أمثلة للأحاديث المرسلة واختلاف الفقهاء فيها
أمثلة للأحاديث المرسلة واختلاف الفقهاء فيها
روى أبو داود في المراسيل (ص3) عن أبى العالية قال : ” جاء رجل في بصره ضر ، فدخل المسجد ورسول الله r يصلى بأصحابه فتردى في حفرة كانت بالمسجد ، فضحكت طوائف منهم ، فلما قضى رسول الله r أمر من كان ضحك منهم أن يعيدوا الوضوء ويعيدوا الصلاة “.
وروى الدارقطنى في سننه هذا الحديث من طرق عديدة في أربع وأربعين سنداً ثم قال بعدها : رجعت هذه الأحاديث من طرق ذكرها في هذا الباب إلى أبى العالية الرياحى ، وأبو العالية أرسل هذا الحديث عن النبي r ولم يسلم بينه وبينه رجلا سمعه منه عنه ، وقد روى عاصم الأحول ، عن محمد بن سيرين وكان عالماً بأبى العالية والحسن فقال : لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا أبى العالية ، فإنهما لا يباليان عمن أخذا. اهـ .
وقد روى هذا الحديث مرسلاً عن الحسن ، وإبراهيم النخعى ، والزهرى ، ومعبد الجهنى.
فأخذ به أبو حنيفة على قاعدته في قبول الحديث المرسل وقال إن القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء .
واستدل له بالإضافة إلى المرسل السابق بما يروى عن عمران بن الحصين عن النبي r والضحك في الصلاة قرقرة يبطل الصلاة والوضوء ” . وقالوا : عبادة يبطلها الحدث فأبطلها الضحك كالصلاة.
وذهب الشافعي – رضي الله عنه – إلى الضحك قهقهة في الصلاة يبطلها ولا يبطل الوضوء جرياً على قاعدته في عدم الاستدلال بالحديث المرسل .
وتبعه على هذا الجماهير من العلماء .
وبه قال ابن مسعود ، وجابر ، وأبو موسى الأشعرى ، وهو قول جمهور التابعين .
وروى البيهقى عن أبى الزناد قال : أدركت من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم سعيد من المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عبد الله بن عقبة ، وسليمان بن يسار ، والقاسم بن محمد ، وأبو بكر بن عبد الحمن ، وخراجة بن زيد بن ثابت ، ومشيخة جلة سواهم يقولون : الضحك في الصلاة ينقضها ولا ينقض الوضوء .
قال البيهقى : وروينا نحوه عن عطاء والشعبى و الزهرى ، وحكاه أصحابنا عن مكحول ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبى ثور ، وداود .
قلت : وهو قول الأوزاعى في إحدى الروايتين عنه .
فإن قالوا مرسل اعتضد بمجيئه من طرق أخرى فيجب قبوله على مذهب الشافعي .
قلنا : أجمع المحدثون على أن كل الطريق التي روى منها هذا المرسل ضعيفة ، وقالوا : لم يصح في هذه المسألة حديث ، وقد بين البيهقى وغيره وجوه ضعفها بياناً شافياً ، والشافعي يقبل المرسل المعتضد إذا كان صحيحا وورد من طرق أخرى صحيحة كقياس ، وغيره مما ذكرناه آنفاً ، وهو مع ذلك حجة ضعيفة ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فهو :
أولاً : في نفسه غير صحيح ، والطرق الأخرى التي ورد منها غير صحيحة .
ثانيا ً: قد خالف ما روى عن جابر مرفوعاً وموقوفاً أن النبي r قال : ” الضحك في الصلاة ينقص الصلاة ولا ينقص الوضوء ” فهو وإن كان رفعه ضعيفاً ، وأن الصحيح فيه أنه موقوف على جابر ، إلا أنه صحيح إلى جابر ، ولا يضر كونه موقوفاً عليه ، لأنه لا يقال من قبل الرأى ، فله حكم المرفوع ، فقد ذكره البخارى في صحيحه تعليقاً عن جابر موقوفاً عليه ، والدارقطنى في عشرين أثراً بين مرفوع وموقوف .
فالمرسل عند الشافعي ليس حجة بذاته ، فإذا خالف خبراً آخر ، أو قول جمهور العلماء ، فلا يمكن التمسك به حينئذ أبداً ، وقد نص الشافعي على ذلك في الرسالة .
وأما قياسهم الذي ذكروه فلا يصح ، قال النووى : لأن الأحداث لا تثبت قياساً ، لأنها غير معقولة العلة . اهـ . أى فلا بد لإثباتها من خير صحيح .
وقد اعترف الأحناف أن القياس الحق مع قول الشافعي فقال في شرح الهداية (1/24) فتح القدير : ـ القياس أنها لا تنقض ، وهو قول الشافعي . وبهذا يتبين لدينا أن هذا المرسل أيضاً يخالف القياس الصحيح ـ فلا يمكن للشافعي أن يأخذ به ـ بالإضافة للأسباب السابقة .
وقال في شأن حديث القهقهة فقرة 1299 : أخبرنا الثقة ، عن ابن أبى ذئب ، عن ابن شهاب : أن رسول الله أمر رجلاً ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة .
فلم نقبل هذا لأنه مرسل .
ثم أخبرنا الثقة عن معمر ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن النبي : بهذا الحديث .
وابن شهاب عندنا إمام في الحديث والتخيير وثقة الرجال ، إنما يسمى بعض أصحاب النبي ، ثم خيار التابعين ، ولا نعلم محدثاً يسمى أفضل ولا أشهر ممن يحدث عنه ابن شهاب .
قال : فأنى تراه أتى في قبول عن سليمان بن أرقم ؟
رآه رجلاً من أهل المروءة والعقل ، فقبل عنه ، وأحسن الظن به ،فسكت عن اسمه ، إما لأنه أصغر منه ، وإما لغير ذلك معمر عن حديثه عنه فأسنده له . اهـ .
وبهذا يتبين علة عدم قبول الشافعي لحدث القهقهة ببيان ضعف طرقها .
قال الشافعي : فلما أمكن في ابن شهاب أن يكون يروى عن سليمان ، مع ما وصفت به ابن شهاب ـ لم يؤمن مثل هذا على غيره . وبهذا يتبين سبب عدم قبول الشافعي للمرسل مطلقاً.
* * *
2ـ عن مكحول ـ رضي الله عنه ـ ، أ، النبي r قال : ” لاربا بين مسلم وحربى في دار الحرب ” .
فهذا الحديث مرسل من قبل مكحول .
فمن يحتج بالمرسل ـ كأبى حنيفة ـ يقبله ، فيقول لا ربا بين الحربيين والمسلمين إن كانوا في دار الحرب .
وأما من رده كالشافعي فلم يقله ، ولذلك لا يجوز عندنا الربا بين الحربيين والمسلمين سواء أكانوا في دار الحرب أم في دار الإسلام ، والعبرة عندنا بالعاقد لا بالذيار ، خلافاً لأبى حنيفة .
وتابع الشافعي على ذلك مالك ، وأحمد ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، علماً بأن مالكاً من القائلين بحجية المرسل ، وذلك لأن إسناده لم يصح إلى مكحول . والله أعلم .
وهناك أدلة أخرى لكلا الفريقين لا داعى لذكرها لأننا في مقام التمثيل للمرسل واثره لا في مقام الترجيح .
* * *
3ـ روى أبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، عن الحسن ، عن سمرة ـ رضي الله عنه ـ ، أ، النبي r : ” نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ” .
فاختلف الناس في سماع الحسن من سمرة ، والجمهور على أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة ، وقيل صح سماعه منه لغيره .
قال البيهقى : أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة . اهـ . وقد تقدم القوم في سماع قبل قليل فليرجع عليه.
وعلى القول الراجع ، وهو عدم سماعه ، فالحديث مرسل .
فمن يحتج بالمرسل ذهب إلى عدم الجواز كمالك وأبى حنيفة ـ رضي الله عنهما ـ احتجاجاً بهذا الحديث المرسل .
واستدلوا أيضاً بما روى عن ابن عباس قال : ” نهى رسول r عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة “.
وذهب الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ بناء على قاعدته في رد المرسل ـ إلى جواز بيع كل ماليس مطعوماً ولا فضة ، بعضة ببعض متفاضلاً مؤجلاً .
وأجاب عن رواية ابن عباس بأنها مرسلة أيضاً عن عكرمة عن النبي r ، وأنها ضعيفة.
وقال النووى في لمجموع (9/459) : اتفق الحفاظ على ضعفه ، وأن الصحيح أنه مرسل عن عكرمة عن النبي r ، وممن قال ذلك البخارى ، وابن خزيمة ، والبيهقى ، وغيرهم ، قال ابن خزيمة : الصحيح عند أهل العلم بالحديث أنه مرسل . اهـ .
فإن قيل : فهذان مرسلان تظاهرا فليعمل بهما على قاعدة الشافعي
قلنا : الجواب عنه ما أجبنا به عن حديث القهقهة في الصلاة ، وهو أن الشافعي يعمل بالمرسل إذا اعتضد ولم يخالف الحفاظ فيما يروونه من حديث لأن المرسل على القول به بعد الاعتضاد ـ ضعيف الحجية . فإذا خالف ما يرويه الحفاظ سقط الاحتجاج به ـ على ما شرطه الشافعي في قبوله .
وهنا قد خالف هذا المرسل ما روى عن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال : ” أمرنى رسول الله r أ، أجهز جيشاً ، فنفدت الإبل ، فأمرنى أن آخر على قلاص الصدقة ، فكنت آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ” .
رواه أبو داود ، وسكت عليه ، فيقتضى أنه عنده حسن ، وإن كان في إسناده نظر، لكن قال البيهقى له شاهد صحيح ، فذكر بإسناده الصحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله r أمره أن يجهز جيشاً ، قال عبدالله : وليس عندنا ظهر ، قال : فأمره النبي r أ، يبتاع ظهراً إلى خروج التصدق ، فابتاع عبدالله البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج التصدق ، أمر رسول الله r وهذه الرواية رواها أيضاً الدارقطنى . بإسناد صحيح ، المجموع ( 9/454) .
وكذلك ما روى عن على كرم الله وجهه : ” أنه باع جملاً إلى أجل بعشرين بعيراً ” كما رواه مالك في الموطأ ، والشافعي في مسنده ، وفى الأم بإسناد صحيح عن حسين بن محمد بن على أن على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ باع جملاً له عصيفير بعشرين بعيراً إلى أجل ، قال النووى لكن في سنده انقطاع من طريق حسين بن محمد بن على . فلم يدركه .
وما روى عن ابن عباس من أنه باع بعيراً بأربعة أبعرة .
فهذه الآثار جميعها معارضة لمرسل الحسن عن سمرة ، ولذلك لم يقل به الشافعي ، مسنداً كان أم مرسلاً معتضداً .
* * *
4- روى الدارقطنى في السنن ، في باب ما روى في المضمضة والاستنشاف في غسل الجنابة قال : حديثا عبدالباقى بن قانع ، نا الحسن بن على المعمرى وأحمد بن النضر بن بحر العسكرى وغيرهما ، قالوا : نا بركة بن محمد ، نا يوسف بن أسباط ، عن سفيان الثورى ، عن خالد الحذاء عن أبى هريرة ، أن النبي r جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثاً فريضة . ورواه أيضاً ابن عدى وابن حباب كلاهما عن بركة بن محمد .
قال الدار قطنى : هذا باطل ، ولم يحدث به البركة ، وبركة هذا الآلئ المصنوعة بعد أن ذكره وذكر كلام الدارقطنى : قلت : قال الذهبى في الميزان : هذا باطل ، وقد جاء مرسلاً والله أعلم .
وبناء على هذا فقد قبله الأحناف، وفرضوا المضمضة والاستنشاق في الغسل من الجنابة، بناء على أصلهم في قبول الحديث المرسل والاحتجاج به . علماً بأن الحديث على إرساله ، ضعيف كما علمنا ومعارض بمرسل آخر يخالفه . وذهب الشافعي إلى أنهما سنة ، بناء على أصله في عدم قبول الحديث المرسل إذا صح سنده إلى مرسله ، فما بالك إذا لم يصح ، أو عارضه مرسل آخر صحيح ، وهو ما رواه الدارقطنى ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن ابن سيرين قال : سن رسول الله r الاستنشاق في الجنابة ثلاثاً .
قال الدارقطنى : والصواب حديث وكيع الذي ذكرناه قبل هذا مرسلاً عن ابن سيرين أن النبي r سن الاستنشاف في الجنابة ثلاثاً ، وتابع وكيعاً عبيدالله بن موسى وغيره .
5- روى أبو داود والنسائى والترمذى في السنن عن عبد الله بن عكيم ، قال : أتانا كتاب رسول الله r أن لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولاعصب .
قال الترمذى : هذا حديث حسن ، ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث ، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال ، أتان كتاب النبي r قبل وفاته بشهرين قال : سمعت أحمد بن الحسن يقول : كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهرين ، وكان يقول : كان هذا آخر أمر النبي r ، ثم ترك أحمد ابن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده حيث روى بعضهم فقال : عن عبد الله بن عكيم ، عن أشياخ لهم من جهينة . أهـ .
قال البيهقى في كتابه معرفة السنن والآثار وآخرون من الأئمة الحفاظ : هذا الحديث مرسل ، وابن عكيم ليس بصحابى .
وقال الخطابى : مذهب عامة العلماء جواز الدباغ ، ووهنوا هذا الحديث لأن ابن عكيم لم يلق النبي r اهـ .
إذن فالحديث مرسل .
فمن احتج بالمرسل احتج به ، كابن حنبل في أشهر الروايتين عنه ، ومالك في رواية عنه، وعبد الله بن المبارك ، وإسحق بن إبراهيم .
قال النووى في المجموع : وعمدتهم هذا الحديث . ورجحوه على غيره من الآثار الصحية التي سنشير إليها لكونه جاء قبل وفاة الرسول r بشهر . اهـ .
وأما من أنكر الاحتجاج بالحديث المرسل فلم يذهب إليه ، بل ذهب إلى خلافه ، وهو طهارة جلود الحيوانات بالدباغ ، ماعدا الكلب والخنزير واحتجوا له بما روى البخارى ، ومسلم والترمذى ، والنسائى ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والدارقطنى وغيرهم من أصحاب الحديث بأسانيد متفق على صحتها أن رسول الله r قال في شاة ميمونة : ” هل أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا قالوا : يا رسول الله أنها ميتة ، قال : ” إنما حرم أكلها ” . وإلا هذا ذهب الإمام الشافعي – رضي الله عنه – ، وأبو حنيفة – رضي الله عنه – ولكنه لم يستثن غير الخنزير . وردوا على حديث عبد الله بن عكيم الذي استدل به ابن حنبل وموافقوه بأنه حديث مرسل ، ومضطرب ، لا تقوم به حجة ، ولا يبنى عليه برهان ، لاسيما وقد عارضه ما هو أقوى منه مما هو متفق على صحته .
* * * *
6- روى أحمد ، وأبو داود ، عن خالد بن معدان ، عن بعض أزواج النبي r : ” أن رسول الله r رأى رجلاً يصلى في ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم ، لم يصبها الماء ، فأمره رسول الله r أن يعيد الضوء ” زاد أبو داود والصلاة .
قال ابن القطان ، البيهقى : هو مرسل .
فمن احتج به ، استدل بوجوب الموالاة في الوضوء ، وإلى ذلك ذهب الإمام مالك ، وأحمد ، والليث ، والأوزاعى .
ومن لم يحتج به لم يوجبها ، وهو مذهب الإمام الشافعي في الجديد ، وبهذا قال عمر بن الخطاب ، وابنه ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، وطاوس ، والحسن ، والنخعى ، وسفيان الثورى ، وأحمد في رواية عنه ، وداود ، وابن المنذر ، واحتجوا بالأثر الصحيح الذي رواه مالك ، عن نافع : ” أن ابن عمر توضأ في السوق ، فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ، ثم دعى إلى جنازة ، فدخل المسجد ، ثم مسح على خفية بعد ما جف وضوءه وصلى ”
قال البيهقى : هذا صحيح عن ابن عمر ، مشهور بهذا اللفظ ، وهذا دليل حين ، فإن ابن عمر فعله بحضرة حاضرى الجنازة ولم ينكر عليه أحد .
* * * *
7- روى ابن ماجه والدارقطنى عن إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج ، عن ابن أبى مليكة ، عن عائشة رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله r : ” من أصابه قئ ، أو رعاف ، أو قلس ، أو مذى ، فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم ” .
قال ابن تيمية صاحب منتقى الأخبار : قال الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن النبي r مرسلاً . اهـ.
وقد صحح هذه الطريقة المرسلة الذهلى ، والدارقطنى في العلل ، وأبو حاتم ، وقال : رواية إسماعيل خطأ ، أى إسماعيل بن عياش المذكورة هنا والتى جعل فيها الحديث مسنداً ، لأن ابن جريج حجازى ، ورواية ابن عياش عن الحجازيين ضعيفة ، وقد خافه الحفاظ من أصحاب ابن جريج كما أسلفنا فرووه عنه مرسلاً . وقال أحمد الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي r ، أى مرسلاً .
وقال البيهقى : الصواب إرساله .
فمن احتج جعل الدم من نواقض الوضوء ، وإلى هذا ذاهب الإمام أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأحمد بن حنبل ، وإسحق .
ومن لم يحتج به ، لم يجعله ناقضاً للوضوء ، وإلى ذلك ذهب الشافعي ، ومالك ، وابن أبى أوفى ، وأبو هريرة ، وجابر بن زيد ، وابن المسيب ، ومكحول ، وربيعة ، لاسيما وأنه مخالف لما رواه البيهقى والدارقطنى عن أنس قال : ” احتجم رسول الله r فصلى ولم يتوضأ ، ولم يزد على غسل محاجمه “.
وبما رواه أبو داود ، وابن خزيمة ، والبخارى تعليقاً : ” أن عبادة بن بشر أصيب بسهام وهو يصلى ، فاستمر في صلاته “.
إذ يبعد أن لا يطلع النبي r على مثل هذه الواقعة العظيمة ، ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت .
* * * *
8- روى أبو داود، والنسائى عن إبراهيم التيمى ، عن عائشة – رضي الله عنه – : ” أن النبي r ، كان يقبل بعض أزواجه ، ثم يصلى ولا يتوضأ” .
قال أبو داود : هو مرسل . إبراهيم التيمى لم يسمع من عائشة .
وقال النسائى : ليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلاً .
وأرجه أيضاً أحمد والترمذى .
قال الحافظ : روى من عشرة أوجه أوردها البيهقى في الخلافيات وضعفها .
فمن قبل المرسل احتج به ، وإلى ذلك ذهب الإمام أبو حنيفة – رضي الله عنه – ، وهو قول سفيان الثورى وأهل الكوفة .
وذهب مالك ، والشافعي ، والأوزاعى ، وأحمد ، وإسحق ، إلى أن القبلة وضوء ، بناء على ضعف هذا الحديث بسبب الإرسال ، ولأنه معارض بما رواه مالك ، عن ابن شهاب الزهرى ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب أنه قال : قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فليتوضأ .
* * * *
9- روى أبو داود ، والطبرانى عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله r عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً . ورواه غير واحد عن عكرمة مرسلاً .
قال أبو حاتم : وهو الأصح .
فمن احتج به كالإمام قال : العتيقة شاة عن الذكر والأنثى محتجاً بهذا الحديث وإن كان مرسلاً ، بناء على مذهبه في قبول المرسل .
وذهب الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وداود ، وحكاه في الفتح عن الجمهور : إلى أن العقيقة شاتان عن الذكر ، وشاه عن الأنثى .
واستدلوا بما روى من طرق عديدة صحيحة أن رسول الله r قال : ” عن الغلام شاتان مكافأتان ، وعن الجارية شاة ”
* * * *
10- روى سعيد في سننه عن أبى النعمان الأزدى قال : ” زوج رسو الله r امرأة على سورة من القرآن ، ثم قال : لا يكون لأحد بعدك مهراً ” .
وهذا الحديث مرسل .
فمن رأى الاحتجاج به ، كالطحاوى من الأحناف ، والأبهرى ، وغيرهما ، ذهبوا إلى أن جواز كون المنفعة صداقاً مختص بذلك الرجل الذي زوجه رسول الله r ، لقوله في الحديث ، لايكون لأحد بعدك مهراً .
وذهب الشافعي وغيره إلى جواز كون المنفعة صداقاً ولو كانت قرآناً لأى رجل بدون استثناء ، واستدلوا على ذلك بما رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن سهل بن سعيد : ” أن النبي r جاءته امرأة فقالت : أنى قد وهبت نفسى لك ، فقامت قياماً طويلاً ، فقام رجل فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ، فقال رسول الله r : هل عندك من شئ تصدقها إياه ؟ فقال : ما عندى غلا إزارى هذا ، فقال النبي r : إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً ، فقال : ما أجد شيئاً ، فقال : التمس ولو خاتماً من حديد ، فالتمس فلم يجد شيئاً ، فقال له النبي r : هل معك من القرآن شئ ؟ قال نعم سورة كذا بسورْ يسميها ، فقال له النبي r : قد زوجتكها بما معك من القرآن “.
11- روى الترمذى ، وأبو داود في مراسيله عن الزهرى : ” أن النبي r أسهم لقوم من اليهود قاتلو معه ” .
وروى الترمذى عن الأوزاعى قال : أسهم النبي r للصبيان “بخيبر” .
وروى الترمذى . عن الأوزاعى قال : أسهم النبي r للنساء ” بخيبر” .
وهذه الأحاديث الثلاثة مرسلة .
فمن احتج بالحديث المرسل قال لأهل الذمة وإلى هذا ذهب الزهرى وطائفة من أهل العلم كما قال الترمذى في سننه .
وكذلك ذهب الأوزاعى ، وطائفة من أهل العلم إلى أنه يسهم للنساء والصبيان وأهل الذمة ، بناء على ردهم للحديث المرسل .
قال المباركفورى شارح الترمذى في التعليق على هذه المراسيل : هذا مرسل والمرسل لا تقوم به حجة على القول الراجح .
* * * *
هذا ، وأمثلة الحديث المرسل كثيرة لا يخلو منها باب من أبواب الفقه الإسلامى ، ولو ذهبت استقصيها أو أحاول حصرها وعدها لضاق على القرطاء ، وإن نظرة سريعة لمدارك الأحكام في كتب الفقه المقارن والمذهبى لكفيله بأن تعطى لناظر مدى الأثر الذي خلفه الحديث المرسل في فقهنا الإسلامى . ولكنى اكتفيت بهذا القليل لما فيه من غنية عن الكثير ، ولأنى حاولت فقط ضرب الأمثلة ليتضح أثر المرسل ، ولا يظنن ظان أن أدلة القابلين للحديث المرسل على المسألة الفقهية التي ذهبوا إليها – هو هذا الحديث المرسل فقط ، بل لهم بالإضافة إليه أدلة أخرى مذكورة في كتبهم وكتب الأحكام لم أتعرض لها لأنى لست في مقام الترجيح والمقارنة كذا قلت بل في مقام التمثيل للحديث المرسل فقط .
أمثلة المرسل المعتضد الذي يقبله الشافعي :
1- روى عن سعيد بن المسيب – رضي الله عنه – ، أن النبي r قال ” لا يباع حى بميت ” .
قال السبكي في تكملة المجموع (11/135) : حديث سعيد بن المسيب رواه أبو داود من طريق الزهرى عن سعيد .
ورواه مالك في الموطأ ، والشافعي عنه في المختصر والأم ، وأو داود أيضاً من طريق زيد بن أسلم عن سعيد ، أن رسول الله r نهى عن بيع اللحم بالحيوان .
قال : وكلا الحديثين ، أعنى رواية الزهرى ، وزيد بن أسلم مرسل ، ولم يسنده واحد عن سعيد .
قال : وقد روى من طرق أخرى .
منه عن الحسن عن سمرة أن النبي r : ” نهى عن أن تباع الشاة باللحم ” ورواه الحاكم في المستدرك وقال : رواته عن آخرهم أئمة حفاظ ثقات ، وقد احتج البخارى بالحسن عن سمرة.
ورواه البيهقى في سننه الكبير وقال : هذا إسناد صحيح ، ومن أثبت سماع الحسن عن سمرة عده موصولاً ، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انضم إلى مرسل سعيد . اهـ .
وروى الشافعي في الأم في باب بيع الآجال عن مسلم ، وهو ابن خالد عن ابن جريج ، عن القاسم بن أبى بزة قال : قدمت المدينة جزوراً قد جزرت ، فجزئت أجزاء ، كل جزء منها بعناق ، فأردت أن أبتاع منها جزءاً ، فقال لى رجل من أهل المدينة : إن رسول الله r نهى أن يباع حى بميت ، فسألت عن ذلك الرجل ، فأخبرت عنه خيراً ، السائل عن الرجل القاسم بن أبى بزة فيما أظن . اهـ .
وروى عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن جزوراً نحرت على عهد أبى بكر الصديق – رضي الله عنه – ، فجاء رجل بعناق ، فقال : أعطونى بهذا لحماً فقال أبو بكر : لا يصلح هذا.
فأخذ الشافعي بحكم هذا المرسل وهو حرمة بيع الحيوان المأكول بجنيه كالبقر بلحم البقر، والغنم بلحم الغنم وذلك لأنه :
أولاً : أن هذا المرسل صحيح عن سعيد بن المسيب .
ثانياً : لأنه اعتضد بما ذكرناه من الشواهد ، لا سيما شاهد الحسن عن سمرة ، فهو إما مسند ، وإما مرسل ، وهو على كلا الحالين عاضد جيد .
ثالثاً : لأن هذا القول وهو التحريم قول عامة أهل العلم فإنه قال به أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – ، وأربعة من الفقهاء السبعة ، والأوزاعى ، والليث بن سعد ، وأحمد ، ونقله الرويانى عن الثلاثة الباقين من الفقهاء السبعة وهم ، سليمان بن بشار ، وخارجة ، وعبيد الله بن عبد الله ، وكذلك نقله العبدرى عن الفقهاء السبعة .
وأما قول ابى بكر فقد أشار الشافعة إى وجه الاحتجاج به في المختصر بقوله : ولا نعلم أن أحدا من أصحاب رسول الله r خالف في ذلك أبا بكر .
قال الشيخ أبو حامد : والظاهر إذا نحرت جزور وحضرها إمام الوقت أن يكون هناك أناس كثيرون ، وقد قال هذا ولم ينر ليه أحد .
فهذا الذي ذكرناه من قول كافة أهل العلم ، وما يشبه الإجماع السكوتى عاضد ثان لمرسل سعيد ولذلك أخذ به الإمام الشافعي – رضي الله عنه – ، لأنه استوفى الشرط الذي شرطه في المرسل .
ومع ذلك ، ومع أن مذهب أبى حنيفة الاحتجاج بالمرسل ، فقد أعرض عن هذا الحديث وذهب إلى الحل ، وذهب معه إلى ذلك أبو يوسف مطلقاً ، ومحمد بن الحسن إذا كان اللحم أكثر من اللحم الذي في الحيوان ، فيكون فاضل اللحم في مقابلة الجلد والعظم .
وهذا من مناقضات الأحناف – رضي الله عنهم – .
2- روى مسلم في صحيحه عن ابى الزبير أنه سمع جاب بن عبد الله – رضي اله عنه – يسأل عن المهل فقال : سمعت : ” أحسبه رفع إلى النبي r فقال : ” ومهل أهل العراق من ذات عرق ” والحديث أخرجه ابن أبى شيبة وابن راوية والموصلى في مسانيدهم .
قال النووى في الجموع (7/191) ، فهذا إسناده صحيح ، لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي r ، فلا يثبت رفعه بمجرد هذا .
وقال في شرح مسلم (8/89) : هذا صريح في كونه ميقات أهل العراق ، وليس رفع الحديث ثابتاً .
ورواه ابن ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد بإسناده عن جابر مرفوعاً بغير شك قال : خطبنا رسول الله r فقال ” مُهَلُّ أهل المدينة من ذى الحليفة ومهل قُرْنٍ ن ومهل أهل المشرق من ذات عرق ” انظر السنن رقم 2915 وفيه إبراهيم بن يزيد ، وهو ضعيف ، قال فيه أحمد وغيره متروك احاديث ، وقيل منكر الحديث ، وقيل ضعيف .
ورواه الإمام أحمد في مسنده عن جابر عن النبي r بغير شك أيضاً لكن من رواية الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف . انظر ترتيب المسند (11/108) .
وروى أبى داود ، والنسائى ، والدارقطنى عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة أن النبي r وقت لأهل العراق ذات عرق .
لكن نقل ابن عدى في الكامل أن أحمد بن حنبل كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث ، وانفراده به .
قال ابن حجر في التلخيص : تفرد به المعافى بن عمران عن أفلح عنه ، والمعافى ثقة.
وروى أبو داود والتمرذى عن ابن عبس أنه قال : وقف رسول الله r لأهل المشرق العقيق ” قال الترمذى حديث حسن .
قال النووى في المجموع (7/191) : وليس كما قال فإنه من رواية يزيد بن زيد وهو ضعيف باتفاق المحدثين .
وروى عن عطاء عن النبي r : ” أنه وقت لأهل المشرق ذات عرق” رواه الشافعي في الأم (2/113) والبيهقى في السنن بإسناد حسن .
وعطاء هذا تابعى من كبار التابعين ، والصحيح من روايته أنها مرسلة كما قاله البيهقى .
والأحاديث التي رويت في توقيت ذات عرق لأهل العراق ، لم يخل طريق من طرقها من مقال . قال ابن حجر في الفتح (2/133) : ” قال ابن خزيمة : رويت في ذات عرق أخبار لا يثبت شئ منها عند أهل الحديث ، وقال ابن رويت في ذات عرق أخبار لا يثبت شئ منها عند أهل الحديث ، وقال ابن المنذر : لم نجد في ذات عرق حديثاً ثابتاً لكن بمجموع الطرق يقوى ” .
فلم يبق أمامنا إلا المرسل الذي روى عن عطاء ، بسند صحيح إليه . فهل يعمل به على قاعدة الإمام الشافعي في العمل بالمرسل إذا اعتضد؟
قال النووى في المجموع (7/192) : ” وعطاء من كبار التابعين ، وقد قدمنا في مقدمة هذا الشرح أن مذهب الشافعي الاحتجاج بمرسل كبار التابعين إذا اعتضد بأحد أربعة أمور ، منها : أن يقول به بعض الصحابة ، أو أكثر العلماء ، وهذا قد اتفق على العمل به الصحابة ومن بعدهم ” .
هذا ، والمسألة في كون ذات عرق ميقاتاً ، مختلف فيها على أنه اجتهادية أم منصوصة ، وليس هذا مكان البحث فيها وإنما نريد ضرب المثال فقط للمرسل الذي يعمل به الشافعي .
* * * *
ذكر مناقضات وقع للقائلين بحجية الحديث المرسل :
قال الإمام ابن حزم في الأحكام (2/136) بعد أن ذكر أن المرسل لا تقوم به حجة : والمخالفون لنا في قبول المرسل هم أصحاب أبى حنيفة ، وأصحاب مالك ، وهم أترك خلق الله للمرسل إذا خالف مذهب صاحبهم ورأيه .
وقد ترك مالك حديث أبى العالية في الوضوء من الضحك في الصلاة ولم يعيبوه إلا بالإرسال ، وأبو العالية قد أدرك الصحابة – رضي الله عنهم – وقد رواه أيضاً الحسن وإبراهيم النخعى ، والزهرى مرسلاً .
قلت : ورواه أبو حنيفة عن معبد الجهنى .
قال ابن حزم : وتركوا حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه النبي r صلى في مرضه الذي مات فيه الناس جالساً والناس قيام.
وترك مالك وأصحابه الحديث المروى عن طريق الليث عن عقيل بن خلد عن الزهرى عن سعيد بن المسيب ، والقاسم ، وسالم ، وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أن النبي r فرض الزكاة الفطر مدين من بر على كل إنسان مكان صاع من شعير ، وذكر سعيد بن المسيب أن ذلك كان من عمل الناس أيام أبى بكر وعمر.
وذكر غيره أن حكم عثمان أيضاً ، وابن عباس .
وذكر ابن عمر أنه عمل الناس .
فهؤلاء فقهاء المدينة ، رووا الحديث مرسلاً ، وأنه صحبه العمل عندهم فرك ذلك أصحاب مالك .
فأين أتباعهم المرسل وتصحيحهم إياه ؟
وأين أتباعهم رواية أهل المدينة ، وعمل الأئمة بها ؟
وترك الحنفيون حديث سعيد بن المسيب عن النبي r في أن لا يباع الحيوان باللحم ، وهو أيضاً فعل أبى بكر الصديق رضوان الله عليه .
ومثل هذا كثير جداً .
ولو تتبعنا ما تركت كلتا الطائفتين لبلغت أزيد من ألفى حديث بلا شك ، وسنجمع من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى في كتاب مفرد لذلك إن أعان الله عالى بقوة من عنده ، وأمد بفسحة في العمر .
فإنما أوقعهم في لأخذ بالمرسل ،ثم تركوه في غير تلك المسائل ، وإنما غرض القوم نصرة المسألة الحاضرة بما أمكن من باطل أو حق ، ولا يبالون بأن يهدموا بذلك ألف مسألة لهم ، ثم لا يبالون بعد ذلك بإبطال ما صححوه في هذه المسألة إذا أخذوا في الكلام في أخره . اهـ .
قال الشافعي – رضي الله عنه – في الرسالة (الفقرة 1308) بعد أن أفحم الخصم بحجية المرسل : وقلت له : أنت تسأل عن الحجة في رد المرسل وترده ثم تجاوز فترد المسند الذي يلزمك عندنا الأخذ به !”
ومن مناقضا الحنابلة الذين يقولون بحجية المرسل في أشهر أقوالهم – ما ذكره ابن قدامه المقدسى في المغنى (4/37) في الكلام على حرمة الربا مطلقاً سواء أكان في دار الحرب أم الإسلام ، وساء كان بين المسمين أو المسلمين والكفار فقال : ” ويحرم الربا في دار الحرب كتحريمه دار الإسلام ” وبه قال مالك ، والأوزاعى ، وأبو يوسف ، والشافعي ، وإسحاق ، وقال أب حنيفة : لا يجر الربا بين مسلم وحربى في دار الحرب ، وعنه في مسلمين أسلما في دار الحرب لا ربا بينهما ، لما روى مكحول عن النبي r أنه قال ” لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب” .
ثم علق على هذا الخبر بقوله : ” وخبرهم مرسل لا نعرف صحته ” اهـ .
وقال في مكان آخر : ” ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن وتظاهرت به السنة ، وانعقد على تحريمه الإجماع – بخبر مجهول ، لم يرد في صحيح ، ولا مسند ولا كتاب موثوق به وهو مع ذلك مرسل ” .
فهذه جملة من مناقضات الحنفية ، والمالكية ، والحنابلة القائلين بحجية المرسل ، وهناك منها المئين كما قال ابن حزم وأن كل من أنصف لابد وأنه يعرف أن الحق عليهم لالهم ، والله الهادى إلى سواء السبيل والحمد لله رب العالمين .
——————————————————————————–
1) مخطوط
1) هكذا في الأصل بإثبات حرف العلة مع الجازم
1) قلت : إن كان المسند صحيحاً فهما دليلان كما قال النووى ، وإلا فالمجموع من المرسل والعاضد حجة . كما قال في جمع الجوامع . وهذا هو الجواب والله أعلم . أشار إليه شيخ الإسلام زكريا .