الصفحة الرئيسية » بحوث » الدعاء للميت

الدعاء للميت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أجمع العلماء أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه، واحتجوا بقول الله تعالى: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} الحشر، وبالأحاديث المشهورة كقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» رواه مسلم.

واختلفوا في وصول ثواب قراءة القرآن للميت والجمهور قالوا: بوصولها له.

فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال: نعم. قال: فإن لي مخرفاً، فإني أشهدك إني قد تصدقت بها عنها. رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي.

سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن قراءة أهل الميت تصل إليه ، والتسبيح والتحميد، والتهليل، والتكبير، إذا أهداه إلى الميت يصل إليه ثوابها أم لا؟

فأجاب: يصل إلى الميت قراءة أهله، وتسبيحهم، وتكبيرهم، وسائر ذكرهم لله تعالى، إذا أهدوه إلى الميت، وصل إليه، والله أعلم. اهـ . الفتاوى (24/324).

ولعلك أخي المسلم تجد حديثاً ضعيفاً في فضائل الأعمال في ثنايا هذا البحث، فاعلم أنه يجوز العمل بالحديث الضعيف بشروط في فضائل الأعمال.

قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم، يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف.

قال الإمام السخاوي في القول البديع: وقد سمعت شيخنا (يعني ابن حجر العسقلاني) مراراً يقول: إن شرائط العمل بالحديث الضعيف ثلاثة:

الأول: متفق عليه، أن يكون الضعف غير شديد

الثاني: أن يكون مندرجا تحت أصل عام

الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته (بل يعتقد الاحتياط). (نقلناه باختصار بسيط).

وبعد :-

فهذه أدعية مباركة تقرأ عند دخول المقابر، وفي الصلاة على الأموات، سائلين المولى جلت قدرته أن ينفعنا جميعا بها ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ما يقوله إذا حضره الموت

جاء في كتاب الأذكار للإمام النووي وكتاب سلاح المؤمن في الدعاء والذكر للإمام ابن الإمام: عن عائشة رضي الله عنها، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصغت إليه قبل أن يموت، وهو مسند إلي ظهره، يقول:

«اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى» رواه البخاري ومسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول:

«اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات الموت»

رواه الترمذي وابن ماجة والسنائي. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» . رواه الجماعة إلا البخاري.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» . رواه أبو داود والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

ما يقوله بعد تغميض الميت

عن أم سلمة، واسمها هند رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال:

«إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله، فقال: لا تدعو على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال:

اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه». رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

ومعنى الغابرين: الباقين.

وعن بكر بن عبدالله التابعي الجليل قال: إذا أغمضـت الميت فقل: بسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا حملته فقل: بسم الله، ثم سبح ما دمت تحمله». رواه البيهقي بإسناد صحيح.

ما يقوله من مات له ميت

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«مامن عبد تصبيه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا أجاره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها»

قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف الله تعالى لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

وعن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤادي؛ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد» قال الترمذي: هذا حديث حسن.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الموت فزع، فإذا بلغ أحدكم وفاة أخيه فليقل: {إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون} اللهم اكتبه عندك في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه في أهله في الغابرين، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعد». رواه ابن السني.

ما يقوله زائر القبور

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول:

«السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد». رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كيف أقول يا رسول الله – تعني في زيارة القبور –

قال: قولي، السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منكم ومنا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» رواه مسلم.

وعن بريدة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اسأل الله لنا ولكم العافية». رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

قال الإمام النووي وروينا في كتاب النسائي وابن ماجه بزيادة: «أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع.

قال الإمام النووي: وروينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال:

«السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال:

السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا لكم، وأنتم سلفنا ونحن بالأثر» قال الترمذي: حديث حسن.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البقيع فقال:

السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم لنا فرط، وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلنا بعدهم» رواه ابن السني. قال الحافظ: هذا حديث حسن.

القراءة عند القبر

قال الشيخ الموفق ابن قدامة إمام الحنابلة في زمانه:

فصل:

ولا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر اقرؤا آية الكرسي وثلاث مرار «قل هو الله أحد، ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر.

وقال الخلال: حدثني أبو علي الحسن بن الهثيم البزار، شيخنا الثقة المأمون قال، رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دخل المقابر فقرأ سورة (يس) خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات».

وقال الإمام السيوطي في كتابه «شرح الصدور» أخرج أبو القاسم الزنجاني في فوائده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد وألهاكم التكاثر، ثم قال: اللهم إني قد جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات، كانوا شفعاء له إلى الله تعالى».

وقال في موضع آخر: وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم، قال الزعفراني: سألت الشافعي رحمه الله عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس به، وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب: يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن، ويدعو لهم عقبها، نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب.

وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه فاتحة الكتاب.

ولفظ البيهقي فاتحة البقرة، وعند رجله بخاتمة سورة البقرة في قبره».

جاء في فتاوى الإمام ابن تيمية أن الإمام أحمد بن حنبل رخص في قراءة القرآن عند القبر لما بلغه أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة وخواتيمها. اهـ.

وعن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

قلب القرآن يس، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، اقرؤوها على موتاكم»

رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وبن حبان والحاكم في المستدرك.

قال الإمام النووي: ويستحب للزائر الإكثار من قراءة القرآن والذكر، والدعاء لأهل تلك المقبرة. وسائر الموتى والمسلمين أجمعين، ويستحب الإكثار من الزيارة، وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل.

الصلاة على الميت والدعاء له

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» رواه أبو داود. قال الحافظ: هذا حديث حسن.

وصلاة الجنازة أربع تكبيرات، يقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة، وبعد الثانية الصلاة الإبراهيمية وهي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد»

وبعد الثالثة: يدعو للميت وهو المقصود الأعظم من الصلاة على الميت.

وأما التكبيرة الرابعة، فلا يجب بعدها ذكر بالاتفاق، ولكن يستحب أن يقول ما نص عليه الشافعي رحمه الله في كتاب البويطي قال: يقول في الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده.

وهذه بعض الأحاديث والآثار ، تشتمل على أدعيةٍ للميت :

عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، وَنَقِّه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، وعذاب النار.

قال: (أي راوي الحديث عوف): حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فقال:

«اللهم اغفر لِحَيِّنا ومَيِّتِنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييْتَه منا فأحيه على الإسلام، ومن توفَّيْتَه منا فتوفَّه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده».

قال الحاكم أبو عبد الله: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم.

قال الإمام النووي، وروينا عن أبي هريرة رضي الله عنه ،عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة:

اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء فاغفر له». رواه أبو داود. وإسناده حسن.

عن وائله بن الأسقع رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول:

اللهم إن فلان ابن فلانة في ذمتك وحبل جوارك. فَقِه فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد، اللهم اغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم» روه أبو داود. وإسناده حسن.

قال الإمام النووي: واختار الإمام الشافعي رحمه الله دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها فقال:

اللهم هذا عبدك ابن عبدك، (وإن كانت امرأة قال: أمتك) خرج من روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحباؤه فيها، إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنيٌّ عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له.

اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وَلَقِّه برحمتك رضاك، وقِه فتنة القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجافِ الأرض عن جنبيه، ولَقِّه برحمتك الأمن من عذابك، حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين».

قال الأمام النووي: قال أصحابنا: فإن كان الميت طفلاً دعا لأبويه فقال:

اللهم اجعله لهما فرطا، واجعله لهما سلفا، واجعله لهما ذخرا، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنهما بعده، ولا تحرمهما أجره».

ما يقوله من مرت به جنازة أو رآها

قال الإمام النووي: يستحب أن يقول: سبحان الحي الذي لا يموت، وقال القاضي الروياني من أصحابنا في كتابه البحر: يستحب أن يدعوَ ويقول: لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت، وأن يدعو لها ويثني عليها بالخير.

ما يقوله من يدخل الميت قبره

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: باسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه أبو داود والترمذي والبيهقي وهو حديث حسن، ويستحب أن يدعو للميت مع هذا.

ما يقوله عند الدفن

قال الإمام النووي: السنة لمن كان على القبر أن يحثيَ في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعا من قِبَلِ رأسه قال جماعة من أصحابنا:

يستحب أن يقول في الحثية الأولى: «منها خلقناكم» وفي الثانية: «وفيها نعيدكم» وفي الثالثة: «ومنها نخرجكم تارة أخرى»

ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت.

وعن عثمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل»

رواه أبو داود والبيهقي وحسنه الحافظ.

قال النووي: قال الشافعي والأصحاب: يستحب أن يقرؤوا عنده شيئا من القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآن كله كان حسنا.

البكاء على الميت

جاء في الفقه الإسلامي للشيخ د. وهبة الزحيلي:

يجوز بالاتفاق البكاء على الميت قبل الدفن وبعده بلا رفع صوت أو قول قبيح أو ندب أو نواح. لما روى جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا إبراهيم، إنا لا نغنى عنك من الله شيئا، ثم ذرفت عيناه، فقال له: عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله، أتبكي، أو لم تنه عن البكاء؟ قال: لا، ولكن نهيت عن النوح» رواه الترمذي. وهو حديث حسن اهـ.

قال الإمام النووي في الأذكار: اعلم أن النياحة: رفع الصوت بالندب، والندب، تعديد النادبة بصوتها محاسن الميت، وقيل هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه. قال أصحابنا. ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء.

وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة فليس حرام.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله، قال: «هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»

رواه البخاري ومسلم والنسائي.

تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية

قال الإمام النووي في الأذكار: أجمعت الأمة على تحريم النياحة، والدعاء بدعوى الجاهلية، والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. رواه البخاري ومسلم.

الصالقة: التي ترفع صوتها بالنياحة.

والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة.

والشاقة: التي تشق ثيابها عند المصيبة. وكل هذا حرام باتفاق العلماء، وكذلك يحرم نشر الشعر ولطم الخدود وخمش الوجه والدعاء بالويل.

التعزية

قال الإمام النووي في الأذكار: روينا في سنن أبي داود والنسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حديثا طويلا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها:

ما أخرجك يا فاطمة من بيتك،

قالت: أتيت أهل هذا الميت فترحمت إليهم ميتهم أو عزيتهم به».

قال الحافظ حديث حسن أخرجه أحمد والنسائي والحاكم.

عن عمرو بن حزم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة».

رواه ابن ماجه والبيهقي وإسناده حسن.

قال الإمام النووي: واعلم أن التعزية هي التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة قبل الدفن وبعده وتكره بعد ثلاثة أيام. وأما ألفاظها من المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك.

ومن المسلم بالكافر:أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك. ومن الكافر بالمسلم: أحسن الله عزاءك، وغفر لميتك.

ومن الكافر بالكافر: أخلف الله عليك. وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي رحمهما الله أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله مات له ابن فجزع عليه عبد الرحمن جزعا شديدا، فبعث إليه الشافعي رحمه الله:

يا أخي عزِّ نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمض المصائب فقد سرور وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر، فتناول حظك يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبه وقد نأى عنك.

ألهمك الله عند المصائب صبرا، وأحرز لناولك بالصبر أجرا. وكتب إليه يعزيه:

إني معزيك لا أني على ثقة من الخلود ولكن سنة الدين

فما المعزي بباق بعد ميته ولا المعزي ولو عاشا إلى حين

اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم وأكرم نزلهم ووسِّع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين