الشيخ محمد الحجار
الشيخ محمد الحجار
بقلم : مجد مكي
هو العالم العامل، العابد الزاهد، الولي الصالح الشيخ محمد بن محمود الحجار.
ولادته ونشأته:
ولد رحمه الله تعالى في مدينة حلب الشهباء في حي ساحة بزة سنة 1920م، ونشأ في رعاية والده الصالح محمود، ووالدته الصالحة السيدة فاطمة السبسبي، ودرس في المدرسة الخسروية، ثم انتقل في عام 1948م، لمتابعة دراسته في ( المدرسة الشعبانية) في معهد العلوم الشرعية، وأتمَّ دراسته فيه، وكان معه في مراحل دراسته: الشيخ عبد القادر عيسى، وأحمد شعبان، محمد طاووس، وقد جمع هؤلاء في دراستهم بين الدارسة الشرعية القديمة والجديدة.
وقد أُنشئ هذا المعهد الشرعي في عهد مدير الأوقاف الأستاذ نعمان سخيطة، إذ قرَّر أن يجمع طلاب المدارس الشرعية المتفرقة ( البـهـائية، والسيافية، والقرناصية، والإسماعيلية)، في هذا المعهد، وقسَّم الشيخ عطا الصابوني مدير المعهد الشرعي في (الشعبانية) الطلاب،حسب إمكانياتهم على ثلاثة أقسام: قسم في الدرس العام في قبلية المسجد، يحضره مَنْ تجاوز السن، ولم يعد يصلح للانتظام في الصفوف، وكان يدرسهم الشيخ علي العالم الكيالي، والفئة الثانية تم قبولها في الصف الأول، وبقية الطلاب وزِّعوا على الصف الثاني، والثالث، وكانت الدراسة سبع سنوات، وقُبل الشيخ محمد الحجار في الصف الثالث.
ثم استلم إدارة المعهد الشرعي الشيخ: عبد الله سلطان رحمه الله، ونقم عليه بعض الطلاب بإلزامهم بالانتماء< SPAN> إلى بعض المشايخ، < SPAN> وكان يضغط على الطلاب الذين لا ينطوون تحت لوائه، وعاقب عدداً من الطلاب، وأوقف ستة وعشرين منهم: الشيخ محمد في سجن باب النصر، فخرج الطلاب بمظاهرة تندد بسجن الطلاب، وأرسلوا برقية للشيشكلي:” طلاب العلم الشرعي يقادون بعمائمهم إلى السجون..” فأطلق سراحهم مع رد الاعتبار والاعتذار.
شيوخه:
ومن أبرز شيوخه الذين لازمهم وانتفع بهم: الشيخ أبو النصر خلف الحمصي، وأخذ منه الطريقة النقشبندية، والشيخ عيسى البيانوني، والشيخ إبراهيم السلقيني (الجد)، والشيخ محمد نجيب سراج الدين، والشيخ أحمد الشماع، والشيخ محمد سعيد الإدلبي، والشيخ إبراهيم الغلاييني مفتي قطنا، ولازمه ملازمة تامة في قطنا أكثر من أربعين يوماً. وقد تشرَّف بخدمة هؤلاء المشايخ الكبار، وكان يحلق رؤوسهم ويزين لهم لحاهم.
وممن أجازه ببعض مرويّاته شيخه العلامة عيسى البيانوني جد زوجته، ويروي عنه الحديث المسلسل بيوم عاشوراء، وقد ذكر هذا الحديث في كتابه” من قصص التنزيل”ص 257 عند كلامه عن فضل صوم يوم عاشوراء في قصة موسى عليه السلام:” أقول: هذا الحديث من الأحاديث المسلسلة سندها، وقد أخذته عن شيخي الشيخ عيسى البيانوني، وكان أستاذنا في الثانوية الشرعية، فقال لنا رحمه الله تعالى:” لكم عندي جائزة، ولكن بشرط أن تأتوا صائمين فجئنا، وسرد لنا سلسلة الحديث، وأجازنا به”.
إمامته وخطابته في جامع الزكي بحلب:
استلم الشيخ الإمامة والخطابة في جامع الزكي بحي باب النصر، وبقي إماماً وخطيباً أكثر من ثلاثين سنة.
وممن قرأ عليه في جامع الزكي فضيلة الشيخ محمود ميرة، قرأ عليه في الفقه الشافعي، مع الشيخ عمر عطار، ومحمد ربيع عطار، ومصطفى الإعزازي، وكذلك قرأ عليه ولازمه فترة الدكتور الشيخ عبد الستار أبو غدة، وقرأ عليه أيضاً عديله الشيخ حامد غريب، والدكتور الشيخ زهير ناصر، النحو في ألفية ابن مالك، والعهود المحمدية، وممن صحبه في حلب وانتفع بصلاحه وسمته: الأستاذ إسماعيل حقي ناشد، والأستاذ: عاطف بن محمد أسعد البيانوني.
زوجته وأسرته:
وصحب الأستاذ الحجار فضيلةَ الشيخ أحمد عز الدين البيانوني، واستفاد من منهجه في العلم والدعوة، وكان يخصُّه بالحب والرعاية، ويوليه عناية فائقة، ويذهب إلى زيارته في سرايا إسماعيل باشا، وزوَّجه ابنته التقيَّة الصالحة ( بشرى) التي كانت من الداعيات المربيات المدرسات، وكانت نِعْمَ الزوجة لزوجها، تُعينه على طاعة الله عز وجل، وتربية الأولاد، وكان الشيخ شديد الوفاء لها، دائم اللهج بذكرها، وتوفيت قبله بتسع سنوات، ودفنت ببقيع الغرقد في المدينة المنورة، وكان الشيخ يزور البقيع في كل يوم بعد صلاة العصر في المسجد النبوي، ويخصُّ قبرها بزيارته.
وله منها ثمانية من الأولاد: خمسة من الذكور، وهم: صفوح من مواليد 1949، ورضوان من مواليد 1950، وأسامة 1954، ويمان1964، وصهيب 1971، وله من البنات ثلاثة: أسماء، وميمونه، ورَضْوى.كما كان يزور الكثير من إخوانه وأصحابه وأساتذته في البقيع، ومنهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وكان شديد الحب له،وثيق الصلة به، عظيم التقدير له.
محنته وهجرته إلى المدينة المنورة:
امتحن الشيخ في الأحداث التي وقعت في سورية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وابتلي باستشهاد ابنه صفوح في عام 1980، كما فقد الشيخ اثنين من أبنائه:أسامة الذي كان يعمل مدرساً وخطيباً، ويمان الذي كان طالباً في المرحلة الثانوية، حيث غرَّر به أحد المسؤولين في أجهزة الأمن بتقديمهما للمساءلة وإعادتهما إليه، فوثق بقول ذلك المسؤول، لما جُبل عليه الشيخ من الصدق والوضوح وتحسين الظن، وقَّدمهما إليه ليعودا في اليوم نفسه،كما أكد له ذلك المسؤول؟!!. واختفى أثرهما منذ سنة 1980، مع الآلاف من المفقودين!!.
وكان الشيخ مثالاً رائعاً في الصبر والاحتساب، والوفاء والأمل.
هاجر إلى المدينة المنورة مجاوراً، منذ سنة 1400، إلى أن توفَّاه الله تعالى في سنة 1428هـ ،كما امتحن في المدينة المنورة بإيذاء بعض الجهلة المتعصبين، ومحاولة إبعاده عن المدينة المنورة مع ثلة من العلماء الفضلاء، فزاده الله عز وجل رضاً وسكينة وطمأنينة، وعزاً ومنزلة ورفعة في قلوب الصالحين من أهل المدينة المنورة.
ملازمته للمسجد النبوي:
كان شديد الحرص على صلاة الجماعة في المسجد النبوي، والقراءة والعلم و التعليم. وكان بحق حمامة المسجد النبوي، وما من أحد من أصحاب الشيخ وعارفيه، زار المسجد النبوي إلا ورآه في مجلسه المعروف عند باب السلام بعد صلاة الفجر، أو عند باب الرحمة بعد صلاة الظهر، أو عند أول التوسعة السعودية بعد باب الرحمة من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء.
لم ينقطع رحمه الله عن المسجد النبوي في يوم من الأيام، حتى في شدَّة الزحام، في شهر رمضان، وأشهر الحج، فكان يحضر إلى المسجد عند الأذان الأول، ويبقى إلى صلاة الضحى، ثم يعود بعد استراحة قصيرة في منزله إلى المسجد قبل صلاة الظهر، ويأتي إلى الروضة المطهَّرة كل يوم، ويستمر في صلاته وعبادته فيها إلى ما بعد صلاة الظهر، ثم يمكث في المسجد إلى ما بعد صلاة العشاء.
وكان يخرج ماشياً إلى مسجد قباء كل يوم سبتٍ، ولم ينقطع عن هذه السنَّة إلا بعد كسر حوضه قبيل ثلاث سنوات من وفاته.
ومن حرصه على صلاة الجماعة في المسجد النبوي أنه كان إذا أراد السفر إلى مكة المكرمة للعمرة لا يخرج من المدينة إلا بعد صلاة العشاء، كي لا يضيع صلاة الجماعة في المسجد النبوي، ويصل إلى مكة عند الأذان الأول للفجر، ويصلي الفجر في المسجد الحرام، ويكثر من الطواف بعد العمرة، ولا يقل طوافه عن عشرة أسابيع.
منهجه في العبادة:
وكان آية في العبادة، يذكِّر بالسلف الصالح، لا يفرغ من صلاة وصيام وذكر وتلاوة قرآن، وقراءة وإقراء.
من منهجه في العبادة: المداومة على اثنتي عشرة ركعة في صلاة الضحى، وعلى اثنتي عشرة ركعة بعد صلاة المغرب، وصلاة التسابيح، وقيام الليل، وصيام الدهر دون إفطار إلا في الأيام الخمسة التي لا يحل صومها، وهي: يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة.
وكان يراجع مؤلفاته ويصححها في الحرم الشريف، وله دروس متنوعة في الفقه الشافعي والعربية والتفسير بعد صلاة الفجر والعصر والمغرب من كل يوم.
شجاعته وجهره بالحق:
ومع انقطاع الشيخ للعبادة وانهماكه بالذكر والمحافظة على سائر النوافل، والتزام الأدب، والتواضع الشديد، وإيثار السكوت والعزلة، فإنه كان رياضياً يعنى بصحته وجسده، ويمارس رياضة المشي، ويقل الطعام،وكان سباحاً ماهراً، ورامياً حاذقاً، كما كان يجهر بالحق، ويدعو إلى الجهاد،وفي أوائل الثمانينيات كان مع هيئة علماء حلب في معالجة الأحداث التي تتابعت، وصدع بكلمة الحق، من فوق منبره في جامع الزكي.
ومن أقواله في الدعوة إلى الجهاد والاستعداد والتضحية والاستبسال… في خطبته عن الجندية1/90 ، التي افتتحها بقول الله سبحانه:{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}[ الأنفال: 45]، ثم تكلم حول معنى هذه الآية، وعن حكم الإسلام في الجندية، وأورد نماذج من جهاد السلف، ووحدة الصف، وبيَِّن مراده بهذه الدعوة، ثم قال:” ولكني أريد أن أنبه إخواني المسلمين : عرباً وعجماً، وأن أحضّهم على الجندية، وأدعوهم إليها، ليكونوا على أهبة وحذر من العدو، وأن أبين: بأن الإسلام ـ لا كما يزعم البعض ـ دين عبادة وزهاده، دين عزوف عن الحياة، وقمع في البيوت والزوايا فحسب، لا علاقة له بأمر السياسة، ولا حق له بإدارة دفة الحكم، فينبغي فصل الدين عن الدولة”.
وقال في خطبته عن غزوة بدر1/198:” يجب علينا أن نؤمن بأن الجهاد فريضة مُحتَّمة، أوْجبه الله علينا بالعبادة التي أوجب بها الصوم، فكما قال سبحانه:{ كتب عليكم الصيام}، قال في السورة نفسها:{ كتب عليكم القتال…}، وأن نؤمن أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، لا يبطله جَوْر جائر ولا حكم حاكم”.
ويقول في خطبته عن الجهاد الأكبر1/371:” إن الحرب آتية لا ريب فيها، فإذا لم تأت الحرب إلينا،فيجب أن نسعى إليها، لأن لنا رسالة لابد وأن نؤديها، ولنا أخوَّة في العروبة والإسلام، لا بدَّ أن نحطم من أغلالها، ونحمي تربتها، ولنا بلاد في مشارق الأرض ومغاربها، لابدَّ أن نطهرها من رجس المستعمرين، وأيدي الغاصبين… ولنعلم حقَّ العلم، بأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، فمن لم يَغْزُ، ولم يحدث نفسه بالغزو، ومات مات ميتة جاهلية…”.
ويقول في خطبته “لمحات عن البسالة والبواسل”1/508ـ514، بعد أن استعرض صوراً رائعة من بواسل الإيمان في غزوة أحد والأحزاب:” بهذه الروح يجب أن نتسلح ـ مَعشر الشباب ـ وبهذه الروح يجب أن نعمل ونجاهد.. هذا هو الإسلام في جيوشه وقوته، في كفاحه وجهاده، هذا هو الإسلام ـ أيها الشباب ـ منه استمد الأولون الروح الحية، وكانوا في انطلاقهم وجهادهم كالعاصفة، وفي ثباتهم وصبرهم كالرواسي”.
كما اهتم في خطبه بقضية فلسطين. ومن ذلك قوله1/99:” لقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة في أعناق المسلمين، ولاسيما القائمين على الحكم، أن يحتفظوا بهذه الأرض المقدسة، وأن لا نسمح للغزاة المستبدين، بانتزاع شبر من أرضها ما دمنا أحياء، وأن ندافع عنها بكل ما نملك من قوة، وأن نعتبر الدفاع عنها واجباً يحتمه الدين، ويوجبه الإسلام، وتؤكده العقيدة، لا مفرَّ عنها ولا محيص”.
ويقول في خطبة غزوة بدر1/198:” تمر علينا هذه الذكرى: والأرض المقدسة، مازالت موطئ نعال الصهاينة من بني إسرائيل، الذين قتلوا الأنبياء بغير حق، وغضب الله عليهم ولعنهم، والمسلمون غارقون إلى أذقانهم بالترهات والأوهام والأباطيل… تمر علينا الذكرى والمسلمون على كثرة ملايينهم، مفككو العُرى، ممزقو الروابط، مختلفو الصفوف، كلٌّ يسعى في محق أخيه وإبادته، والحرب طحون قائمة بينهم على قدم وساق، كلٌّ يستمدُّ قوته من الشرق أو الغرب…”.
كما حذر من الردة وبيَّن أحكامها 1/396ـ407،في موضوع استوعب فيه أنواع الردة، وجمع أطرافه، وأحسن اختصاره، من مطولات كتب الفقه.
كما تحدث عن سبب انحطاط المسلمين1/504ـ504، في خطبته عن الحالة الحاضرة وأثرها في الناس، وحذر من أخطار الحزبيات المشتتة للأمة1/505، و مما قال في ذلك:” كثرة الأحزاب والشيع دليل واضح وبرهان ساطع على تفرقة الأمة، وتخاذلها وانحطاطها… وإن التفرق والتحزب والتشيع كلُّ ذلك عده القرآن نوعاً من أنواع العذاب، يضرب الله به على أمةٍ سخط عليها وغضب…”
كما حذَّر من الدعوات الضالة الوافدة، فحذر من الشيوعية وغيرها من المذاهب الهدامة التي تدَّعي رحمة الفقير أو العطف على العامل1/506 … كما حذَّر من الدعوة إلى القومية، أو الوطنية، أو الاشتراكية، أو الشعبية، وقال عن هذه الدعوات 1/506:”إنها وليدة أفكار سخيفة، لم تعِ الإسلام ولم تفهمه، ولم تُحط بسموِّ ما جاء به من الأحكام”..
واستمع إلى دوي كلماته ـ وهو المخبت الخاشع ـ وجَلْجَلة صوته في خطبته:” ردة ولا أبا بكر لها”، بعد أن تحدث عن الشيوعية التي وضعت الناس في جحيم أحمر، وجعلت أبناءها يعيشون عيشة الأنعام… وعن الرأسمالية التي هي أسوأ وأشر، يبطش القوي بالضعيف، ويقضي الغني على الفقير، فانطلق الناس كالحيوانات الضارية، والذئاب الشاردة..
فبيَّن السبيل الواحد الذي جاء في كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.. ثم حذَّر من الردة التي اكتسحت العالم الإسلامي، وغزت المجتمع المسلم..
وقال أيضاً 2/109:” الإسلام لا يعرف محاكم التفتيش ولا التعنيف، ولا يعرف الاضطهاد، بل ولا يعرف المحاكم العرفية، التي أقامها عملاء الاستعمار للمحافظة على مناصبهم، فبنوا القلاع والسدود، وجعلوا الحواجز والحصون فيما بينهم وبين شعوبهم، كي لا يسمعوا أنين المظلومين، ولا عويل المنكوبين!!”.
وتحدث عن مسؤولية الحاكم وانحراف القيادة في خطبته عن القيادات الرشيدة، وما جَنَتْهُ هذه القيادات على الأمة2/117:” إن الحرمان الذي لاقته الأمة العربية، منذ أن انحرفت القيادات العربية عن مراكزها، منذ أن انحصرت هذه القيادات في الرؤوس المترفة، والأجسام الخائرة، إن الحرمان والكبْت والظلم والعسف الذي لاقته الأمة العربية من هذه القيادات المنحرفة، أضعف الروح المعنوية في كل فرد من أفراد الأمة، وجرى اليأس في عروقه ودمه، من أن يتقدم شبراً إلى الأمام…”.
كما تحدث عن الأوضاع الأخلاقية للأمة2/130: من تفكك مكشوف، وتحلل خلقي، واندثار العدل، وانتشار الظلم…
وحذَّر من دسائس الأعداء، وتآلبهم على المسلمين، وإحداث عوامل الفرقة والتشتت فيقول في خطبته:” وحدة الصف”2/213:” نرى أعداء الإسلام ساعين بجد ونشاط على إزالة المسلمين من الوجود بتسليط بعضهم على بعض، وهو جاثم على صدورهم، آخذ بقامتهم، حتى لا تقوم لدينهم قائمة، ولا يبقى لهم باقية…” وبعد أن استعرض موقف الأعداء من المسلمين وما أصابهم من تقتيل وتعذيب.. قال:” تنبَّهوا إلى ما يراد بكم، وبدينكم من خطر!! واذكروا دائماً أن الغرب وأعوانه لكم بالمرصاد، وأنهم يتربصون بكم الدوائر، فوحِّدوا جهودكم، وكونوا يداً واحدة على من عاداكم..
وإياكم أن يدخل الأعداء في صفوفكم، ويفرق بين طوائفكم، وحَسْبُكم ما وصلتم إليه من مهانة، وما لحق بكم من عار واضمحلال.
وحذار ثم حذار من انشقاق الصف، وإيقاع الخلف في أمور جزئيَّات تافهة، ومسائل فرعيَّة أشد تفهاً، فهي لا تعطل واجباً، ولا تبيح حراماً، وإيّاكم من صرف الجهد لما اختلف فيه الأئمة التي ليست من أصول الدين، فإنَّّ العدو ينتظر مثل هذا الخلاف ليدخل قلب المسلمين، فيفرق جمعهم، ويمزِّق شملهم، ويطأ بقدمه أرضهم، ويحتقر مقدساتهم، ويستولي على بلادهم..”.
منهجه الإصلاحي والدعوي:
ومن قرأ كتابه:” الصحوة القريبة” وجد فيه صدق اللهجة، ومَحْضَ النُّصح، وقوة العاطفة، كما وجد فيه معالم من منهجه الإصلاحي والدعوي، فقد حذر من كثير من المفاسد والمنكرات المنتشرة في المجتمع.
مثل منكرات المآتم ومنكرات السماع من المذياع 1/173، وتكلم عن حال قراء هذا العصر 1/172.
كما حذر من بعض البدع الشائعة، كتحذيره من بدعة الاستخارة بالنوم، فقال في كتابه”الإسلام وأركانه الأربعة” ص152:
“استخارة المنام ليست بواردة، ولا يجوز الاعتماد على المنامات، لأنه يغلب فيها التخليط، وحديث النفس. نعم؛ يستأنس بالمنام لا غير. وما يفعله بعض العوام ولاسيما النساء منهم، يقولون لبعض الأشياخ: بيِّت لي استخارة ليس بصحيح، فيجب تعليمهم وتذكيرهم وإرشادهم للسنَّة الصحيحة التي ليس عليها غبار، وقد نبهت على هذا في فتح العلام أثناء تعليقي عليه، فعد إليه”.
ومن ذلك دعوته: لترك الإكثار من الحج لتعطى الفرصة لمن أراد أن يُؤدي الحج لأول مرة، لما تسبّبه ـ كما قال في كتابه ” الصحوة القريبة” 1/212 ـ الكثرة الكثيرة، من أزمات خطيرة: حسيَّة ومعنوية، دينية وأخلاقية، أزمات في السكن، وفي السعي، وفي رمي الجمار، و في الصلاة والطواف، أزمات في المطاهر والمياه، في الفئة القليلة التي أرادت أن تؤدي فريضة الحج لأول مرة، وإذا بها قد اندلع أمامها هذا الحشد الكبير فجعلها في مضيعة ! فلم يستطع الحاج أن ينهض بما وجب عليه من أداء الفرائض فضلاً عن النوافل… ولهذا أتقدم بكلمتي هذه لأهل الوعي من المسلمين ـ غير العاطفيين ـ أن ينتبهوا وينبهوا غيرهم لهذا، بإعطاء المجال لهؤلاء السذج الأغرار، ليتمكنوا من أداء المناسك، ويُعوِّضوا عن حجهم بعمرة، رحمةً بإخوانهم، أو يجعلوا الحج في كل خمس سنوات تخفيفاً لهذا الضغط الشديد…”. وينظر كلامه حول الازدحام عند الحجر الأسود في كتابه” الإسلام وأركانه الأربعة” ص593 تحت عنوان: النداء العميق، وكلامه حول منكرات الحج، في كتابه السابق أيضاً ص570ـ572
كما حذر في كتابه” الصحوة القريبة” من المغالاة في المهر 1/293، ومن إحجام الشباب عن الزواج1/294، كما حذر من انحراف بعض الرجال في معاملة نسائهم، وسلوكهم داخل البيت2/64، وقال ناصحاً الأزواج بعدم التحكم والبغي على نسائهن، وقـال 2/73 : ” فقد تكون المرأة عجينة صالحة للصلاح، والاستقامة، وإطاعة الزوج، ولكنَّ سوء المعاملة، أو شدة المؤاخذة، تدفعها إلى الشطط والعناد… إن المرأة ليست عند الرجل أثاثاً يقتنى، أو متاعاً يباع ويشرى!!! ولكنها إنسانة لها حقوقها ، وحرمتها، وحريتها، بحكم الإسلام، وحكم القرآن”.
وحذر كذلك من الرشوه وبيَّن أخطارها وآثارها1/357.
مؤلفاته:
توجه الشيخ للكتابة والتأليف وهو في مدينة حلب، ومن أوائل الكتب التي أصدرها:” سمير المؤمنين”، و” فتح العلام”، وقد تتابعت طبعات هذين الكتابين، وهذه قائمة بأسماء مؤلفات الشيخ ، ثم أُعقبه بأسماء الكتب التي عني بالتعليق عليها وخدمتها، أما المؤلفات فهي:
1ـ سمير المؤمنين في المواعظ والحكم والقصص.
2ـ الصحوة القريبة بإذن الله. وهو مجموعة خطب توجيهيَّة نافعة.
3ـ الحب الخالد.
4ـ الإسلام وأركانه الأربعة.
5ـ من قصص التنزيل.
6ـ النصيحة الموجزة.
وسيأتي الحديث عن هذه الكتب بعد استيفاء ترجمته رحمه الله تعالى.
وأما الكتب التي نشرها، فقد عني ببعض كتب الإمامين الغزالي والنووي، وكان يهتم في نشر تلك الكتب بالتعليقات المفيدة للقارئ، دون اهتمام بالمقابلة على أصول خطية أوتخريج للأحاديث أوتوثيق للنقول.
وهذه قائمة بأسماء الكتب التي عني بنشرها وشرحها:
1ـ فتاوى الإمام النووي.
2ـ التبيان في آداب حملة القرآن للنووي.
3ـ بستان العارفين للنووي.
4ـ شرح المقاصد النووية.
5ـ بداية الهداية للغزالي.
6ـ فتح العلام في فقه الشافعية للجرداني.
تلاميذه في المدينة المنورة:
ومن تلاميذه الذين صحبوه ولازموه، واستفادوا من علمه وصلاحه: فتح بن محمد عبد الله أبو الفتح البيانوني، و جذاع الصُّويلح، مدير إذاعة القرآن الكريم في الكويت، وعلي الحريري من نوى في حوران، وعمر الكاف،ومحمود عبد الغني اليماني، وعبد السلام بن محمد سعيد رمضان البوطي، ويوسف مرعشلي، وعبد المعين عرّوب، وغسان وتد، وتامر نجار، وسامح عطار، زوج حفيدة الشيخ.
وكان لي شرف الحضور عليه، وتقبيل يديه، وطلب الدعاء منه، في كل زيارة للمدينة المنورة، وقد أكرمني بإجازته العلمية عن شيوخه الذين أجازوه رحمهم الله تعالى.
وفاته:
مكث الشيخ في المدينة المنورة قرابة ثلث قرن مستقيماً على منهج ثابت في العبادة والعلم، معافىً في بدنه، ممتعاً بحواسه، آمناً في سربه، راضياً مطمئناً. وفي يوم الأربعاء 5/محرم/1428هـ حضر إلى المسجد صحيحاً معافى، وصلى الصلوات الخمس فيه، و بعد صلاة العشاء من ليلة الخميس ذهب إلى بيته ليتناول طعام إفطاره، وأخلد إلى النوم في تمام الساعة العاشرة، وتأخر في الاستيقاظ عن موعده المعروف للتهجد والسحور، والاستعداد للذهاب إلى الحرم في موعد الأذان الأول، فدخل عليه ابنه الكبير رضوان، ليطمئن عنه ويوقظه لتهجده وسحوره، فرآه في نومته التي تركه عليها، أول الليل، وقد توفاه الله الوفاة الكبرى، وأسلم الروح لبارئها، ليلة الخميس في حدود الساعة الواحدة ليلاً.
وقد صلي عليه في المسجد النبوي بعد صلاة الظهر من يوم الخميس 6/محرم/1428 هـ ، وشيَّعه المئات من محبيه وتلامذته، ودفن في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، وقد قال رحمه الله تعالى في رسالة :” علموني يا قوم كيف أحج” ص 596:”والموت في المدينة، لا يناله إلا السعيد، لأنه يستوجب شفاعة رسوله الحبيب، وقد أكرم الله زوجتي بهذه الكرامة، وأسأل الله تعالى أن يخصَّني بها كما خصَّها:” اللهمَّ إني أسألك شهادة في سبيلك، والموت في بلد نبيك.ثم قال رحمه الله تعالى:”وأضيف إلى هذا قائلاً وراجياً:” اللهم لا تقبضني إليك إلا وأنا صائم ساجد في بلد نبيك، اللهم لا تحجبني بذنوبي عن بلد رسولك صلوات الله وسلامه عليه. ولله در القائل:
يا نــزولاً بـها هـنـيئاً ً فــقــــــد فزتم بها في حياتكم والممات
من جــنـان إلــى جـنـان فأنــتـم في كلا الحالـتـين في جـنات
ما غبطنا الملوك ولكن غبطناكم على نَيْل أحــــسن الحــالات”.انتهى
* * *
من مؤلفات الشيخ محمد الحجار
سمير المؤمنين في المواعظ والحكم والقصص
“سمير المؤمنين في المواعظ والحكم والقصص”، صدرت الطبعة الثانية عشرة عن دار البشائر الإسلامية ببيروت سنة( 1424هـ ـ2003م )، في 412 صفحة، وقدم له العلامة السيد أبو الحسن الندوي، وقال فيه:” إن الاسم قد طابق المسمى، والكتاب كحديقة زاهية، واسعة متنوعة الأزهار والرياحين، ينتقل المؤمن فيها من جميل إلى أجمل، ومن مفيد ممتع إلى مفيد ممتع، فلا يسأم ولا يمل…”
افتتح الشيخ رحمه الله تعالى كتابه النافع بمجموعة من الخطب والوصايا، ثم أورد مجموعة من روائع الشعر الأدبي، ممَّا يرقق القلب، ويهذِّب النفس، ويُلطِّف الطبع، ثم أورد نبذة موجزة من السيرة النبوية، ذكر فيها نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وأولاده الكرام، وأزواجه الطاهرات، وردَّ شبهة أعداء الإسلام في تعدد زوجاته الطاهرات، ثم ذكر عدد سرا ريه وأعمامه وعماته، ثم تكلم عن بعض شمائله عليه الصلاة والسلام.
ثم عقد فصلاً في أبطال المسلمين رضي الله عنهم ، فتكلم عن ثلاثة عشر بطلاً ؛ عن عمر الفاروق، وحمزة بن عبد المطلب، وعبد الله بن عباس، وعثمان بن مظعون، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وعمير بن سعد، وسعد بن الربيع، وحارثة، وسعد بن عبادة، وعمر بن عبد العزيز، والإمام الشافعي، وداود الطائي، ثم ذكر بطولات رائعة في الإيثار.
ثم انتقل للحديث عن أركان الدين: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
وتوسَّع في الكلام عن الصلاة، وبيَّن حكم تارك الصلاة، ثم ذكر طائفة من الأحاديث في فضائل بعض السور، وذكر حكم سماع القرآن من المذياع، وبعض البدع المستحدثة.
كما فسر طائفة من الآيات القرآنية من سورة البقرة، والنساء ، والإسراء، ومريم، والفرقان، وفاطر، ون ، والمدثر، وسورة الضحى.
وعقد فصلاً في بر الوالدين، والتحذير من العقوق.
ثم أورد مجموعة من الأحاديث في الوعظ والرقائق، وتكلم عن القلب وأقسامه، ودواء القلوب، وفوائد التقوى.
ثم حذر من الفتن والأهواء، فحذر من فتنة الشيطان، وفتنة المال، وفتنة القبر، وفتنة الآخرة، وفتنة التسويف، وفتنة الطعام، وفتنة النساء، وفتنة المال، والفتن عامة.
وختم الكتاب بجوامع من الدعاء، يحتاج إليها المسلم في جميع أموره، ثم ذكر أسماء الله الحسنى، وشرحها شرحاً موجزاً، وأسماء أولي العزم من الرسل عليهم السلام، وأسماء النبي عليه أفضل التحيات وأطيب التسليمات، وأسماء شهداء بدر، وفضل الدعاء، وآخر المطاف: صلاة التسابيح.
وكان ـ رحمه الله تعالى ـ دائم المواظبة عليها، وقال في ختام أحكامها:” وقَدْ صَلْيتُها جماعة في بلدتنا حلب مع شيخنا الفاضل إبراهيم الغلاييني، وهو ثبت وقّاف، حريص على اتباع السنة، ونقل عن شيخه الشيخ بدر الدين الحسني أنه كان يحافظ عليها، وهو النووي الصغير، المشهور في علم الحديث في بلاد الشام.
* * *
الصحوة القريبة بإذن الله
صدرت الطبعة الرابعة (1414هـ ـ 1993م)، عن دار البشائر الإسلامية ببيروت، في مجلدين: الأول في 530صفحة، والثاني في 504صفحة.
وقدَّم له السيد أبو الحسن الندوي رحمه الله تعالى، بعد تصفُّحه السريع لمضامين الكتاب، وقال :” إنه يحتوي على مادة غزيرة، ونافعة للخطباء، والوعاظ والعاملين في مجال التوعية والإصلاح، كما أنه جدير بالاستفادة منه ككتاب متضِّمن دروساً إصلاحية، جمعت بين قوة العاطفة، ودقة العلم، وسلاسة البيان، ولوازم المنهج التربوي البناء، كما أنه يعطي نموذجاً عملياً حسناً لقيمة خطب الجمعة، والهدف المنشود منها في شرعنا الحكيم”.
وقال الشيخ الحجار في مقدمة الكتاب:” لقد ظن بعض الناس أنَّ كتابي هذا قاصرٌ على الخطب الجمعيَّة فحسب، لأنهم تأثروا بعنوان الكتاب الذي هو:” صوت المنبر” مع أن الكتاب تربويٌّ، أدبيٌّ، علميٌّ، اجتماعيٌّ، كما سيمرُّ معك، ولهذا عدلت عن العنوان القديم، وتقدمت بعنوان جديد دفعاً لهذا الوهم، مع بقاء الكتاب على ما هو عليه”.
وبين الشيخ رحمه الله تعالى أهمية الخطب التي تعتمد على الصدق والإخلاص في ترقيق القلب، وتهذيب النفس، وبيَّن حال العالم الإسلامي اليوم وأنه يتخبط بجهله تخبُّط مَنْ أصابه المسُّ في عقله، تخبُّط من سلك مفَازةً قاحلة، وصحراء قاتلة في قيظٍ شديد، وحرٍّ مديد، فهو يتلمظ تلمظ الولهان، ويطلب الماء طلب الظمآن، والماء معه وهو حيران!!.
وقد بلغ عدد الخطب التي أوردها في كتابه: ( 92) خطبة.
وقد أورد في المجلد الأول اثنين وخمسين خطبة جامعة، افتتح كل خطبة بآية قرآنية تتعلق بموضوع الخطبة، ثم يفسرها تفسيراً موجزاً، وبَّين معناها ودلالتها، وإليك عناوينها:
1 ـ على هامش الهجرة النبوية،2ـ على هامش السيرة النبوية. 3ـ كفاح المؤمنين. 4ـ شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثره. 5ـ الدعاء مخ العبادة. 6 ـ المحاكمة الكبرى. 7ـ هل من غضبة لكتاب الله. 8ـ العدو الأكبر. 9ـ من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. 10ـ الإسراء والمعراج. 11ـ إلى الجندية. 12ـ مكافحة الفقر. 13ـ وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 14ـ الكبرياء لله وحدة. 15ـ الكبر وعلاجه. 16ـ العجلة. 17ـ موقف الإنسان من نفسه. 18ـ بئر وقصر. 19ـ التغني بالقرآن. 20ـ الصوم. 21ـ غزوة بدر. 22ـ حكمة مشروعية الحج. 23 ـ آداب الحج.4ـ هذا هو الدواء فأين الشفاء؟.25ـ الشفاعة والمقام المحمود. 26ـ من الحكم العطائية. 27ـ الإصلاح هدف الإسلام. 28 ـ الإعتقاد باليوم الآخر يبعث في الإنسان روح العمل. 29ـ من زواية التاريخ… عمريات. 30ـ الزواج. 31ـ حقوق الزوجية. 32ـ مقاييس التكريم. 33ـ العدل وأثره في الحياة. 34ـ الولد والوالدان.
35ـ أثر العبادة في تربية الأمة. 36ـ اللعن.. أصنافه، حكمه. 37ـ الرشوة .. أخطاره، آثارها. 38ـ إلى الجهاد الأكبر. 39ـ رَوْح وريحان. 40ـ من علامات محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . 41ـ الردة.. أحكامها، أنواعها. 42ـ مؤسسة الزكاة. 43ـ ما يجب على المسلمين من عقيدة. 44ـ من آي الذكر الحكيم، حول قوله تعالى:{ لايسأل عما يفعل وهم يسألون}.45ـ مثل الدنيا. 46ـ يوم الفطر. 47ـ يوم الأضحى. 48ـ عيدنا الإسبوعي. 49 المال مال الله. 50ـ محمد صلى الله عليه وسلم والأخوة الصادقة. 51ـ الحالة الحاضرة وأثرها في الناس. 52ـ لمحات عن البسالة والبواسل.
وأما المجلد الثاني فهو أيضاً مجموعة منتخبة من الآيات القرآنية أوردها في بداية كل خطبة وفسَّرها، وبلغت تسعاً وثلاثين خطبة، وإليك عناوينها:
1ـ فاتحة الكتاب. 2ـ الليلة المشهودة. 3ـ الشمائل العلية للحقيقة المحمدية. 4ـ الأسوة الحسنة. 5ـ الفساد والمفسدون. 6ـ الأسرة الصالحة نواة المجتمع. 7ـ من معاصي القلب. 8ـ التعاون سبيل السلام. 9ـ ردة لا أبى بكر لها… فلنا الله. 10ـ قيادات رشيدة. 11 ـ الاتحاد قوة. 12ـ أوضاعنا الأخلاقية. 13ـ أرحنا بها يا بلال. 14ـ السلام في الإسلام. 15ـ الأولاد أبناء اليوم ورجال الغد. 16ـ { قوا أنفسكم و أهليكم نارا}.17ـ التكافل الاجتماعي. 18ـ وحدة الصف. 19ـ نظرة وعَبرة غزيرة. 20ـ النصائح البهية في الحكم العطائية. 21 ـ عظمة الإسلام في الإنفاق. 22ـ قوة الإيمان.. بلال رضي الله عنه. 23ـ الإصلاح سبيل الهدى. 24ـ الإنسان الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . 25ـ ارضَوا عن الله يرضى الله عنكم. 26ـ من طب القرآن. 27ـ موقف الإسلام من حقوق المرأة. 28ـ الحرب المدمِّرة. 29ـ أثر الدين في المجتمع. 30ـ الإيمان بالغيب. 31ـ لا دين لمن لا أمانة له. 32ـ أهملنا ديننا فساءت حالنا. 33ـ نداء إلى طريق الحق والمجد. 34ـ المعاصي وآثارها. 35ـ الإخاء والأخوة. 36ـ الليالي العشر. 37ـ الانحراف الخلقي والعملي .38ـ عرض الإعمال الله عز وجل. 39ـ القمر المنير عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. 40ـ ورد الأبرار في الصلاة على النبي المختار.
وصاغ جميع هذه الخطب بلغة سهلة، وأسلوب مؤثر، وأكثر من النقل عن:” الظلال” للأستاذ سيد قطب. وصرَّح بذلك في عدة مواطن منها: 2/56ـ 175ـ189 ـ200ـ311ـ390ـ 449،
* * *
الإسلام وأركانه الأربعة
جمع في هذا الكتاب أركان الإسلام الأربعة: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وتناول فيه كلَّ صنف من الأصناف الأربعة تناولاً موجزاً، وأدخل فيه قصصاً طريفة، وأشعاراً لطيفة، وكتب الكتاب بعبارات واضحة، و أسلوب سهل، مُحبَّب للصغار.
وقد كان أصل الكتاب أربعة رسائل، تناول في الأولى ركن الصلاة، وجعل عنوانها:” علميني يا أمي كيف أصلي”، وأورد في المقدمة نصائح هامة في تربية الطفل، ثم صاغ هذا القسم بإسلوب الحوار في أحكام الصلاة بين حسان وأمه. وقد سرى في الكتاب روح الشيخ التوجيهية والتربوية، ومن ذلك حديثه عن أهمية اختيار الأصدقاء، وهو يرى ـ كما يقول على لسان أم حسان في حوارها لابنها حسان وتلقينه أحكام الصلاة ـ أن الجهل قد غمر الأكثرية الساحقة من المسلمين، على اختلاف طبقاتهم، وتباين مشاربهم، فلم يُحسنوا أحكام الطهارة فضلاً عن الصلاة، مع إتقانهم إتقاناً جيداً للأعمال المادية اللاتي يُزاولونها ليل نهار، فنرى أرباب المهن والموظفين ممَّن تقدَّموا في العلم الكوني، وحملوا الشهادات العالية، يُجيدون ما يمارسونه من أعمال، فإذا ما انتقلت إلى الأحكام الدينية، والثقافة الإسلامية، وجدت الجهل المطبق، قد علا هاماتهم، وحلَّق فوق رؤوسهم.
وأورد قصصاً طريفة في التربية على مراقبة الله كقصة سهل بن عبد الله التُّستري مع خاله محمد بن سَوَّار، وقصة عبد الملك مع أبيه عمر بن عبد العزيز، وأهمية احترام الطالب لأستاذه، وأنه سبب عظيم للفتح والتوفيق، فالمعلم يُلهم الصواب بصدق الطالب وإخلاصه، ويُحجب الأستاذ عن الحق والصواب لعقوق الطالب معلِّميه، وسوء سلوكه معه، وتحدث من خلال الحوار بين الأبن وأمه عن أهمية ربط الولد بالتقوى،واسباب انحلال الشباب المسلم.
وعند حديثة عن أحكام الميِّت وصلاة الجنازة، تحدَّث عمَّا وراء هذه الحياة، وأورد أبياتاً شعرية للمقري لما فيها من العظات البالغات.
وقد صاغ هذا الكتاب بأسلوب الحوار بين حسان وأمه، وأخرجه بثوب جديد، وتعبير جميل، وتقسيم بديع، وتناول في هذه الرسالة معظم أبواب الصلاة، ليكون مقدمة للكتب المفصَّلات والمسائل المعضلات.
وأما الرسالة الثانية فقد تناول فيها الحديث عن الركن الثاني، وجعل لها عنواناً يدل عليها:” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، وأورد في مقدمته آيات الصوم وأحاديث الصوم، وبيَّن لماذا خصَّ رمضان بالصوم، وأدب الصائم عند الإفطار، وتمام الصوم وكماله، ومراتب الصوم ودرجاته، ومتى فرض الصوم؟، والصوم في الديانات القديمة، وأفاض في الحديث عن التخمة وأثرها، وعن الإنسان والمعدة وعن الأجواء الرمضانية، وعن مقاصد الصوم، ثم عاد لموضوع الحديث الذي جعله عنواناً لكتابه :” صوموا لرؤيته”.
وعرض الأحكام الفقهية بطريقة السؤال والجواب ، وعَرَضَ لسنن الصوم، والمفطرات، وعن فضل ليلة القدر، وعن الاعتكاف.
وقال في خاتمة بحثه عن الصوم ص248:” لقد تطفلت على هذا الموضوع ، لأن العلماء ـ قديماً وحديثاً ـ قد أشبعوه بحثاً ودراسة وتدقيقاً، ولكن أردت أن يكون لي سهم في خدمة هذا الركن العظيم، عسى أن أدخل غداً من باب الريَّان، الذي لا يلجه إلا الصائمون، وإني منذ نشأتي أحب الصوم حباً جماً، فالله أسأل أن يحقق أمنيتي، وأن يعمَّ بهذا الموجز النفع، وأن يهذِب به الطبع، وأن يكون خالصاً لله تعالى”.
وأما الرسالة الثالثة من الكتاب، فقد تناول فيها الحديث عن الركن الثالـث(الزكاة) بـعـنوان:” المال مال الله والخلق عيال الله” وقال في مقدمة هذه الرسالة:” فهذه رسالة موجزة تتعلق بالزكاة وأحكامها وحكمتها، وأنها الدواء الناجع لشفاء المجتمع من شروره وويلاته”.
وصاغ هذه الرسالة ـ كسائر الرسائل ـ بأسلوب السؤال والجواب، فتكلم عن زكاة المال، وشروط وجوب الزكاة الخمسة، ومعنى الزكاة اللغوي والشرعي، وآداب الزكاة والصدقة، وما يجب على مؤدي الزكاة، وموقف السلف في الإنفاق، وعن زكاة الأثمان: الذهب والفضة، وزكاة الأوراق النقدية، وعروض التجارة، وزكاة الزروع والثمار، وزكاة المعدن، والركاز، وزكاة العسل، وزكاة المواشي، وصدقة الفطر، ومصارف الزكاة، وختم بالحديث عن الصدقة وفضلها، وأحكام متفرقة عن الزكاة، وأورد في مباحث الكتاب مباحث أخرى مثل: عناية الإسلام بعلاج الفقر، والإسلام والتسوّل، وأقسام الناس في البذل، والمال السحت وموقعه، وموقع الحلال من العبادة، وأورد الكثير من المختارات الشعرية والنثرية.
وأما الرسالة الرابعة فهي بعنوان :” علموني يا قوم كيف أحج”. قدَّم فيه مُوجزاً عن أعمال الحج، سهل التناول ، ذكر فيه آداب الحج وسننه، وأركان الحج والعمرة، وشروط وجوب الحج، وعن حج الصغير، وطواف القدوم، والحيوانات التي يجب قتلها، وأسباب الدماء الواجبة، والإحصار، ثم وضع جدولاً لأحكام الحج على المذاهب الأربعة، وذكر بعد ذلك أنواع الدماء، وأحكاماً عامة تتعلق بالجزاء، وختم بالحديث عن طيبة الطيبة، والمساجد الثلاثة، و المسجد النبوي، والروضة الشريفة، ومنبره العظيم، والسلام على النبي وصاحبيه، وحديث الأعمى الذي شفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم برد بصره، وعن البقيع، وأورد في ثنايا المباحث الفقهية الكثير من التوجيهات والوصايا والفضائل والآداب، واللطائف الشعرية والنثرية.
وقد صدرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب سنة (1421هـ ـ2001م)، عن دار البشائر الإسلامية ببيروت في 685صفحة، في حُلَّة زاهية، وإخراج جميل، وخطوط بديعة، وألوان متعددة.
* * *
الحب الخالد
صدرت الطبعة الخامسة سنة ( 1418هـ ـ 1997م)، عن دار ابن حزم في بيروت في 206 صفحة، وكان الداعي لتأليفه هذا الكتاب قراءته لكتاب ” ربانية لا رهبانية” للسيد أبي الحسن الندوي، وقراءته لترجمة جلال الدين الرومي، وما أوتي من رقة في الشعر، وعاطفة صادقة، فانشرح صدره لجمع كتاب يبيِّن فيه مآثر، السلف وما أُوتوا من إخلاص في العمل، وما قاموا به من خدمة للأمم.
وافتتح الكتاب بترجمة موجزة للشيخ جلال الدين الرومي الذي ألهب القلوب بالحب والعاطفة، وأنقذ الكثير من المسلمين من براثن المادة الطاغية التي كدرت صفو حياتهم.
ثم أورد طائفة من الآيات القرآنية في الحب، ومجموعة من الأحاديث النبوية، ونماذج شعرية، وأدعية تعين على تزكية النفس، وأقوال الأئمة في إيثار لذة القلب في معرفة الله وتوحيده وحبِّه على جميع المشتهيات.
وبعد ذلك عاد للحديث عن دعوة جلال الدين الرومي إلى الحب الخالد، وفوائد الحب وقوته، وإكسير الحب وعجائبه، ونقل من كتاب “الإسلام الممتحن” للأستاذ محمد الحسني في أهمية رسالة الحب لفتات رائعة جميلة، وتابع الحديث عن شعلة الحب التي إذا التهبت أحرقت كل ما سواها.
ثم أورد نموذجاً من نماذج الحب المثالي في قصة رابعة العدوية، وذكر الطريق للوصول لهذا الحب الخالص، وطريق العلاج من طغيان المادة.
وعاد لذكر نموذج من نماذج الحب والتزكية، وهو العالم الرباني مالك بن دينار، وأورد الكثير من حكمه ومواعظه، ثم أورد ترجمة سهل بن عبد الله التستري ومجموعة من مواعظه ونصائحه، ومجموعة ثالثة من مواعظ حاتم الأصم، وأورد بعد ذلك ترجمة موجزة للشاعر محمد إقبال، وموقفه من الحضارة الغربية.
وانتقل للحديث عن خرِّيجي مدرسة الإحسان، وترجم للإمام داود الطائي ونقل أيضاً مجموعة طيبة من مواعظه وحكمه.
ثم أورد أقوال الأئمة العارفين في حقيقة المعرفة ومظاهر الحبِّ والتسليم، وروائع المحبة والصبر والشوق والإخلاص.
وعاد للتحذير من الشهوات الثلاث: البطن والفرج والمال، لأنه لا وصول للمقصود إلا عن طريق الوسيلة، فحب الله الخالد لا وصول إليه إلا بقطع العلائق والعوائق بترك الاستغراق في هذه الشهوات الحاجبة عن الله وحبِّه.
ثم تكلم عن حقيقة الإنسان الملكيّة والحيوانيّة، وعن عقل الإنسان وموقف المسلم إزاء الحضارة الغربية.
وحذر من جناية المصطلحات والألفاظ على الحقائق، وتكلم عن مصطلح التصوف الذي يعني التزكية والإحسان، وبيَّن معنى التصوف، ورأي ابن تيمية في التصوف.
ثم تكلم عن بديع الزمان سعيد النورسي ـ ت 1379هـ ـ فذكر مولده ونشأته وجهوده في تطبيق الشريعة، وتواضعه وعفته وعبادته، ونصائحه، وجهاده، ثم عاد لإيراد نماذج جديدة فكتب عن طاووس اليماني، وأورد بعض حكمه ووصاياه.
ثم ذكر مواقف العلماء من الحكام، كموقف سعيد بن المسيب من الوليد بن عبد الملك، والحسن البصري من الحجاج، وختم تلك المواقف بالحديث عن الإمام أبي حنيفة تحت عنوان: الصراع بين صولة الحق ودولة الباطل، وبيَّن موقف الإمام في امتناعه عن ولاية القضاء، وختم الكتاب بأهمية توحيد الصف وطرح الأمور الخلافية، والبحث الدقيق في مآسي المسلمين، ونقل كلمة الشهيد حسن البنا، في الموقف من الهيئات الإسلامية على اختلاف نزعاتها، وأنه موقف حب وإخاء وتعاون وولاء، وتقريب وجهات النظر، والتوفيق بين مختلف الفكر”.
ثم قال الأستاذ الحجار رحمه الله تعالى محذراً من اختلال الموازين وغياب فقه الأولويات : “فكيف نشتغل بطرد الذباب والأسد قد انطلق من عرينه، وأخذ بمخالبه، وله زئير يهز القلوب هزاً ، وهو ينشد فريسة لأشباله، أما آن لنا أن نتعقل؟!! أما آن لنا أن نتبصر؟!! ، فالخصم قد بلغ ما بلغ من إعداد العدة لنا، ووصل إلى قمة النجاح، ونحن في الحضيض السافل نتخبط بالماء العكر؟!!.”.
وألحق الأستاذ الحجار بكتابه “الحب الخالد” مجموعة من الخطوط الأثرية لمجموعة منتخبة من الآيات القرآنية التي كتبت بخطوط رائعة جميلة مع شرح موجز لها، وسمى تلك المجموعة:” الخطوط الأثرية لأسلافنا”.
وقد أورد اثنين وعشرين نموذجاً مكتوباً بأقلام كبار الخطاطين، ذكر فوق كل نموذج مايبين منزلة الخط الحسن وأهميته، كقوله: الخط الحسن متعة البصر، والخط الحسن جلاء للنظر، الخط الحسن راحة للنفس، الخط الحسن فرحة للقلب، الخط الحسن يكفكف الأحزان، الخط الجميل يوقظ الوسنان، الخط الحسن يملأ عين مجتليه حبوراً، الخط الجميل يملأ فؤاد رائية سروراً، الخط الحسن يترعك بجماله…
وهذه الرسالة الجميلة الرائعة تعبر عن ذوق الشيخ الجمالي وحبه للخطوط الحسنة، كما أورد في شرحه لهذه الآيات نكات علمية رائعة، وتوجيهات نافعة، انتخبها من عدد من كتب التفسير كالفخر الرازي، والقرطبي، وابن كثير، والآلوسي، علماً بأن الكثير من هذه الآيات قد شرحها في كتابه:” الصحوة القرآنية”.
* * *
من قصص التنزيل
صدرت الطبعة الأولى (1419هـ ـ 1999م)، عن دار البشائر الإسلامية ببيروت في 654صفحة، بحلة قشيبة، كما هو الشأن في كتب الشيخ التي تطبع على ورق صقيل، وبألوان جميلة زاهية، وخطوط حسنة بديعة، وفي كتابه هذا يستعرض الكثير من قصص القرآن الكريم، وقد استفاد من عدة مراجع من كتب: التفسير، والحديث، والسّير.
وافتتح الكتاب بذكر أسماء الرسل المصرَّح ذكرهم في القرآن الكريم، ثم ابتدأ بذكر قصة آدم عليه السلام، وما فيها من استدلالات واستنباطات.
وأورد بعدها قصة قابيل وهابيل، وموقف الإنسان أمام الفتنة، وكيف تعلم قابيل من الغراب طريقة الدفن.
ثم ذكر قصة نوح عليه السلام، وموقفه من قومه، وموقف زوجه منه، وبعض الآيات التي تتعلق به عليه السلام. ثم أورد قصة إدريس عليه السلام، وسبقه في الأوليات، وسبب رفعه، ثم قصة هود عليه السلام، ثم قصة صالح عليه السلام، وقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، والعزير، ولوط عليه السلام، ويوسف الصديق عليه السلام، وقصة سيدنا موسى عليه السلام، وبَلْعَام بن باعُوراء، وقارون، وقصة البقرة، ثم ساق قصة سيدنا داود عليه السلام، وقصة سليمان عليه السلام، وقصة هاروت وماروت، وقصة زكريا ويحيى عليهما السلام، وقصة أيوب عليه السلام، وقصة يونس عليه السلام، وقصة أصحاب الكهف، وقصة أصحاب الجنة، وقصة أصحاب الأخدود، وقصة سيدنا عيسى عليه السلام، وقصة أصحاب الفيل، وقصة أحد، وقصة زيد وزينب رضي الله عنهما، وقصة الخندق، وختم الكتاب بقصة ثعلبة، وهي لا تصح سنداً ولا متناً، وبقصة الإفك.