هل الفطرة دليل؟ دراسة تأصيلية
هل الفطرة دليل ؟ دراسة تأصيلية
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :
فقد درج البعض على الاستدلال بالفطرة عند تقرير المسائل العقدية أو غيرها وعند محاجة الخصوم فتجد البعض يقرر أمراً في العقيدة ثم يقول: وقد دل على ذلك دليل الفطرة
فهل الفطرة دليل شرعي يعتمد عليه ؟
إن علماء الأصول قد ذكروا الأدلة الشرعية المجمع عليها والمختلف فيها ولم يذكروا دليل الفطرة أبدا فليست الفطرة من الأدلة لا المجمع عليها ولا المختلف فيها, وقد يستدل من يقول بأن الفطرة حجة ودليل يعتمد عليه بما يلي:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
في صحيح البخاري 1/465 ومسلم 4/2047: ( عن أبي هريرة أنه كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ) اهـ
زاد مسلم : ( ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله الآية } ) اهـ
2- حديث عياض بن حمار رضي الله عنه :
في صحيح مسلم 4/2197 : ( عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته : ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبداً حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا … ) اهـ
ورواه النسائي 5/26 وابن حبان 2/425
قالوا : فالفطرة والحنيفية هي الإسلام ويدل عليه أنه قال يهودانه .. ولم يقل يسلمانه وإذا كانت الفطرة هي الإسلام فهي دليل يحتج به.
وليس في هذين الحديثين ما يدل على أن الفطرة دليل وذلك من وجهين:
الوجه الأول:
أن تفسير الفطرة بالإسلام غير صحيح والتفسير الصحيح هو: أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ ويدل على ذلك أدلة ومنها:
من القرآن :
قول الله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا … ) وشيئا نكرة في سياق النفي فتفيد العموم قال ابن جرير 7/625:
(يقول تعالى ذكره : والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم ، لا تعقلون شيئاً ولا تعلمون ، فرزقكم عقولاً تفقهون بها ، وتميزون بها الخير من الشر وبصركم بها ما لم تكونوا تبصرون ، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به الأصوات ، فيفقه بعضكم عن بعض ما تتحاورون به بينكم ، والأبصار التي تبصرون بها الأشخاص ، فتتعارفون بها ، وتميزون بها بعضاً من بعض ) اهـ
وقال القرطبي 10/132 : ( قوله تعالى : والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا , ذكر أن من نعمه أن أخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالاً لا علم لكم بشيء . وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : لا تعلمون شيئاً مما أخذ عليكم من الميثاق في أصلاب آبائكم .
الثاني: لا تعلمون شيئا مما قضى عليكم من السعادة والشقاء.
الثالث : لا تعلمون شيئا من منافعكم ) اهـ
وقال ابن عبد البر في التمهيد 18/59 : ( ويستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفراً أو إيماناً ، لأن الله أخرجهم في حالٍ لا يفقهون معها شيئاً ، قال الله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) فمن لا يعلم شيئاً استحال منه كفر أو إيمان ، أو معرفة أو إنكار ) اهـ
ومن الأحاديث :
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
في صحيح مسلم 4/2048: ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها ) اهـ
ففي هذا الحديث جعل الإسلام بالنسبة للفطرة كغيره من الأديان مما يدل على أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ
قال النووي في شرح مسلم 16/207 : ( الأصح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئاً للإسلام فمن كان أبواه أو أحدهما مسلما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه أي يحكم له بحكمهما في الدنيا فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما فان كانت سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره ) اهـ
وقال ابن الأثير في النهاية 1/247: ( ومعنى الحديث : أن المولود يولد على نوع من الجبلة , وهي فطرة الله تعالى وكونه متهيئا لقبول الحق طبعا وطوعا ,لو خلته شياطين الإنس والجن وما يختار لم يختر غيرها,فضرب لذلك الجمعاء و الجدعاء مثلا . يعني أن البهيمة تولد مجتمعة الخلق , سوية الأطراف , سليمة من الجدع ,لولا تعرض الناس إليها لبقية كما ولدت سليمة .) اهـ
2- حديث أبي سعيد رضي الله عنه :
في سنن ا لترمذي 4/483 : ( عن أبي سعيد قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة العصر بنهار ثم قام خطيبا فلم يدع شيئا يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه …
فكان فيما حفظنا يومئذ ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا … ) الحديث قال الترمذي : حسن صحيح
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي 6/357 : ( فمنهم من يولد مؤمنا ) أي من أبويه المؤمنين أو في بلاد المؤمنين فإنه حين يولد قبل التمييز لا ينسب إليه الإيمان إلا باعتبار ما علم الله فيه من الأزل أو باعتبار ما يؤول إليه أمره في الاستقبال ( يحيى ) أي يعيش في جميع عمره من حين تمييزه إلى انتهاء عمره ( مؤمنا ) أي كاملا أو ناقصا ( ويموت مؤمنا ) أي وكذلك جعلنا الله منهم ( ومنهم من يولد كافرا ) أي بخلاف ما سبق وهو لا ينافي ما ورد كل مولود يولد على الفطرة فإن المراد بها قابلية قبول الهداية لولا مانع من بواعث الضلالة كما يشهد له قوله فأبواه يهودانه الحديث ) اهـ
3- حديث أبي بن كعب رضي الله عنه :
في سنن الترمذي 5/312: ( عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا , قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ) اهـ
ورواه أبو داود 4/227والنسائي في الكبرى 3/427وابن حبان 14/108
قال المباركفوري 8/473 : ( قوله ( طبع يوم طبع كافرا ) أي خلق يوم خلق كافرا يعني خلق على أنه يختار الكفر فلا ينافي خبر كل مولود يولد على الفطرة إذ المراد بالفطرة استعداد قبول الإسلام وهو لا ينافي كونه شقيا في جبلته ) اهـ
وقال ابن القيم في شفاء العليل ص 443 : ( فإن قيل : فالغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ، وقال نوح عن قومه : ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي مرفوعا : إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيى مؤمنا ويموت مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ويموت كافرا … الحديث
قيل : هذا لا يناقض كونه مولودا على الفطرة ، فإنه طبع وولد مقدرا كفره إذا عقل ، وإلا ففي حال ولادته لا يعرف كفرا ولا إيمانا ، فهي حال مقدرة لا مقارنة للعامل ، فهو مولود على الفطرة ومولود كافرا باعتبارين صحيحين ثابتين له ، هذا بالقبول وإيثار الإسلام لو خلي ، وهذا بالفعل والإرادة إذا عقل . ) اهـ
4- حديث أبي ذر رضي الله عنه:
في صحيح مسلم 4/1994 : ( عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه : قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم … )
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/225: ( قوله كلكم ضال إلا من هديته قد ظن بعضهم أنه معارض لحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل خلقت عبادي حنفاء وفي رواية مسلمين فاجتالتهم الشياطين وليس كذلك فإن الله خلق بني آدم وفطرهم على قبول الإسلام والميل إليه دون غيره والتهيؤ والاستعداد له بالقوة لكن لا بد للعبد من تعليم الإسلام بالفعل فإنه قبل التعلم جاهل لا يعلم كما قال عز وجل والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) اهـ
5- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
في مسند الإمام أحمد 3/ 353 : ( عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا ) اهـ
قال الهثمي في المجمع 7/218 : (رواه أحمد وفيه أبو جعفر الرازي وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجاله ثقات ) اهـ
وممن ذهب إلى أن الفطرة بمعنى السلامة والقابلية والتهيؤ والاستعداد غير من سبق:
ابن عبد البر في التمهيد حيث اختار ذلك من بين عشرة أقوال حكاها في المسألة فقال عمن اختار ذلك 18/59 : ( قالوا فالفطرة الخلقة والفاطر الخالق وأنكروا أن يكون المولود يفطر على كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار قالوا وإنما يولد المولود على السلامة في الأغلب خلقة وطبعا وبنية ليس معها إيمان ولا كفر ولا إنكار ولا معرفة ثم يعتقدون الكفر أو الإيمان بعد البلوغ إذا ميزوا
قالوا ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء على الكفر أو الإيمان في أولية أمرهم ما انتقلوا عنه أبدا وقد نجدهم يؤمنون ثم يكفرون
قالوا ويستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفرا أو إيمانا لأن الله أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئا قال الله عز وجل : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) فمن لا يعلم شيئا استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار
قال أبو عمر : هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الناس عليها والله أعلم وذلك أن الفطرة السلامة والاستقامة بدليل حديث عياض بن حمار عن النبي عليه السلام حاكياً عن ربه عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء يعني على استقامة وسلامة والحنيف في كلام العرب المستقيم السالم ) اهـ
وقال القرطبي في تفسيره 14/24 : ( قلت : وإلى ما اختاره أبو عمر واحتج له ، ذهب غير واحد من المحققين منهم : ابن عطية في تفسيره في معنى الفطرة وشيخنا ابن العباس .
قال ابن عطية : والذي يعتمد عليه في تفسير هذه اللفظة أنها الخلقة والهيئة التي في نفس الطفل التي هي معدة ومهيأة لأن يميز بها مصنوعات الله تعالى ، ويستدل بها على ربه ويعرف شرائعه ويؤمن به ، فكأنه تعالى قال : أقم وجهك للدين الذي هو الحنيف ، وهو فطرة الله الذي على الإعداد له فطر البشر لكن تعرضهم العوارض ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يصرانه ] فذكر الأبوين إنما هو مثال للعوارض التي هي كثيرة
وقال شيخنا في عبارته : إن الله تعالى خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق ، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات ، فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام وهو الدين الحق ) اهـ
وإلى ذلك ذهب أيضا : – ابن قتيبة في تأول مختلف الحديث ص 129 – وأبو شامة كما في فتح الباري 10/339 – والبدر العيني في عمدة القاري 8/178 – وآخرون
والوجه الثاني:
أنه على التسليم بأن الفطرة في الحديث هي الإسلام – وهو ما ذهب إليه طائفة من أهل العلم وهو قول الأكثر في معنى قول الله ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (2) – فليس في ذلك ما يدل على أن الفطرة دليل يعتمد عليه في تقرير العقائد أو غيرها لأن من قال الفطرة هي الإسلام لم يقصد الشرائع أو تفاصيل العقيدة وإنما يريد بالفطرة الإقرار بالخالق
قال ابن القيم في شفاء العليل ص 288-289 : ( ومما ينبغي أن يعلم أنه إذا قيل أنه ولد على الفطرة أو على الإسلام أو على هذه الملة أو خلق حنيفا فليس المراد به أنه حين خرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويريده فإنه الله يقول والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ولكن فطرته موجبة مقتضية لدين الإسلام لقروبه ومحبته فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له
وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المعارض وليس المراد أيضا مجرد قبول الفطرة لذلك فإن هذا القبول تغير بتهويد الأبوين وتنصيرهما بحيث يخرجان الفطرة عن قبولها وإن سعيا بين بينهما ودعائهما في امتناع حصول المقبول أيضا ليس هو الإسلام وليس هو هذه الملة وليس هو الحنيفية وأيضا فإنه شبه تغيير الفطرة بجدع البهيمة الجمعاء ومعلوم أنهم لم يغيروا قبوله ولو تغير القبول وزال لم تقم عليه الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب
بل المراد أن كل مولود فإنه يولد على محبته لفاطره وإقراره له بربوبيته وادعائه له بالعبودية فلو خلي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من الأغذية والأشربة فيشتهي اللبن الذي يناسبه ويغذيه …) اهـ
وهذا مما يقوي القول بأن المراد بالفطرة القابلية والاستعداد والتهيؤ للإسلام لا الإسلام ذاته لأنه لو كان المراد بها الإقرار بالربوبية لما كان لذكر اليهود والنصارى معنى لأن اليهود والنصارى مقرون بالربوبية فهم أيضا على الفطرة
وعلى كلا القولين فلا يمكن أن يستدل بالفطرة لأن المراد بها عند من يقول بأنها الإسلام هو الإقرار بالربوبية وهذه ليست من خصائص المسلمين فاليهود والنصارى مقرون بأن الله هو الخالق فيمكن أن يستدل اليهود والنصارى على عقائدهم بالفطرة ويمكن أن يستدل أهل العقائد الباطلة عليها بالفطرة فكل يقول فطرتي تدل على كذا , فسقط بذلك اعتبار كون الفطرة دليلا شرعيا وذلك لا يخفى على ذي لب
تتمة:
الفطرة في اللغة: هي الخلقة والجبلة
قال ابن منظور في لسان العرب 5/56 : ( و فَطَرَ الله الـخـلق يَفْطُرُهم: خـلقهم وبدأَهم .
و الفطْرةُ: الابتداء والاختراع . وفـي التنزيل العزيز: { الـحمد فاطِرِ السمواتِ والأَرضِ } ) اهـ
وفي فتح الباري 10/339 : ( قال الراغب : أصل الفَطر بفتح الفاء الشق طولا ويطلق على الوهي وعلى الاختراع وعلى الإيجاد والفطرة الإيجاد على غير مثال
وقال أبو شامة : أصل الفطرة الخلقة المبتدأة ومنه فاطر السماوات والأرض أي المبتدئ خلقهن ) اهـ
أما في الشرع فلها معان :
– منها السنة: ومن ذلك حديث ( خمس من الفطرة )
– ومنها السلامة : ومن ذلك حديث ( كل مولود يولد على الفطرة ) كما تقدم
– ومنها الاعتراف بالخالق: ومن ذلك ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها )
وعلى كل الاحتمالات لا يمكن أن تكون الفطرة دليلا شرعيا حتى على القول بأنها الإقرار بالربوبية كما تقدم
فائدة:
ذكر ابن عبد البر في التمهيد 18/59 وما بعدها : أقوالاً كثيرةً في معنى الفطرة في حديث ( كل مولود يولد على الفطرة ) وكل من جاء بعده من شراح الحديث وأهل التفسير فقد اعتمد عليه في حكاية تلك الأقوال ومنهم القرطبي في تفسيره وكذا البغوي في تفسيره وابن حجر في الفتح والعيني في عمدة القاري وغيرهم
وتلك الأقوال على الإجمال هي:
1- أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ
2- أنها الإسلام بمعنى الإقرار بالخالق والربوبية
3- أنها العهد والميثاق الذي أخذه الله على بني آدم وهم في صلب أبيهم آدم عليه السلام
4- أن المراد بها إجراء أحكام الظاهر على الصبي ذي الأبوين الكافرين وأنه يعامل معاملة المسلم وأن ذلك كان في أول الأمر قبل فرض الجهاد ثم نسخ
5- وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لم ينسخ وأن المراد به الحكم بإسلامه إذا مات أبواه
6- أنها ما ابتدأه الله وكتبه على ابن آدم من سعادة أو شقاوة فكأنه قال كل مولود يولد على ما ابتدأه الله عليه من الشقاء والسعادة مما يصير إليه
7- أن اللام في الفطرة للعهد أي فطرة أبويه
8- أنها ما فطرهم الله تعالى عليه من الإنكار والمعرفة والكفر والإيمان
9- الفطرة ما يقلب الله تعالى قلوب الخلق إليه بما يريد ويشاء
هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحب وأتباعه.
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي
اليمن – صنعاء
بريد إلكتروني : afattah31@hotmail.com