الصفحة الرئيسية » الأخبار » متن آداب البحث والمناظرة

متن آداب البحث والمناظرة

1- المناظرة: المدافعةُ لِيظهرَ الحقُّ، أو فنٌ يـُعْرَفُ فيه صحيحُ الدفعِ من فاسده. ويستحب واختلف في وجوبه كفاية ولا مناظرةَ إلا في نسبةٍ تامةٍ خبريةٍ حقيقة أو حكماً، وما كان في قوتها.

2- والتعريفُ: لفظيٌ وهو:تعيينُ معنى اللفظِ المعرَّفِ بلفظٍ آخرَ واضحِ الدلالةِ للسَّامعِ. وحقيقيٌ يُقصد به تحصيل صورة غير حاصلة، فإن علم وجودها فبحسب الحقيقة، وإلا فبحسب الاسم.

3- وللسائلِ في اللفظيّ المنعُ وهُوَ هنا طَلَبُ تَصْحيحِ النقلِ وفي الحقيقيّ المُعارَضَةُ والنَّـقْضُ، فينقضُهُ بعدمِ الجمع لأنه أخص مطلقاً من المعرَّف وبعدمِ المنعِ لأنهُ أعمُّ مُطْلقاً وبهما لأنهُ أعمُّ مِنْ وجهٍ أو مباينٌ .

4- ولصاحبِ التعريفِ منعُ الكبرى بأنهُ تعريفٌ لفظيّ. وهُوَ تحريرُ المُرادِ بنوعِ التعريفِ. وكذا لو تُوُهِم أنه حدُّ تامٌّ أو حقيقيّ. ولهُ في الأعمّ ولوْ من وجهٍ مَنْعُها بأنهُ عَلى مذهبِ القدماءِ، وكذا في الأخصّ بأنهُ لبيانِ الأفرادِ المشهورةِ. وهْو تحريرُ المرادِ بالمذهبِ المبنيّ عليه التعريفُ. ولا تــُمْنَعُ الكُبرى في التباينِ.

5- وله منعُ إحدى القضيتينِ التي تنحل لهما الصُّغرى أو مَنعُهما، وهما في الجمعِ: المعرَّف صادقٌ على الفردِ الفلاني، والتعريفُ غيرُ صادقٍ عليه. وعكسُهما في المنع. وسَنَدُهُ في الغالبِ تحريرُ المرادِ من المعرَّف أو من التعريف كلاً أو بعضاً بصَرْفِ المعنى المتبادِرِ منَ المعرَّف أو التعريفِ إلى غير المتبادِرِ فيتساويا.

6- وينقُضُهُ باستلزامِ المُحَالِ، وَيُرَدُّ بأنه لا يستلزمُهُ، أو المذكورُ ليس محالاً. ويُنقضُ الحقيقيٌّ واللفظيُّ بأنه أخفى من المعرّفِ، ويـُمْنـَعُ الخفاء على المعرّف له ويُعترضُ على حُسنِه باستعمالِهِ لفظاً غريباً أو دلالةَ الالتزامِ أو مشتركاً أو مجازاً من غير قرينة. فيمنعُ الأخيرين بأنه صار حقيقة عرفية في المعنى المقصود، أو صحة كل معانيه أو بوجود قرينة غُفِلَ عنها.

7- والمشهورُ أن المعترض مستدلٌ و موجهَهُ مانع، ويصح العكس لو ادعى كونه حداً أو رسماً، فيَمنَعُ المستدلُ أن المذكور ذاتياً أو عرضياً، ويستدل صاحب التعريف على ذلك. أو أن التعريف بغير الذاتيات حدٌ على مذهب البعض. ويُعارضُ التعريفَ بآخرَ، فيَمنَع صاحبُه التعارضَ أو يدعي تعدُّدَ الوضعِ.

8- التقسيمُ نوعان تقسيمُ الكليّ إلى جزئياته، والكلّ إلى أجزائِهِ فالأول: ضمُّ قيودٍ للمقْسِم. ويدخُل المقسِمُ في الأقسام صريحاً أو تقديراً أو في مفهومها. وهو عقليٌّ إن لم يجوِّزِ العقلُ قسماً آخر، وإلا فاستقرائي، وحق الأول الترديد بين الإثبات والنفي لا الثاني، وقد يُعْكَس. وإن اختلفتِ الأقسامُ مفهوماً وماصدقاً فالتقسيمُ حقيقيٌّ ولوْ مفهوماً فقط فاعتباري.

9- وشروطُ صحةِ تقسيمِ الكليِّ: الجمعُ والمنعُ وتباينُ الأقسام. وينقَضُ بعدم الجمع بقسمٍ خارج عن الأقسام داخلٍ في المقسم يجوِّزُهُ العقل في العقلي متحققٌ وجودُهُ في الاستقرائيّ، وكلُّ تقسيمٍ هكذا باطلٌ.
ويُمْنَعُ الدخولُ بتحريرِ القِسمِ بعدمِ جوازِهِ أوتحققِهِ، أو بتحريرِ المقسمِ بما لا يشملُ الواسطةَ، أو يُمْنَعُ الخروجُ بتحريرِ الأقسامِ بأنهُ داخلٌ فيها. أو الكبرى بأنه لبيانِ الأفرادِ المشهورةِ.

10- ويُعترضُ عليه بعدمِ المنعِ فيُرَدُّ بتحريرِ التقسيمِ أو المقسمِ أو القسمِ بحيث يظهر أنه أخص مطلقاً من المقسم ولو بحسب التعقل في الاعتباري. وبعدم تباين الأقسام فيرد بتحرير القسم أو المقسم بحيث يظهرُ أن الأقسامَ متباينة، أو بأن التقسيم اعتباري.

11- والثاني: تحصيلُ ماهيةِ المقسمِ بذكرِ أجزائـِهِ. ويُشترطُ فيه الجمعُ والمنعُ وتباينُ الأقسام. والاعتراضُ والردُّ فيه واضحٌ. تحرير المراد إرادةُ معنى غير ظاهر من اللفظ التصديق هنا القضية ويسمى مدّعى ومسألةً ومبحثاً ونتيجةً.

12- والتصديقُ إما بديهيٌ أو نظري، والبديهياتُ سبعةٌ أربعة جليةٌ هي الأولياتُ وهي القضايا التي يحكمُ فيها العقلُ بثبوتِ المحمولِ للموضوعِ بمجردِ تصورِ طرفيها. والقضايا الفطرية القياسِ. والمشاهدات حسية ووجدانية. والمجرباتُ، وثلاثةُ خفيةٌ وهي الحدْسيات والوهمياتُ والمتواتراتُ.

13- والتصديق النظري والبديهي الخفي إما أن يقرنا بدليل وتنبيه أوْ لا، فإن لم يكن فليس للسائل إلا منعه أي طلب الدليل عليه. وإن كان فإما المنع أو المعارضة أو النقض فالمنعُ: طلب الدليل على مقدمة الدليل.
ويسمى مناقضةً ونقضاً تفصيلياً. ومنع البديهي الجلي مكابرة ولا يُشترطُ للمنعِ السندُ، وهو مصححُ لورودِ المنعِ ولو في اعتقادِ السائلِ. وهو إما جوازي أو حَلي أو قطعي. وما يذكر لإثبات السند تنوير لا دليل.

14- ولا يجوز الاستناد إلا بما يستلزمُ نقيض الممنوع فيجوز بالسند المساوي لنقيض الممنوع والأخص مطلقاً. ولا ينفع المعلل إلا إبطال المساوي، ولا ينفعه إبطال الأخص مطلقاً. ويضره إبطال المباين للنقيض المساوي للعين. والأعم من وجه من النقيض ومطلقاً من العين.

15- ويردُّ المعلـّلُ على المنع بإثبات مدعاه بدليل ينـتج العين الممنوعة، أو ما يساويها، أو أخص منها، أو بتحرير المراد منها بتخصيص أو تعميم أو جري على اصطلاح خاص أو مذهبٍ من المذاهب. أو بإبطالِ السندِ المساوي لنقيضِ الممنوعِ لا الأخصِ مطلقاً وله إن منعت مقدمة إثباتُ الممنوع بدليل آخر وهو إفحام من وجه إظهار صواب من وجه. ثم يعود الكلام للسائل…وهكذا.

16- والغصبُ: استدلالُ السائل على بطلانِ ما صحَ منعُه. وهو غير مسموع. التقريبُ: سوقُ الدليلِ على وجهٍ يستلزمُ المطلوبَ. ومنعُ ذات المنع مكابرة، ويصحُ منعُ صحةِ ورودِه أوْ صلاحيةِ سندِهِ له وإن لم ينفع المعلل والإتيان بدليل آخر إن ما به الاستدلال لازم لما به الاستدلال للأول فتغيير وإلا فانتقال.

17- المعارضة: إثبات السائل نقيضَ ما ادعاه المعلل واستدل عليه أو ما يساوي نقيضه أو الأخص من نقيضه وتدفع بالمنع والنقض اتفاقاً والمعارضة على الأصح والمعارضة إما في المُدعى المُدلل أو المقدمة المدللة، فإن اتحد الدليلان مادة وصورة فمعارضة بالقلب، أو مادة فقط فبالمثل، أو اختلفا صورة فبالغير.

18- النقض بيان فساد الدليل بشاهد من غير تعرض لمدلوله.والشاهد إما الجريان والتخلف أو استلزام المحال وهو حقيقي إن كان رداً للدليل من غير تفصيل لمقدمتيه، وشبيهي إن أبطل الدعوى بشهادة فساد مخصوص كمخالفة الإجماع، والأول مشهور إن لم يترك بعض أوصاف دليل المعلل، ومكسور فاسد إن ترك ما من العلة، وإلا مكسور مقبول. فللمعلل أن يجيب على نقض السائل بالمنع، والانتقال لدليل آخر يثبت به مدعاه

19- ولا يسمع النقض بالتطويل أو الاستدراك أو الخفاء في المدلول أو في الدلالة ولا يرد على النقل إلا تصحيحه وفي جميع البحوث إما أن ينقطع المعلل فيفحم، أو السائل فيلزم يلتزم البيان بعد الاستفسار فيؤاخذ بتصحيح النقل إن نقل شيئاً من غير التزامه، وإلا أو كان مدعياً فيؤاخذ بالتنبيه أو الدليل في البديهي الخفي والنظري المجهول، فإن استدل فإما أن يمنع مقدمة مع السند أو بدونه فيجاب بإبطال السند بعد إثبات التساوي، أو بإثبات المقدمة الممنوعة مع التعرض بما تمسك به استحساناً. وينقض بأحد الوجهين، ويعارض بأحد الوجوه الثلاثة، فيجاب بالمنع أو النقض أو المعارضة وبالتغيير أو التحرير في الكل مطلقاً. والحكمة ضالة المؤمن والحمد لله ربّ العالمين.