الملحمة القرآنية الشعرية
المشهد رقم [1]: بيان فضل القرآن:
في هجعة الليل البهيم…في زمان غابر قديم… عاشت البشرية في تخبط وظلام.. وجهل وشرك وارتكاب للحرام… تقاذفتها الأمواج من كل مكان… وتشعبت بها السبل في كل منعطف وميدان… ولعبت بعقولها الأساطير والخرافات… وقامت بينهم الحروب والثارات… حتى بُعث محمد – صلى الله عليه وسلم – خير الأنام… سيد ولد عدنان… بكتاب يجلوا عن الذهن القتام… هو هدى وشفاء… يدفع كل ضرَّاء ويزيل كل شقاء… اقتفاؤه صلاح… وإتباعه فلاح… والعمل به نجاح…
قال – تعالى -” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ”
سعادتنا في نهجه واتباعه **** وأسلوبه كالشهد عذب مسلسل
ويدعو إلى الإحسان والبر والهدى *** هو العروة الوثقى لمن كان يعقلُ
ألا إنه القرآن دستور ربنا *** فأكرم به ذاك الكتابُ المفصَّلُ
هنيئاً لمن قد جاء يسعى بنوره *** وطوبى لمن في الحشر أقبل يعملُ
إذا فخر الإنسان يوماً برتبةٍ *** فحفَّاظه بالفخر أولى وأفضلُ
فطوبى لحفاظ الكتاب فإنهم *** مع الصفوة الأبرار في الروض ترفلُ
المشهد رقم [2]: القرآن معجزة بيانية:
ألا إن القرآن معجز ببيانه وخطابه، ولفظه وكَلِمِهِ، تحدى الله به العرب والعجم، والإنس والجن في كل الأمم، أن يأتوا بسورة… بعشر آيات… بل بآية مثله… فما استطاعوا…
قال – تعالى -” قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ”
هو كتاب معجزٌ أفحم مصاقع الخطباء، وفاق حديث العرب العرباء، وخطاب مفحم أعجز البلغاء من عصابة الأدباء…. أساس الفصاحة… وينبوع البلاغة والبراعة…
ألا إنه التنزيل والذكر والهدى *** فأكرم بتاليه وأعظم له الأجرا
ففيه من الإعجاز ما الفكر عاجزٌ *** وفيه من الإيجاز ما حير الفكرا
تحدَّى به الأقوام فالكل مفحَم *** وأي بليغ ما تغنى به فخرا؟
تحداهم أن ينهجوا مثل نهجه *** ومن أين للفحَّم أن يصنع الدرا؟
فإما عجزتم أن تجيئوا بمثله *** فهاتوا لنا في مثل آياته عشرا
فما هو بالشعر البليغ نظامه *** ولا السحر فالألباب في فهمه حيرى
وقد فتق الألباب حسن بيانه *** ولطف معانيه كما شرح الصدرا
المشهد رقم [3]: القرآن نظام شامل:
كتاب ربنا هو نور للبشرية جمعاء… ودستور أنزله رب السماء… ونبراسٌ يضئ جوانب الأرض والفضاء… فيه نبأ من قبلنا من الأمم… وما شَرَعَهُ ربنا وحَكَمْ… وما أَمَرَنَا بإتِّبَاعِهِ وألزم… وما نهانا عنه ربنا وحرَّم… ينظم الحياة للبشر… ويـدل عـلى الـخـيـر ويحذر من الشر… ملئ بالأخبار والمواعظ والعبر…
قال – تعالى -” إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً ”
كفى بكتابكم يا قوم نورا *** فشقوا السُّبْلَ، واخترقوا الظًَّلاما
كتاب الله لولا أن هدانا *** لما وضح السبيل ولا استبانا
نظام الدين والدنيا وماذا *** يكونُ الناس إن فقدوا النظاما؟
وما نفع الحياة لكل حَيٍّ *** إذا ما أصبحت داءً عقاما؟
كفى بكتابكم يا قوم طباً *** لمن يشكو من الأمم السَّقاما
كتاب يملأ الدنيا حياةً *** وَيَنْشُرُ في جوانبها السَّلاما
المشهد رقم [4]: حلقة القرآن الكريم:
يا قوم أوما سمعتم ما قاله نبيكم محمد – صلى الله عليه وسلم – فيما صحَّ عنه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – “… وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده… ”
يا لها من حظوة عظيمة ينالها أهل حلق القرآن… سكينة ورحمة واطمئنان… وذكرٌ عند ملأ
العظيم المنان… وفي الأخرى النعيم المقيم في أعالي الجنان…
حَلْقَةُ القرآن ما أبهى رباها! *** أنا لا أعشق في الدنيا سواها
روضةٌ ناضرةٌ فواحةٌ *** زهت الأكوانُ من طيب شذاها
قد تجلت شمسها ساطعةً *** تُبْهَرُ الأعين من نور سناها
فبها ما تشتهي من متعٍ *** ونعيم الروحِ، ما أحلى جناها
هي للمؤمن نور وهدى *** وحياة الروح فازت برؤاها
فترى الأنفسُ فيها سلوةً *** وترى روضها الزاهي مناها
قرّت العين في أجوائها *** وقد إنجاب عن النفس عماها
جلَّ من أبدعها من روضة *** ضمّخ الريحانُ والمسكُ ثراها!
المشهد رقم [5]: تيسير حفظه:
نعم قد اشتفيت من معرفة فضل هذا الكتاب الربَّاني، وأنه الطريق الوحيد للسعادة في الدارين، لكن نفث الشيطان في روعي أني لا أطيق جمعه في صدري، وأن حفظه صعب ٌ وطويل…
كفَّ عنك هذه الأباطيل، واستمع إلى ما جاء في التنزيل:
قال – تعالى -” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدَّكر ”
قال – تعالى -” فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً ”
ميسَّرٌ حفظه والله يسره *** يسري إلى القلب والألبابَ يَجْتَذِبُ
ينالُ قارئُهُ من جودِ قائلِهِ *** والخيرُ من فيضِ جودِ الله مُنْسَكِبُ
الحرف أجرته عشرٌ يضاعفُها *** ربٌ كريمٌ عن الأبصار مُحتجِبُ
آياته نسخت ما كان من كتبٍ *** فحكمهُ ذاهبٌ في الناسِ ما ذهبوا
المشهد رقم [6]: ما ينبغي لحامله:
كمال الإنسان بالعلم النافع… والعمل الصالح… وليس ذلك إلا بالإقبال على القرآن وتفهمه وتدبره… ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ” و استخراج كنوزه… وإثارة دفائنه… وصرف العناية إليه… والعمل بما فيه… وتحسين صوته عند قراءته…
قال الفضيل بن عياض (حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيماً لحق القرآن)
فيا أمة التوحيد هذا كتابكم *** فلا تتركوه للعدا أو ير الهجرا
وما دمتم مستمسكين بحبله *** فلن يدرك الأعداء في كيدهم نصرا
فيا رب ألهمنا السداد بحفظه *** ويسر لنا مما نخاف به العسرا
ووفق شباب المسلمين لنهجه *** عسانا تعيد المجد والسيرة الغرا
ونبني على ضوء الكتاب حياتنا *** فنملك فيه العز والغاية الكبرى
فيا رب يا رحمن نرجوك رحمة *** وعزاً بدنيانا وعفوك في الأخرى
قال – تعالى -: ” إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ”
وقال – صلى الله عليه وسلم – (اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)
فمن كان يرجوا أن يفوز بجنة *** فجنته في فهمه إذ يرتل
وعش في ظلال الذكر تحت لوائه *** ملاذ لنا في النائبات ومعقِلُ
تباركت يا ربي لك الملك كله *** فما شئت يا مولاي في الملك تفعل
أعنا على حفظ الكتاب وفهمه *** فإياك نستهدي وإياك نسأل