مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
إنني عندما نشرت كتاب الوجيز في طبعته التمهيدية بجامعة الكويت، وطبعته الأولى والثانية في مؤسسة الرسالة ـ لم أذيل المباحث بمراجعتها، لما كنت اعتقده من بداهة الموضوعات بوجازتها التي سقتها فيه لمبتدئ الطلب في هذا الفن .
إلا إنني رأيت بعد ذلك ـ حرصا على أمانة النقل، وتوثيق النصوص، وربط الطلاب بالمراجع القديمة ـ أن أثبت هذه المراجع في هوامش الكتاب، عسى أن تقع الموقع الذي إليه رميت، وتؤدي الفرض الذي له هدفت .
مع ما أزيده في هذه التعليقات من بعض الفوائد المهمة، ضمن نطاق المبتدئ في هذا الفن أيضا .
كما أن طبعة الكتاب الأولى لم تخل من أخطاء لم يتنبه لها الطابع ولا المصحح، مما قد وقفت أثناء مراجعة الكتاب وتدريسه، أملا أن نتلاشاها في هذه الطبعة.
على أن الخطأ والسهو من لوازم البشر، فمن وقف على شئ من هذا فإنا نشكره سلفا على إرشادنا إليه، وهذا من قبيل النصح الواجب للمسلم على المسلم .
وقد تبعت في الحواشي التي ألحقتها ما يلي :
1. رتّبت الهوامش ترتيباً رقمياً متسلسلاً من أول الكتاب إلى آخره .
2. إذا ذكرت كلمة ( المستصفى ) فالمراد به طبعة بولاق التي بهامشها فواتح الرحموت، وأما إذا كان النقل عن المستصفى في طبعته المستقلة قلت بجانبها ( المستصفى تجارية ) أي طبع المكتبة التجارية .
3. إذا نقلت عن نهاية السول التي طبعت مع الإبهاج ذكرتهما معاً بقولي : ( الإبهاج ونهاية السول ) وإذا نقلت عن نهاية السول التي طبعت مع مناهج العقول شرح البدخشي قلت : ( نهاية السول ) فقط .
4. طبعة الأحكام التي اعتمدت عليها هي طبعة دار الكتب العلمية بلبنان والمصورة عن الطبعة المصرية القديمة، وهي مغايرة في أرقام صفحاتها لطبعة الأحكام التي اعتمدت عليها في سائر كتبي كالتبصرة، والمنخول، والتمهيد، والحديث المرسل .
5. إذا قلت ( منتهى السول )، فهو كتاب الآمدي المختصر من الأحكام، وأما إذا قلت : ( المنتهى ) فمرادي به منتهى ابن الحاجب، الذي طبع مستقلاً في جزء صغير .
6. حيثما تقلت عن رفع الحاجب فإنما أنقل عن النسخة الخاصة بمكتبتي والمنقولة عن نسخة الأزهر، والتي أعدّها للنشر قريبا إن شاء الله، والأرقام التي أشير إليها هي أرقام مكتبة الأزهر غالباً .
7. وحيث أنقل عن القواطع لابن السمعاني، فإني انقل أيضا عن نسختي الخطية الخاصة المنسوخة عن النسخة المصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، عن النسخة الأصلية في القسطنطينية بتركيا، وقد نشرت منها المقدمة ـ بعد أن حققتها وعلقت عليها ـ بمعهد المخطوطات في جامعة الدول العربية في مجلته العلمية المحكمة العدد الأول من ص 209 إلى ص 288، وأما بقية أجزائه فستصدر تباعا أن شاء الله .
8. وأما بالنسبة لجمع الجوامع فإني اعتمدت على حاشية البناني ط. عيسى الحلبي، وأما إذا كان النقل عن حاشية العطار قلت بجانبها ( جمع الجوامع عطار ) .
والله ولي التوفيق ….
د. محمد حسن هيتو
مقدمة الكتاب
الحمد لله الذي جعل العلم دليلا للوصول إليه، وجعل للعلم أصولا يستدل بها عليه، دستوراً قويماً، وسبيلاً مستقيماً فصان بذلك شرعه من أن تمتد إليه يد العبث، وحفظ وحيه من أن يتخذ مطية للشهوات والأهواء .
ولذلك كان علم أصول الفقه من أشرف علوم الشرع مكاناً، وأكبرها أثراً، وأعمقها غوراً، وأدقها مسلكاً.
وبقدر تفاوت العلماء في التمرس به وإتقانه تتفاوت بين الناس أقدارهم، وتتباين في الشريعة منازلهم.
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد :
فإني ومنذ بداية طلبي للعلم قد شغفت حبا بفن الأصول، فصرفت إليه همتي، واستغرقت فيه جهدي، فقرأت فيه المختصرات والمطولات، وكنت كلما ازددت فيه تعمقا، أدركت الهوة الواسعة التي تفصل بين المسلمين اليوم وبين حقيقة التشريع والاستنباط والاجتهاد، وعلمت أن معظم التخبط الذي يقع به المسلم المعاصر الذي حيل بينه وبين علومه الشرعية، بالمخططات المدروسة الهدامة ـ إنما هو نتاج جهله بقواعد الاستنباط والاجتهاد، وهي قواعد هذا الفن العظيم .
ومن ثم بدأت بمحاولة لإحياء هذا العلم الذي أصبح إطلالا دارسة، بعد أن كان علماً شامخاً.
فنسخت الكثير من كتبه التي لم تنشر بعد وقمت بنشر بعضها، في محاولة لتعريف المسلمين به، ووقوفهم عليه. فنشرت منه بالتحقيق، والشرح والتعليق:
1. المنخول من تعليقات الأصول، للإمام أبي حامد الغزالي .
2. التبصرة في أصول الفقه ، للإمام أبي اسحق الشيرازي .
3. التمهيد في استخراج الفروع على الأصول، للإمام الاسنوي .
4. القواطع في أصول الفقه، للإمام ابن السمعاني، والذي آمل أن يصدر قريباً .
كما إنني قمت بنشر كتابين من تأليفي في هذا الفن.
1. الحديث المرسل حجيته وأثره في الفقه الإسلامي .
2. الإمام الشيرازي وآراؤه الأصولية .
ولما كانت كتب المتقدمين في هذا الفن لا تخلو من الصعوبة والتعقيد بالنسبة لأهل العصر ـ الذين حيل بينهم وبين تراثهم كما ذكرت فعزفوا عن علوم الشرع بصورة عامة، وعن هذا العلم بصورة خاصة ـ رأيت أن أتقدم إليهم بهذا المختصر الوجيز، وبأسلوب سهل بسيط، ليكون الخيط الذي يربطهم بكتب هذا الفن وما ألف فيه .
ولا سيما بعد أن اسند إلي تدريس هذه المادة في كليتي الحقوق والشريعة بجامعة الكويت .
ولي أمل كبير بالله تعالى أن يمكنني من تتمة المسيرة، لأكتب فيه ما عزمت من موسوعة تشتمل على كل أو معظم ما كتب فيه ودوِّن.
وأما طريقتي في هذا الكتاب فكانت على النحو التالي:
1. أذكر أصول المسائل الأصولية، دون الخوض في تفاصيلها الدقيقة، لأني إنما وضعت الكتاب للمبتدئ، والخوض في التفاصيل ربما ابتعد به عن الهدف المنشود.
2. سرت فيه على رأي الجمهور في الأعم الأغلب، دون التعرض لآراء المخالفين لعدم فائدتها للمبتدئ أيضا، إلا أنني أشير إلى وجود الخلاف بقولي: الأصح، أو الصحيح أو الجمهور على كذا، مما يفهم معه أن ثمة من يخالف، وقد أذكر الخلاف لضرورة الوقوف عليه لما له من الأهمية.
وربما اخترت في بعض الحالات بعض الأقوال، وأشير إلى ذلك بما يبين أنه من اختياري وترجيحي.
3. لم أستطرد في سرد الأدلة على المذهب المختار، بل أذكر أهم الأدلة التي يستدل بها على المسألة.
وربما أهملت الدليل لوضوح المسألة واستغنائها وردها.
4. حاولت ما أمكنني ـ وبما يتناسب مع غرض الكتاب في الإيجاز وحاجة المبتدئ ـ أن استقصى المسائل الأصولية التي تعرض لها الأصوليون في كتبهم المختلفة، ليكون الكتاب على إيجازه جامعا لكل مسائل الفن ومباحثه .
وقد أهملت في نفس الوقت بعض المسائل التي لا تهم المبتدئ مما له علاقة بمباحث الكلام وغيرها مما لا يحتاج إليه في الفروع الفقهية.
كما أني في مباحث اللغات أخذت منها ما كان له أثر في الفروع الفقهية دون غيره مما لا حاجة للمبتدئ له .
5. لم أذكر في هوامش الكتاب المراجع الأصولية التي رجعت إليها كما فعلت ذلك في كتبي الأخرى كالتبصرة والمنخول والتمهيد والشيرازي، والحديث المرسل .
وذلك لأن مباحث هذا الكتاب من المسائل العامة التي لا تخفى في موضوع الفن، مما لا يحتاج معه إلى المراجع، لأنه لا يخلو كتاب من الكتب عنها في الغالب، ولذلك لم أر فائدة من سرد المراجع الأصولية في كل مسألة من المسائل .
وهذا فيما لا اختيار فيه ولا ترجيح، فإن كان لي في الموضوع اختيار أو ترجيح أو رأي، ذكرت مقالة الأصوليين وأحلت إليها، ليتبين الحال… .
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يقبل منى هذا العمل الذي لا أدَّعي فيه الكمال .. لأن ذلك لا يكون إلا لله ولمن عصمه الله من نبي أو رسول، إلا أنني لم أدَّخر فيما أعلم وسعاً إلا وبذلته من أجل إخراجه على الحالة المرضية , فإن كنت قد أصبت فيما فعلت ـ وهذا ما أرجوه ـ فهو من توفيق الله لي، وإن كان غير ذلك ـ وهو من لوازم البشر ـ فهو تقصيري وجهلي .
كما أسأل الله تعال أن يوفقني للقيام بما عزمت عليه من مشروعي في هذا الفن الذي آذنت شمسه بالمغيب في هذه الأيام المظلمة من تاريخ البشرية عامة والمسلم خاصة، بعد أن قبض العلم، وفشا الجهل وصار أمر الناس إلى جاهلية علمية ما عرفت على مدى تاريخ هذه الأمة العريق .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الكويت 17 رجب 1401 هـ الموافق 21 مايو 1981 م
الدكتور / محمد حسن هيــتو