تغازلنى المنية
تغازلني المنيةُ من قريب
وتلحظني ملاحظة الرقيب
وتنشر لي كتابا فيه طييِّ
بخط الدهر أسطره مشيبي
كتاب في معانيه غموض
يلوح لكل أوَّاب منيب
أرى الأعصار تعصر ماء عودي
وقِدْمًا كنت ريان القضيب
أدال الشيب يا صاح شبابي
فَعَوَّضَتِ البغيض من الحبيب
وبدَّلَتِ التثاقل من نشاطي
ومن حسن النضارة بالشحوب
كذاك الشمس يعلوها اصفرار
إذا جنحت ومالت للغروب
تحاربنا جنود لا تُجارى
ولا تُلقى بآسادِ الحروب
هي الأقدار والآجال تأتي
فتنزل بالمُطَبَّبِ والطبيب
تُفَوِّقُ أسهما عن قوس غيب
وما أغراضها غير القلوب
فأنى باحتراس من جنود
مؤيدةً تُمَد من الغيوب
وما آسى على الدنيا ولكن
على ما قد رَكِبْتُ من الذنوب
فيا لهفي على طول اغتراري
ويا ويحي من اليوم العصيب
إذا أنا لم أنح نفسي وأبكي
على حوبي بتهتان سكوب
فمن هذا الذي بعدي سيبكي
عليها من بعيد أو قريب
أبو اسحاق الألبيري
375 -460 هـ / 985 – 1067 م
إبراهيم بن مسعود بن سعد التُجيبي الإلبيري أبو إسحاق.
شاعر أندلسي، أصله من أهل حصن العقاب، اشتهر بغرناطة وأنكر على ملكها استوزاره ابن نَغْزِلَّة اليهودي فنفي إلى إلبيرة وقال في ذلك شعراً فثارت صنهاجة على اليهودي وقتلوه.
شعره كله في الحكم والمواعظ، أشهر شعره قصيدته في تحريض صنهاجة على ابن نغزلة اليهودي ومطلعها (ألا قل لصنهاجةٍ أجمعين)