الصفحة الرئيسية » أدبيات » يا حادى الركب

يا حادى الركب

يا حادِيَ الرَّكبِ إِن لاحَت مَنازِلُهُ”

” فاِهتِف أَلا عِم صَباحاً وادنُ واِستَلِمِ

واسمَح بِنَفسِكَ وابذُل في زيارَتِهِ”

” كَرائِمَ المالِ مِن خَيلٍ وَمِن نَعَمِ

واسهَر إِذا نامَ سارٍ وامضِ حَيثُ وَنى”

” وَاسمَح إِذا شَحَّ نَفساً واسرِ إِن يَقُمِ

بِواطئٍ فَوقَ خَدِّ الصُبحِ مُشتَهِرٍ”

” وَطائِرٍ تَحتَ ذَيلِ اللَّيلِ مُكتَتِمِ

إِلى نَبيٍّ رأى ما لا رأى مَلَكٌ”

” وَقامَ حَيثُ أَمينُ الوَحي لَم يَقُمِ

جَدّوا فَأَقدَمَ ذو عِزٍّ وَرامَ سُرى”

” فَلَم تَجِدَّ وَلَم تُقدِم وَلَم تَرُمِ

فَسَوَّدَ العَجزُ مُبيَضَّ المُنى وَغَدا”

” مُخضَرُّ عَيشِكَ مُغبَرّاً لِفَقدِهِمِ

في قَصدِهِم رافِقِ الإِلفَينِ أَبيَضَ ذا”

” بِشرٍ وَأَسوَدَ مَهما شابَ يَبتَسِمِ

قَد أَغرَقَ الدَّمعُ أَجفانِي وَأَدخَلَني”

” نارَ الأَسى عَزمِيَ الوانِي فَوانَدَمِي

ما ابيَضَّ وَجهُ المُنى إِلّا لأَغبَرَ مِن”

” خَوضِ الغُبارِ أَمامَ الكُومِ في الأَكَمِ

فَلُذ بِبَرٍّ رَحيمٍ بالبَريَّةِ إِن”

” عَقَّتكَ شِدَّةُ دَهرٍ عاقَ واِعتَصِمِ

يُروى حَديثُ النَّدى وَالبِشر عَن يَدِهِ”

” وَوَجهُهُ بَينَ مُنهَلٍّ وَمُبتَسِمِ

تَبكي ظُباهُ دَماً وَالسَّيفُ مُبتَسِمٌ”

” يَخُطُّ كالنونِ بَينَ اللامِ وَاللِّمَمِ

دَمعٌ بِلا مُقَلٍ ضِحكٌ بِغَيرِ فَمٍ”

” كَتبٌ بِغَيرِ يَدٍ خَطٌّ بِلا قَلَمِ

جاوِرهُ يَمنَع وَلُذ يَشفَع وَسَلهُ يَهَب”

” وَعُد يَعُد واِستَزِد يَفعَل وَدُم يَدُمِ

لَم يَخشَ قِرناً وَيَخشى القِرنُ صَولَتَهُ”

” فَهوَ المَنيعُ المُبيحُ الأُسدَ لِلرَّخَمِ

وَالشَّمسُ رُدَّت وَبَدرُ الأُفقِ شُقَّ لَهُ”

” والنَّجمُ أَينَعَ مِنهُ كُلُّ مُنحَطِمِ

وَإِذ دَعا السُّحبَ حالَ الصَّحو فاِنسَجَمَت”

” وَمِن يَدَيهِ ادعُها إِن شِئتَ تَنسَجِمِ

سَقاهُمُ الغَيثُ ماءً إِذ سَقى ذَهَباً”

” فَغَيرُ كَفَّيهِ إِن أَمحَلتَ لا تَشِمِ

قَد أَفصَحَ الضَّبُّ تَصديقاً لِبعثَتِهِ”

” إِفصاحَ قُسٍّ وَسَمعُ القَومِ لَم يَهِمِ

الهاشِمُ الأُسدَ هَشمَ الزّادِ تَبذُلُهُ”

” بَنانُ هاشِمٍ الوَهّاب لِلطُّعمِ

كَأَنَّما الشَّمسُ تَحتَ الغَيمِ غُرَّتُهُ”

” فى النَّقعِ حَيثُ وجوهُ الأُسدِ كالحُمَمِ

إِذا تَبَسَّمَ في حَربٍ وَصاحَ بِهِم”

” يُبكي الأُسودَ وَيَرمي اللُّسنَ بِالبَكَمِ

قَلّوا بِبَدرٍ فَفَلُّوا غَربَ شانِئهِم بِهِ”

” وَما قَلَّ جَمعٌ بِالرَّسولِ حمِي

فابيَضَّ بَعدَ سَوادٍ قَلبُ مُنتَصِرٍ”

” واسوَدَّ بَعدَ بَياضٍ وَجهُ مُنهَزِمِ

فاِتبَع رِجالَ السُّرى في البيدِ واسرِ لَهُ”

” سُرى الرِّجالِ ذَوي الأَلبابِ وَالهِمَمِ

خَيرُ اللَّيالي لَيالي الخَيرِ في إِضَمٍ”

” وَالقَومُ قَد بَلَغوا أَقصى مُرادِهِمِ

بِعَزمِهِم بَلَغوا خَيرَ الأَنامِ فَقَد”

” فازوا وَما بَلَغوا إِلّا بِعَزمِهِمِ

يَقومُ بالأَلفِ صاعٌ حينَ يُطعِمُهُم”

” وَالصّاعُ مِن غَيرِهِ بِاثنَينِ لَم يَقُمِ

مَنِ الغَزالَةُ قَد رُدَّت لِطاعَتِهِ لَو رامَ”

” أَن لا تَزورَ الجَديَ لَم تَرُمِ

داني القُطوفِ جَميلُ العَفوِ مُقتَدِرٌ”

” ما ضاقَ مِنهُ لِجانٍ واسِعُ الكَرَمِ

لا يَرفَعُ العَينَ لِلرّاجينَ يَمنَحُهُم بَل”

” يَخفِضُ الرّاسَ قَولاً هاكَ فاِحتَكِمِ

يا قاطِعَ البيدِ يَسريها عَلى قَدَمٍ”

” شَوقاً إِلَيهِ لَقَد أَصبَحتَ ذا قَدَم

قَدِ اِعتَصَمتَ بِأَقوامٍ جُفونُهُمُ لا ”

“تَعرِفُ السَّيفَ خِلواً مِن خِضابِ دَمِ

جَوازِمُ الصَّبرِ عَن فِعلِ الجَوى مُنِعَت”

” وَرَفعُهُ حالَ إِلّا حالَ قُربِهِمِ

في القَلبِ وَالطَّرفِ مِن أَهلِ الحِمى قَمَرٌ”

” مَن يَعتَصِم بِحماهُ الرَّحبِ يُحتَرمِ

يا مُتهِمينَ عَسى أَن تُنجِدوا رَجُلاً”

” لَم يَسلُ عَنكُم وَلَم يُصبِح بِمُتَّهَمِ

أَغارَ دَهرٌ رَمى بِالبُعدِ نازِحَنا”

” فأَنجِدوا يا كِرامَ الذَّاتِ وَالشِيَمِ

إِنَّ الغَضى لَستُ أَنسى أَهلَهُ فَهُمُ”

” شَبُّوهُ بَينَ ضُلوعِي يَومَ بَينِهِمِ

جَرى العَقيقُ بِقَلبي بَعدَما رَحَلوا”

” وَلَو جَرى مِن دُموعِ العَينِ لَم أُلَمِ

حَيثُ الَّذي إِن بَدا في قَومِهِ وَحَبا”

” عُفاتَهُ وَرَمى الأَعداءَ بِالنّقَمِ

فالبَدرُ في شُهبِهِ وَالغَيثُ جادَ لِذي”

” مَحلٍ وَلَيثُ الشَّرى قَد صالَ في الغَنَمِ

وَإِن عَلا النَّقعُ في يَومِ الوَغى فَدَعا”

” أَنصارَهُ وَأَجالَ الخَيلَ في اللُّجمِ

تَرى الثُّرَيا تَقودُ الشُّهبَ يُرسِلُها لَيثٌ”

” هَدى الأُسدَ خَوضَ البَحرِ في الظُّلَمِ

أَخفوا في الإنجيلِ وَالتَّوراةِ بِعثَتَهُ”

” فأَظهَرَ اللَّهُ ما أَخفَوا بِرَغمِهِمِ

قَد أَحرَزَ البأسَ وَالإِحسانَ في نَسَقٍ”

” وَالعِلمَ وَالحِلمَ قَبلَ الدَّركِ لِلحُلُمِ

لا يَستَوي الغَيثُ مَع كَفَّيهِ نائِلُ ذا”

” ماء وَنائِلُ ذا مال فَلا تَهِمِ

غَيثانِ أَمّا الَّذِي مِن فَيضِ أَنمُلِهِ”

” فَدائِمٌ وَالَّذي لِلمُزنِ لَم يَدُمِ

جَلا قُلوباً وَأَحيا أَنفُساً وَهَدى”

” عُمياً وَأَسمَعَ آذاناً ذَوي صَمَمِ

يُرِيكَ بِاليَومِ مِثلَ الأَمسِ مِن كَرَمٍ”

” وَلَيسَ في غَدِهِ هَذا بِمُنعَدِمِ

فَلُذ بِمَن كَفُّهُ وَالبَحرُ ما اِفتَرَقا”

” إِلّا بِكَفٍّ وَبَحرٍ في كَلامِهِمِ

وَالمالُ وَالماءُ مِن كَفَّيهِ قَد جَرَيا”

” هَذا لِراجٍ وَذا لِلجَيشِ حينَ ظمِي

فازَ المُجِدّانِ دانٍ أَو مُديمُ سُرىً”

” فَذاكَ ناجٍ وَذا راجٍ لجودِهم

مِن وَجهِ أَحمَدَ لي بَدرٌ وَمِن”

” يَدِهِ بَحرٌ وَمِن فَمِهِ دُرٌّ لِمُنتَظِمِ

كَم قُلتُ يا نَفس ما أَنصَفتِ أَن”

” رَحَلوا وَما رَحَلتِ وَقاموا ثُمَّ لَم تَقُم

يَمِّم نَبيّاً تُباري الرِّيحَ أَنمُلُهُ وَالمُزنَ”

” مِن كُلِّ هامِي الوَدقِ مُرتَكِمِ

لَو قابَلَ الشُّهبَ لَيلاً في مطالِعِها”

” خَرَّت حَياءً وَأَبدَت بِرَّ مُحتَرِمِ

تَكادُ تَشهَدُ أَنَّ اللَّهَ أَرسَلَهُ إِلى”

” الوَرى نُطَفُ الأَبناءِ في الرَّحِمِ