طرائف الأدب من لهجات العرب
طرائف الأدب من لهجات العرب
يتساءل بعض الإخوة عن أصول بعض اللهجات العربية، ومدى فصاحتها، وسأضرب أمثلة على بعض الألفاظ من مختلف اللهجات العربية، وأجتهد في تخريجها اللغوي وردها إلى أصولها لعلي أقدم للإخوة المهتمين والمتابعين شيئاً من الفائدة بمعرفة طرف من لهجات العرب، وسأبدأ بألفاظ من اللهجة المصرية، ثم أتبعها باللهجة الشامية، ثم أختم باللهجة الخليجية (الترتيب بحسب الحجم):
أولاً- اللهجة المصرية:
1- إزّيَّك: معناها: كيف حالك؟ وأصلها – على رأي الشيخ علي الطنطاوي-: مأخوذ من قولهم : (هذا سَيْ هذا ) يعني مثله وشبهه، ومنه قولهم : الأمر سِيَّانِ، وقد يقال هُمْ سِيٌّ، كما يقال هُمْ سَواءٌ، وسِيَّان مِثْلان، والواحِدُ سِيٌّ.
2- بُصْ: معناها: انظر. وأصلها: بَصَّصَ من البَصِيصِ، وهو البَريق؛ لأَنه إِذا فَتَح عينيه فَعَل ذلك. لسان العرب – (ج 7 / ص 5).
3- عَيَّطَ: إذا مدّ صوته بالصّريخ، وهو العياط. أساس البلاغة للزمخشري – (ج 1 / ص 327). نكتفي بهذه الأمثلة وأصلها من الفصيح في اللهجة المصرية.
ثانياً- اللهجة الشامية:
1- هَلّأْ: تعني الآن، ويقابلها في اللهجة الخليجية (الحين)، وأصل (هَلّأْ) مأخوذ من هَلَقَ، وبعض اللهجات الشامية تلفظها بالقاف: (هَلَّقْ)، وبعضها وهو الأشهر بإبدال القاف ألفاً: (هَلّأْ) ، قال ابن سيده: الهَلَق: السرعة في بعض اللغات. انظر: كتاب المحيط المحكم- مادة: هَلَقَ.
2- بَدِّي: أي: أريد أو أطلب ، ويقابلها عند المصريين: عَاوِز. قال ابن منظور: البَدُّ والبِدُّ …: النصيب من كل شيء. لسان العرب. مادة: ب د د. فكأنه يريد عند قوله: بَدِّي: أعطني نصيبي وحظي.
3- زَلمَه: يعني: رجل. وأرى هنا الهاء للسكت، والأصل: زلم، وتعني: القوة، ولقد أطلق الشاعر لبيد على أظلاف البقرة الوحشية أزلاماً لقوتها فقال:
حتى إذا انحسر الظّلامُ وأسْفَرَتْ … فغَدَتْ تَزِلُّ عن الثّرَى أزلامُها
ورجل مزلَّم: قليلُ اللحم نحيفُ الجسم، وكذلك فرس مزلَّم. انظر: المحيط في اللغة للصاحب ابن عباد. مادة: ز ل م.
ثالثاً – اللهجة الخليجية:
1-يَار: وتعني: جَار. قال ابن سيده: يمكن أن يكون يارٌّ لغة في جارٍّ، وفي شرح التسهيل لأبي حيّان قال أبو حاتم: قلت لأم الهيثم: هل تبدل العرب من الجيم ياء في شيء من الكلام؟ فقالت: نعم، ثم أنشدتني:
إن لم يكن فيكن ظِلٌّ ولا جَنى … فأبعدَكنَّ اللّهُ مِنْ شَيرات
تقصد: (شجرات). انظر: كتاب المخصص- (ج 3 / ص 308) والمزهر للسيوطي- (ج1 / ص150).
2-الهَوْشَةُ: هاش القوم: هاجوا واضطربوا. وهاش أهل الحرب بعضهم إلى بعض: خفّوا ونهضوا، وتهاوشوا. وهاشت الخيل في الغارة: نفرت وتردّدت. ويقولون: وقعت هوشةٌ في السوق، والهوشة: الفِتنة والاضطراب، وفي حديث بن مسعود رضي الله تعالى عنه { إياكُم و هَوْشَاتِ الليل وهَوْشَاتِ الأسواق}. انظر: كتاب مختار الصحاح لأبي بكر الرازي- (ج 1 / ص 705) وأساس البلاغة للزمخشري- (ج 2 / ص 6). وقانا الله وإياكم شر الهوشات.
3-(عيْنج وعيُوْنِج) تقال للمرأة بدل ( عينكِ وعيُوْنكِ): وتسمى الكَشْكَشة، وهي قلب كاف المؤنث شيناً، وهي لغة بني تميم وبني أسد، وكانوا ينشدون:
فَعَيْناشِ عيْناها، وجيدُشِ جيدُها … ولَوْنُشِ إِلاَّ أنها غيرُ عاطلِ
وأصل البيت لذي الرمة:
فعيناكِ عيناها وجِيدُكِ جِيدُها … ولونُكِ لولا أنها غيرُ عاطلِ
قاله لما رأى غزالاً شارداً، فخاطب الغزال قائلاً: إن التشابه كبير بينكِ وبينها في العيون والعنق واللون، ولكن هي تتزين بالحُلِي، وأنت أيتها الغزال عاطل أي: بلا زينة، فبالتالي هي فاقتكِ جمالاً وزينة. انظر: الأغاني للأصفهاني- (ج 18 / ص 29)، وفقه اللغة للصاحبي- (ج 1 / ص 8)
أكتفي بهذا القدر من البحث في اللهجات العربية كي لا أطيل عليكم، وأتمنى أن أكون قد قدمتم لكم الفائدة المرجوة، وأترك المجال لتعليقاتكم حول الموضوع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.