المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله r ومن والاه وبعد :
فإن الحملة العالمية على الإسلام والمسلمين متشبعة الجوانب ، بعيدة عن الغايات، متقنة الطرق والوسائل ، مرسومة مناهجها ، ومتعددة مراحلها .
تارة تلجأ إلى السف ، وتارة تلجأ إلى المكر والخديعة ، وتارة تظهر بلباس العدو اللدود ، وتارة تظهر بثياب الصديق الودود .
وقد صار لها فى ديار المسلمين قواعد تركن إليها ، وتعتمد عليها ، وأنشأت فيها جيلاً يحمل بكل جرأة فكرها ، ويلحن بكل وقاحة بمنطقها ، يلبس لبوسها ، ولا يقل فى حقده على الإسلام عن حقدها ، بل ربما فاقها وتجاوزها ، وهذه هى طبيعة الإمعات والأذناب ، تذوب شخصيتهم فى شخصية أسيادهم ، فلا يعلمون ما يؤمرونهم به ، بل يتنسمون إلى مرضاتهم ، وبذلك ينحطون إلى الحضيض ، وينزلون إلى ما دون مرتبة العبيد ، إذا للعبد فى بعض الحالات مواقف يعبر فيها عن آدميته ووجوده ، وهؤلاء لا وجود لهم أمام أسيادهم .
ولذلك وجدنا فى كثير ممن يلبس لبوس الإسلام ، ويخفى تحته أحقاد الصليب ، ممن كان ينتمى إلى هذه الأمة وجدنا فيهم ما لم نجده فى الأعداء أنفسهم.
فالأعداء بمكرهم ودهائهم كفوا أنفسهم مؤنة المجابهة والمقارعة عن طريق أولئك الصعاليك المتهالكين فى إرضاء السادة المتغطرسين .
وغاية الجميع واحدة ألا وهى التشكيك فى الإسلام ومبادئه بما ذكرنا من المناهج والوسائل .
وهذه التشكيكات وإن كنا على يقين بأنها لن تؤثر على الإسلام ، إلا أنها قد تعمل عملها عند ضعفاء العقول ، وضعفاء الإيمان ، مما نرى آثاره ظاهرة جلية فى مجتمعاتنا الإسلامية .
وهذه هى طبيعة الشبهة إن لم تدم أن تكون وتستمر ، ألا أنها تترك العلامة والأثر.
ونحن الدعاة وإن كنا لا نريد أن تكون أعمالنا انفعالات لفعل أعدائنا ، يستشيرونا فيما يريدون لنُثارَ وتُسْتَفرق طاقتنا فى مناهجنا المرسومة لنا ، إلا أننا نجد أنفسنا فى كثير من الأحيان مضطرين للرد والمجابهة ، لأن الشبهة وإن كانت ضعيفة ، أو هى من بيت العنكبوت ، إلا أن كثرة الشبه يشكل تياراً ، وقد يؤدى إلى الهدف المنشود ، ولذلك نجد أنه لا بد من الوقوف والرد .
وهذا الموضوع الذى سأتكلم به – وهو العقل والغيب – وإن كان بحثاً فيما يجب على المسلم أن يلتزمه بين عقله ودينه ، إلا أنه فى نفس الوقت رد على جعجعة طالما رددها أناس ممن ذكرنا ، ولا زالت تردد فى كل مناسبة وحين ، عزا فيها المرجفون تخلف الأمة إلى الإيمان بالغيب وربط مصيرها بالله .
وسوف نرى من خلال السطور القادمة بعد كلماتهم ، المعبرة عن غيظ قلوبهم ، والتى ذرفوها دموعاً فى بكاء التماسيح على أمجاد الأمة وحضارتها ، لنرى الفارق العجيب بين الباكى والمتباكى ، والمثال البديع لحاقد ينفث بلسان ودود ناصح زعاف سمه ، وخبث باطنه .
والله هو الموفق والهادئ إلى سواء السبيل .
د. محمد حسن هيتو
الكويت 27 من ربيع الأول سنة 1412 هجرية
5 تشرين الأول سنة 1991 مسيحية