الصفحة الرئيسية » بحوث » من أدب الإسلام – رسالةٌ توجييةٌ سلوكيةٌ

من أدب الإسلام – رسالةٌ توجييةٌ سلوكيةٌ

من أدب الإسلام

رسالةٌ توجيهيةٌ سلوكيةٌ

بقلم

عبد الفتاح أبو غُدّة

مقدّمة

هذه رسالةٌ لطيفةٌ شيقةُ فيها قيمٌ مختارةٌ من أدب الإسلام الحنيف؛ كثيراً ما يغفُل عنها بعض المسلمين رجالاً ونساءً؛ حتى في أدنى الأمور شأناً، كدخول بيت الخلاء، والخروج منه، وكيفيّة الجلوس فيه، وغير ذلك من الآداب التي غَفَل عنها كثيرُ من النّاس، وللإسلام الحنيف آدابٌ وفضائلُ كثيرةٌ، دعا إليها وحضّ عليها لتتكامل الشخصيّةُ المسلمة، ويتحقّق الانسجام بين النّاس.

وهذه الآداب من باب الشّريعة ومقاصدها، والله سبحانه وتعالى الهادي إلى أحسنا وأقومها.

اللُّطف في التعامل مع الأبواب

إذا دخلتَ دارك أو مكتبك، أو دارَ غيرك أو مكتبه؛ فلا تدفع الباب دفعاً عنيفاً، أو تَدَعْهُ ينغلق لذاته بشدّةٍ وعنفٍ؛ فإن هذا منافْ لِلُطْف الإسلام؛ فعن أم المؤمنين عائشة رَضِيَ الله عنهَا : أن الرّسول r قال : ((إنّ الرِّفق لا يكون في شيء إلاّ زانه، ولا يُنزع من شيء إلاّ شانه)).

السّلام على أهل بيتك شعارُ الإسلام

إذا دخلت بيتك أو خرجت منه؛ فسلّم على مَن فيه مِن أهلك بتحيّة الإسلام؛ بقولك: (( السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته))، ولا تعدِل عن هذه التّحيّة إلى غيرها؛ فهي شعارُ الإسلام الذي رسمه لنا رسول الله r. قال أنسٌ t : قال رسول الله r : ((يا بني إذا دخلت على أهلك فسَلِّم؛ يكن بركةٌ عليك وعلى أهلك)).

إذا دخلت دارك فأعلِم مَن فيها بوصولك

قال أبو عُبَيَدةَ عامر بن عبد الله بن مسعود t : ((كان أبي؛ عبد الله بن مسعود t إذا دخل الدار استأنس- أي: أَشْعَرَ أهلها بما يُؤنسهم-، وتكلّم ورفع صوته حتى يستأنسوا)).

ولهذا جاء في الصّحيحين عن جابر t أنّ رسول الله r ((نهى أن يَطرُقَ الرجلُ أهله ليلاً- أي: أنْ يأتيهم ليلاً من سفر أو غيره على غفلة-؛ كأنه يَتخوَّنُهم، أو يَلتمِسُ عثراتهم)).

إستأذِنْ على أهل بيتك حتى ولو كانت أمّك أو أختك

روى الإمام مالك عن عطاء بن يسار مرسلاّ: أن رجلاً سأل رسول الله r فقال: ((أستأذنُ على أمّي؟)) فقال: ((نعم))، فقال الرّجل: إني معها في البيت، فقال رسول الله r: ((أستأذن عليها))؛ فقال الرجل: إني خادمها، فقال رسول الله r: ((استأذن عليها، أتحبّ أن تراها عُريانة))؟! قال: ((لا))، قال: ((فاستأذن عليها)).

وكان ابن عمر y إذا بلغ بعضُ ولدِهِ الْحُلُم عزله وأفرده عن حُجرته الخاصّة به؛ فلا يدخل على ابن عمر y إلا بإذنٍ منه.

قال ابن عباس t: ((الاستئذان واجبُ على النّاس كلهم))، وقال ابن مسعود t: ((يستأذن الرّجل على أبيه وأمّه، وأخيه وأخته)).

طَرْق الباب يدُلُّ على طارقه

إذا طرقتَ بابَ أخيك أو صديقك أو بعض معارفك، فكن رفيقاً في طرقك؛ فإنّ طرقك الباب بعنف في تشبُّهٌ بالظَّلمة والزّبانية.

جاءت امرأة إلى الإمام أحمد بن حنبل t لتسأله عن شيء في أمور الدين، ودقَّت عليه الباب دقّاً فيه بعض العنف؛ فخرج وهو يقول: هذا دق الشرط.

وإذا كان صاحب الدار قريبا من باب داره، وكنت تعلم ذلك؛ فعليك بالتلطُّف في طرق الباب، وأما من بعد عن الباب فيقرع عليه قرعا يسمعه في مكانه.

وينبغي أن تجعل بين الدقتين زمنا غير قليل، ليفرغ المتوضئ، وينتهي المصلي، والآكل من لقمته، وقدر قدر بعض العلماء الانتظار بين الدقتين بمقدار أربع ركعات.

وإذا طرقت ثلاث مرات متباعدة ولم يفتح لك؛ فانصرف؛ فقد قال رسول الله r: ((إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف)).

ولا تقف عند استئذانك أمام فتحة الباب، ولكن خذ يمنة أو يسرة؛ فقد ((كان رسول الله r إذا أتى باب قوم لم يستقبله من تلقاء وجهه، ولكن ركنيه الأيمن أو الأيسر)).

صرِّحْ باسمك الذي تعرف به إذا سألت

إذا طرقت باب أحد من الناس؛ فقيل لك: من هذا؟ فقل: فلان، ولا تقل: واحد، أو أنا، أو شخص.

وقد كره النبي r قول الطارق: ((أنا))، فعن جابر بن عبد الله t قال: ((أتيت النبي r فدققت الباب، فقال: ((من هذا؟)) فقلت: ((أنا))، فقال النبي r: ((أنا، أنا!))؛ كأنه كرهها)).

إقبَلْ العذر إذا تغيَّر الموعد

إذا زرت أحد إخوانك، فاعتذر لك عن استقباله لك، فاعذره؛ فإنه أدرى بحاله بيته. قال التابعي الجليل قتادة بن دعامة السدوسي:

((ولا تقفن على باب قوم ردوك عن بابهم؛ فإن لك حاجات، ولهم أشغالا، وإنهم أولى بالعذر)).

حافظ على بصرك

عندما تستأذن على بيت غيرك لتدخل إليه؛ فحافظ على بصرك من النظر في جوف البيت وعوراته؛ فإن ذلك عيب وإساءة؛ فعن سعد بن عبادة t قال: جاء رجل فقام على باب النبي r: ((هكذا عنك))؛ يعني نحاه وأمره بالتباعد عن مواجهة فتحة الباب، ثم قال له: ((فإنما الاستئذان من أجل النظر)).

وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعد t قال: ((اطلع رجل في جحر- أي: ثقب- في حجر النبي r قال: ((لو أعلم أنك تنظر لطعنت به عينك! إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)).

في الحذاء أدب رفيع

عندما تزور بين أخيك- أو تدخل بيتك- كن لطيفا في مدخلك ومخرجك، غاضا طرفك وصوتك، واخلع حذاءك في محله، وصف نعليك أثناء خلعهما، ولا تدعهما هكذا وهكذا، ولا تنس آداب لبس الحذاء وخلعه؛ فقد قال سيدنا رسول الله r: ((إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمنى أولهما تنعل وأخرهما تنزع)).

وقبل الدخول إلى بيتك أو بيت أخيك:- انظر في نعليك، فإذا رأيت فيهما شيئا من آثار الطريق فأمطه عنهما، وادلكهما في الأرض لينزاح عنهما ما علق بهما؛ فإن الإسلام دين النظافة واللطافة.

إجلس حيث أجلسك صاحب الدار

لعلك- إن جلست كما تريد- تجلس في مكان يكشف عورة الدار؛ ففي خبر إسلام الصحابي الجليل عدي بن حاتم الطائي t: أنه قدم على النبي r، فأكرمه بالجلوس على وسادة، وجلس رسول الله r على الأرض.

قال عدي t: ((ثم مضى بي رسول الله r، حتى إذا دخل بيته، تناول وسادة من أدم محشوة ليفا، فقذفها إلي؛ فقال: “بل أنت”، فجلست عليها، وجلس رسول الله بالأرض)).

لا تكشف مستورا أو تفتح مغلقا

إذا دخلت داراً غير دارك؛ فلا تفتح مغلقاً من خزانة، أو صندوقاً، أو محفظة، أو صرةً ملفوفة، أو شيئاً مستورا؛ فإن هذا خلاف أدب الإسلام، فاعرف لزيارتك آدابها، واسلك لحسن المعاشرة أبوابها، تزدد عند مضيفك حبا وتكريما.

ضع كلامك في موضعه

لا تتحدث إلا بما يناسب المقام مع الإيجاز، وإذا كنت صغير القوم، فلا تتكلم إلا إجابة عن سؤال، أو علمت أن كلامك سيقع منهم في موقعه، ولا تسهب في الحديث، ولا تغفل عن أدب المقام في هيئة جلوسك وأسلوب كلامك.

صافح الكبراء وأهل الفضل أولا

إذا دخلت مجلسا فابدأ بالسلام على من فيه جميعا، وإذا أردت المصافحة فابدأ بالأفضل أو الأعلم أو الأتقى أو الأكبر، ولا تبدأ بأول من تراه ولو كان من جهة اليمين إذا كان مفضولا،

قال r: ((كبِّر كبِّر))، وفي رواية: ((كبر الكبر في السن))، وفي رواية أبي يعلى والطبراني؛ قال r: ((ابدأ بالكبراء)) أو قال: ((بالأكابر)).

لا تقعد بين جليسين

قال سيدنا رسول الله r: ((لا تجلس بين رجلين إلا بإذنهما)).

ومن التأدب في ذلك:

1- أن تجمع نفسك ولا تجلس متربعا.

قال ابن الأعرابي: ((قال بعض الحكماء: اثنان ظالمان: رجل أهديت له نصيحة فاتخذها ذنبا، ورجل وُسِّعَ له في مكان ضيق فقعد متربعا)).

2- إذا جلست إليهما فلا تلق بسمعك إلى حديثهما، إلا إذا كان غير سر، ولا خاص بهما

لقول الرسول r: ((من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة))

أي: الرصاص المذاب.

3- إذا كنتم ثلاثة فلا تسر إلى جليسك بحديث دون الآخر؛ فإنك بهذا توقع في نفس ثالثكم ظنا وإيهاماً بأن الحديث المسر به ربما يكون عليه

قال r: ((لا يتناجى اثنان بينهما ثالث)).

إعرف للكبير حقه وقدره

إذا ماشيته فسر عن يمينه متأخراً عنه بعض الشيء، وإذا دخلت أو خرجت فقدِّمْه عليك، وإذا التقيت به فأعطه حقه من السلام والاحترام، وإذا اشتركت معه في حديث فمكِّنْه من الكلام قبلك، واستمع إليه بإصغاء وإجلال، وناقشه بأدب وسكينة ولطف، وغض من صوتك في حديثك إليه، ولا تنس تكريمه في الخطاب والنداء، قال رسول الله r: ((ليس منا من لم يجل كبيرنا))، وفي رواية: ((ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه)).

راعِ الأدب مع أبيك وأمك أتم المراعاة

فإنهم أحق الناس منك بذلك؛ وقد جاء رجل إلى رسول الله r فقال: ((يا رسول الله. من أحق الناس بحسن الصحبة مني؟)) قال: ((أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك)).

وحدث هشام بن عروة عن أبيه:- أن أبا هريرة t رأى رجلا يمشي بين يدي رجل، فقال له: ((ما هذا منك؟)) قال: ((أبي))، قال: ((فلا تمش بين يديه، ولا تجلس حتى يجلس، ولا تدعه باسمه)).

العين تُسَرُّ بالطلعة الجميلة المتناسقة

إذا خرجت لاستقبال والد أو قريب أو صديق، أو قدمت من سفر؛ فلاحظ:

أ- نظافة أطرافك، وحسن هيأتك، وانتظام مظهرك اللائق بك.

ب- لا تتوانَ في تحسين مظهرك، فإن ذلك ينقص من لذاذة فرحة اللقاء، وقد قال النبي r: ((إنكم قادمون على إخوانكم فأحسنوا لباسكم، وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش)).

ج- اصطحاب شيء من الهدية للقادم عليهم، أو القادمين عليك، وإلى هذا يشير الرسول الكريم r بقوله: ((تهادوا تحابوا)).

كنْ عارفاً بآداب الضيافة

إذا نزل بك ضيف فاعرف آداب ضيافته، وراع حق إكرامه؛ فأطعمه طيب الطعام من غير إسراف أو تقتير، وأحسن مجلسه ومقيله، ومبيته، وعرفه جهة القبلة في منزلك، ودله على مكان الطهارة والوضوء.

وإذا قدمت له منديلا للتنشيف فليكن نظيفا غير ما تستعمله أنت وأولادك، وقرب إليه بعضاً من الطيب إن أمكن، والمرآة ليتجمل، وقبل دخوله الحمام غَيِّبْ ما فيها مما لا يحسن أن تقع عليه عينُ الضيف.

وراعِ راحته أثناء النوم والاستراحة، فجنِّبْه ضجيج الأطفال وصخب البيت؛ ما استطعت.

وتجمَّلْ له في غير تكلف، وقمْ في خدمته بذوق وتقدير.

وإذا نزلت ضيفاً على أحد فكن لطيفاً خفيفَ الظل ، وراعِ ظروفه وأوقات عمله وراحته.

إحرص على عيادة المريض

قال r: ((من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس؛ فإذا جلس اغتمس فيها))؛ غير أن لزيارة المريض آدابا تطلب من الزائر، حتى تكون منعشة له، رافعة من معنوياته، معينة على تخفيف آلامه، زائدة من صبره واحتسابه، ومن ذلك:

1- ألا تطيل الجلوس عنده؛ لأن له من الظروف المرضية الخاصة ما لا يسمح بإطالة الجلوس عنده.

2- كن نقي الثوب، طيب الرائحة.

3- لا تدخل عليه بملابس الزينة والأفراح، ولا تكن متطيباً بطيب شديد الرائحة؛ حتى لا تزعجه أو تؤذيه.

4- لا تحدثه بما يغمه أو يكدره ويحزنه، أو يؤثر على صحته ويجرح شعوره.

لا تستخبر عن نوع مرضه إلا أن تكون طبيبا، ولا تجتهد عنده بوصف دواء كان نافعا معك أو مع غيرك، فربما بجهل منه يستعمله فيضر به، وربما كان ذلك سببا لهلاك المريض.

تلطَّفْ في الإخبار عن المصائب والفواجع

إذا أخبرت عن أمر مكروه فتلطَّفْ في الإخبار، ومهِّدْ له بما يخفف عن صاحب المصاب مصابه، ولا تصكَّ سمعه بالخبر المفجع صكا، وتحيَّنْ الوقت الملائم لإخباره؛ فلا تخبره بذلك وهو على طعام، أو قبل النوم، أو في حالة مرض أو استفزاز.

وإذا أصيب أحد عزيز أو قريب عليك بموت أحد من أسرته ؛ فلا تنس تعزيته ولا تبطئ بها، ولا تنس أن تشارك في تشييع الميت إلى قبره، وعند تعزيتك ومواساتك أخاك أو قريبك أو أحد معارفك بمصابه؛ يستحب أن تدعو لأخيك الميت بمثل ما دعا به سيدنا رسول الله r لأبي سلمة t حين توفي، وعزى به أهله: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين- أي كن له خليفة في ذريته الباقين من أسرته-، واغفر لنا وله يارب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه)).

ويحسن أن يكون حديثك مع المعزَّي فيم يتصل بتخفيف وقع المصيبة؛ بذكر أجرها وأجر الصبر عليها، وأن الحياة الدنيا فانية منقضية، وأن الآخرة هي دار القرار، ويحسن ذكر بعض الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة المذكرة بذلك، فتذكر مثل قول الله سبحانه وتعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{155} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ{156} أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

لا ترفعْ صوتك فوق الحاجة لأنه مخلٌ بالأدب

وهذا الأدب ينبغي مراعاته مع الصديق والمثيل، ومع من تعرفه ومن لا تعرفه، ومع الأصغر منك والأكبر، وتزداد مراعاته تأكيدا مع الوالدين أو من في مقامهما، ومع من تعظمه من الناس؛ ففي القرآن الكريم في وصية لقمان لابنه: ((وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ))؛ أي: اخفض منه، ولا ترفعه عالياً إذا حادثت الناس؛ فإن الجهر الزائد بالصوت منكر وقبيح.

حكي الحافظ الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة عبد الله بن عون البصري تلميذ الإمام ابن سيرين وأحد الأئمة الأعلام: أن أمه نادته، فعلا صوته صوتها؛ فخاف؛ فأعتق رقبتين.

وقال عاصم بن بهدلة الكوفي المقرئ رحمه الله صاحب القراءة المعروفة: ((دخلت على عمر بن عبد العزيز؛ فتكلم رجل عنده فرفع صوته، فقال عمر: مه؛ كف، بحسب الرجل من الكلام ما أسمع أخاه أو جليسه)).

كنْ مستمعاً جيدا ولا تقاطعْ من يتكلم

إذا أشكل عليك شيء من حديث محدثك؛ فاصبر عليه حتى ينتهي من الحديث، ثم استفهم منه بأدب ولطف، ولا تقطع عليه كلامه أثناء الحديث؛ فإن ذلك يخل بأدب الاستماع، ويحرك في النفس الكراهية؛ إلا إذا كان المجلس مجلس دراسة وعلم، فيحسن فيه السؤال بأدب وكياسة.

وإذا سُئِل جليسك عن شيء؛ فلا تبادر أنت بالإجابة عنه؛ فإن ذلك أحفظ لأدبك وأنبل لشخصك، وأرفع لحديثك ومقامك.

راعِ حال النيام بالليل والنهار

إذا دخلت مكانا فيه نيام، فراعهم وتلطف في حركتك وصوتك عندهم؛ حتى لا توقظهم، أو تسبب لهم قلقا. قال المقداد بن الأسود t:

((كنا نرفع لرسول الله r نصيبه من اللبن، فيجئ من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ النائم، ويسمع اليقظان))، وكان r إذا قام يتهجد بالليل قرأ بصوت يؤنس اليقظان، ولا يوقظ الوَسْنَان.

إشهد عقد النكاح فإن شهوده سنة

يستحب إنشاء العقد في المسجد، وفي الحديث الشريف: ((أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف)).

وقد رخَّصَ النبي r في عقد النكاح بضرب الدفوف للنساء بلا خلاف، وللرجال أيضا على الأصح؛ شهراً للزواج وإعلاناً به، وتفرقةً بين القِران الخبيث الحرام والزواج الطاهر الحلال.

وفي حضورك للعقد تحقيق للإعلان، ومشاركة لأخيك المؤمن وأختك المؤمنة في العمل الصالح.

وإذا دعيت إلى ذلك فلتكن بتلبية الدعوة، وخذ زينتك المشروعة لهذا اللقاء الطيب الكريم؛ فقد كان الصحابة y إذا تزاوروا تجملوا.

وليكن حديثك منسجما مع المناسبة والابتهاج بها، ولا تتحدث بما يحزن الحاضرين أو تمجه النفوس والأسماع؛ فالمؤمن كيس فطن، ولتكن تهنأتك للزوجين بدعاء الرسول r: ((بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير)).

ولا تهنئه بالقول الذي يهنئ بعض الناس: ((بالرفاء والبنين))؛ فإنه من تهنئة الجاهلية، وقد نهى عنه الرسول r.