار بما يمر بالإنسان وينقضي له من عمره.
الفصول العلمية والأصول الحكمية.
النفائس العلوية في المسائل الصوفية.
كتاب الحكم.
الدر المنظوم لذوي العقول والفهوم (ديوان شعر).
مجموع كلامه تثبيت الفؤاد.
مجموعة رسائله.
مجموع أوراده وأذكاره وسيلة العباد إلى زاد المعاد.

دعوته إلى الله

اشتهر عنه أنه دعا إلى الله بفمه وقلمه و قدمه، أي رحلاته بأسلوب معبر و برهان مؤثر . وقد جعل الله البركة في أولاده وتلاميذه ومؤلفاته , وتلقت الأمة بالقبول أوراده و أشعاره و كتبه .
ترجمته

ترجم له كثيرون وأفردت ترجمته بالتأليف, كما في كتابي غاية القصد والمراد و بهجة الفؤاد للحبيب السيد محمد بن زين بن سميط, وكتاب الإمام الحداد مجدد القرن الثاني عشر الهجري للدكتور مصطفى بدوي وغيرها
وفاته

ليلة الثلاثاء 7 ذي القعدة المحرم سنة 1132 هـ، عن عمر قارب التسعين عاما قضاها في نشر العلوم النافعة والدعوة إلى الله.