المرء مع من أحب
المرء مع من أحب
بيني وبين اللِّحاق بركبهم مسافات شاسعات
وجبال عاتيات
وهمم عاليات
إلا أن حبهم التصق بالروح وخالط الوجدان وصار هو الجوى والهوى
وصارت سطور بطولاتهم مكتوبةً في قلبي بماء الذهب
وصارت الروح شغوفةً برؤية أشباههم حتى أنها عشقت الشمس والقمر
من لي بمثلهم
خلت الدنيا من صورهم بل حتى من نظائرهم
وصار المحال صحبة من يحاكيكم
لأن الأرض ما عادت تحمل غير آثارهم وكأنها أقسمت أن لن تستخلف بعدهم أحدا.
فآهٍ على توديع أنفاسهم
لو يعلمون ما بدلنا بعدهم
وما خذلنا في مواطن نصرهم
أسفي على رحيل رجال مثلهم
كانت حلَّتهم الخشية
وكان يعلوهم البهاء وحسن الطلعة
وكان الحلم زادهم
والعلم قوتهم
والدعاء سلاحهم
والصلاة نورهم
والصدقة ضياؤهم
والقيام وقارهم
والصيام جهادهم
علموا فعملوا
فصار لسان حالهم أبلغ من لسان مقالهم
دعت لهم الأرض والسماء
وصلَّتْ عليهم الملائكة وغشيتهم الرحمة
برؤيتهم يُذكر الله
ويُقام المعروف ويُهجر المنكر
كيف لا يكون ذاك
وقد كان القرآن سمتهم
والذكر قوتهم
والصمت زينتهم
والرحمة جوابهم
اغتسلوا بنهر الصدق
وتطيبوا بطيب الخلق
وتحلَّوْ بزينة التقوى
اللهم احشرنا مع محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه
فإنَّا أحببناهم ولمَّا نلحق بهم.