فائدة من كتاب طبقات الشافعية
قَالَ لي شَيخنَا الذَّهَبِيّ مرّة
مَن فِي الْأمة أفضل من أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بِالْإِجْمَاع
فَقلت يفيدنا الشَّيْخ
قَالَ :عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ من أمة الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل على بَاب دمشق ويأتم فِي صَلَاة الصُّبْح بإمامها وَيحكم بهَذِهِ الشَّرِيعَة
قلت : وَهَذَا مَا أَشرت إِلَيْهِ بقصيدتي الَّتِي نظمتها فِي المعاياة مِنْهَا
(مَن بِاتِّفَاق جَمِيع الْخلق أفضل من … شيخ الصحاب أبي بكر وَمن عمر)
(وَمن عَليّ وَمن عُثْمَان وَهُوَ فَتى … من أمة الْمُصْطَفى الْمُخْتَار من مُضر)
وَبعد أَن نظمت هَذِه الأبيات وقفت على قصيدة غراء لبَعض الأدباء أَحْبَبْت
تخليدها فِي هَذَا الْكتاب وَهِي
(سلا صَاحِبي الْجزع من أبرق الْحمى … عَن الظبيات الخرد الْبيض كالدمى)
(وعوجا على أهل الْخيام بحاجر … ورامة من أهل الْعرَاق فسلما)
(وَإِن سفهت ريح الشمَال عَلَيْكُمَا … وريح الصِّبَا فِي أرْضهَا فتحلما)
(فَبين الْخيام أغيد يخطف الحشا … مَرِيض جفون للصحيحات أسقما)
(يُرِيك الدياجي إِن غَدا متجهما … وشمس الضُّحَى إِن مَا بدا مُتَبَسِّمًا)
(ويفتر عَن در يصان بهاؤه … ويحرس بالظلم الممنع واللما)
(كَأَن قضيب البان فِي ميسانه … رأى قده لما انثنى فتعلما)
(إِذا الرّيح جالت حول عطفيه أَصبَحت … تهب نسيما مَا أرق وأنعما)
(يُقيد من تعريجه الصدغ عقربا … وَيُرْسل من رَجَعَ الذؤابة أرقما)
(لَهُ فِي قُلُوب الْعَالمين مهابة … تبلغه فِي حكمه مَا تيمما)
(وحثا إِلَى عبد الرَّحِيم ركائبا … تحاكي قسي النبع فوقن أسهما)
(فَتى جمعت فِيهِ الْفَضَائِل راضعا … ونال العلى من قبل أَن يتكلما)
(حَلِيف التقى ترب الْوَقار مهذب الْخلال … يرى كسب المحامد مغنما)
(يبيت نديما للسماح معاقرا … وَيُصْبِح صبا بالمعالي متيما)
(لَهُ خلق كالروض غب سمائه … تضوع مسكا أذفرا وتبسما)
(إِذا جئتماه فامنحاه تَحِيَّة … ملوكية أَو كبراه وأعظما)
(وقولا لَهُ اسْمَع مَا نقُول وَلَا تكن … ضجورا بِهِ مستثقلا متبرما)
(رَأَيْنَاك فِي أثْنَاء قَوْلك معجبا … بكونك أوفى النَّاس فهما وأعلما)
(فَإِن كنت من أهل الْكِتَابَة واثقا … بِنَفْسِك فِيهَا لَا تخَاف تهضما)
(فَمَا ألف من بعد يَاء مَرِيضَة … مصاحبة عينا تخوفها العما)
(تظن إِذا الرَّاوِي غَدا ناطقا بهَا … زمير نعام فِي الفلاة ترنما)
(وياء إِذا مدت غَدَتْ غير نَفسهَا … وَصَارَت حَدِيثا عَن جواك مترجما)
(وَإِن قصرت كَانَت غرابا بقفرة … يرود لكَي يلقى خَلِيلًا وأينما)
(وسينا أضافوها إِلَى الدَّال مرّة … فَصرحَ بالشكوى لَهَا ثمَّ جمجما)
(يخَاف إِذا مَا باح بالْقَوْل سطوة … من الصَّاد أَو غشا من الْمِيم مؤلما)
(وَمَا الْكَاف إِن ردَّتْ إِلَى أصل خلقهَا … وَمَا الْقَاف إِن أضحى لَهَا مُتَقَدما)
(وَسِتَّة أَشْيَاخ تخال شخوصها … إِذا عكست نجم الثريا إِذا سما)
(وحرفان محسوبان فِي الْعد سَبْعَة … تريك غُبَار الجو طَار ودوما)
(وَإِن كنت من أهل البلاغة جَامع اللُّغَات … بأنواع الْأَقَاوِيل قيمًا)
(فَمَا كَلِمَات هن عرب صرائح … يعود الفصيح إِن شداهن أعجما)
(وَإِن قلبت أعيانهن وصحفت … ترى مصقعا فِيهِنَّ من كَانَ أبكما)
(وَمَا السيربان والجحوحة والضفا … ضفا الدَّار والسمر الغرانف والهما)
(وَمَا الْحمل والتيمات والزام بعده … وَمَا الجعفريات تنزى وزغلما)
(وَمَا السفح والفرغان والخنع والنقى … وقف التوالي والهبابة والجما)
(وَمَا الخيعر المبثوث والشامخ الَّذِي … يناط براعون ليُصبح معلما)
(وَمَا الحدب الْهَادِي وَمَا أجدب الْكرَى … وَمَا عنجم إِن كنت تعرف عنجما)
(وَمَا الزبرق المائي إِذا غَابَ نجمه … وَمَا الزنبق الناوي إِذا هُوَ أنجما)
(وَمَا العنقفيس والملاحيح والكبى … وطارسة والفادحيات عظلما)
(وَإِن كنت مِمَّن يَدعِي عَرَبِيَّة … ويحقر فِي النَّحْو الإِمَام المقدما)
(فَمَا لَفْظَة إِن أعربت أَصبَحت لقى … يعاف بهَا الْمَرْء البليغ التكلما)
(وَإِن أهمل الْإِعْرَاب فِيهَا فَمن غَدا … بِشَيْء سواهَا ناطقا كَانَ مفحما)
(وَمَا اسْم إِذا ثنيته وَجمعته … تنصف فيهمَا رمته وتسهما)
(وحرف إِذا أعملته صَار معربا … وَفعل إِذا عديته صَار مذغما)
(وَمَا حرف عطف لَيْسَ يُوجد عاطفا … إِذا الْمَرْء آلى فِي الْمقَال وأقسما)
(وحرفان للتوكيد ليسَا لحَاجَة … يعدَّانِ يل يُرْجَى أَخُو النَّقْص مِنْهُمَا)
(وَمَا مصدر قد ألزم الرّفْع دَائِما … وَمَا اسمان إِن فتشت بِالْجَرِّ ألزما)
(وَمَا نون جمع تطلب الْكسر شَهْوَة … وَتكره أَن ترقى إِلَى الْفَتْح سلما)
(ترى الْكسر غنما فِي يَديهَا محصلا … ويعتد ذَاك الْفَتْح خسرا ومغرما)
(وَإِن كنت فِي علم الْعرُوض ووزنه … وَجمع القوافي للورى مُتَقَدما)
(فَكيف السباح واللباس ونافد … إِذا الْبَيْت زَاد الْوَزْن فِيهِ وأخرما)
(وَكَيف السناد والرفاد إِذا غَدا … بوصل إِلَى أصل الزحاف قد انتما)
(وَمَا كَلِمَات الْوَزْن إِن كنت عَارِفًا … بِهن وَمَا فعلان فِيهِ وفعلما)
(وَمَا الهزج المرمول إِن رمت شَرحه … عَن الْقَضِيب وَالْبَيْت الطَّوِيل إِذا جما)
(وَمَا الجث فِي بَحر الْخَفِيف إِذا غَدا … سَرِيعا فلاقى جانيا فترمرما)
(وَمَا الْكَامِل المحسوب فِي بَحر إلفه … بسيطا إِذا أضحى مذالا ململما)
(وَمَا الخبل المطوي أصبح ناشرا … إِذا هُوَ بالتشعيث صَار مهشما)
(وَمَا الْكَفّ وَالْقَبْض الْمُضَارع مُشكل … بِنَاء المديد بعد أَن يتهدما)
(وَمَا الثلم إِن رمت اقتراب اتفاقه … وَمَا الْحَذف إِن ألفى بتارا وأثرما)
(وَإِن كنت فِي نظم القريض مجودا … وَكنت عَلَيْهِ قَادِرًا متحكما)
(فَكيف يكون الرّفْع وَالْقطع واصلا … فريد الْمعَانِي حِين أصبح توأما)
(وَكَيف الروي الْمُسْتَقيم وَمَا الَّذِي … تَقول إِذا أنشأت تنْعَت عِنْدَمَا)
(وَكَيف ترى وصف السَّحَاب وَذكره … إِذا أحفرت أهدابه وَإِذا همى)
(وَوصف أثافي الديار إِذا انطوت … محاسنها وابيض مَا كَانَ أسحما)
(وَكَيف خُرُوج الْمَدْح والهجو بعده … جَمِيعًا إِذا كَانَ النسيب متمما)
(وَمَا وصف دوح مطمئن قراره … يرى مضمحلا بِالزِّيَادَةِ والنما)
(وغادية كالطود تحسب جرسها … جوادا رأى الْخَيل العراب فحمحما)
(تميل إِلَيْهَا الغاديات رواجيا … جناها لتكسوهن وشيا منمنما)
(تحط بأغوار الْبِلَاد رحاها … وَقد صافحت من قبل نسرا ومرزما)
(وَإِن كنت فِي الْقُرْآن أتقن حَافظ … وأدرى بأصناف الْخلاف وأفهما)
(فَمن جعل الْأَحْزَاب تسعين آيَة … وَزَاد على التسعين عشرا فتمما)
(وَمن جعل الْفرْقَان من بعد فاطر … وصير قبل الْكَهْف سُورَة مريما)
(وَعَمن روى ابْن الحاجبية وَحده … قِرَاءَته حَتَّى على النَّاس قدما)
(وَمن حقق الهمزات فِي سُورَة النسا … ولينها فِي العنكبوت وأدغما)
(وَمن زَاد فِي مد الْحُرُوف وهمزها … على ابْن كثير أَو أمال المفخما)
(وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن عشرُون سَجْدَة … وست ويروي ذَاك عَمَّن تقدما)
(وَمن شدد النُّون الَّتِي قبل ربه … وخفف لَكِن الَّتِي بعْدهَا رمى)
(وَمن وصل الْآيَات جحدا لقطعها … وَمد الضُّحَى من بعد مَا قصر السما)
(وَمن حذف الياءات من غير عِلّة … وَأنكر فِي الْقُرْآن تَضْعِيف رُبمَا)
(وَإِن كنت ذَا فقه بدين مُحَمَّد … على ذكره صلى الْإِلَه وسلما)
(فَمن جعل الْإِجْمَاع فِي البيع حجَّة … وصيره كالعرف ظنا مرجما)
(وَمن رد مَا قَالَ ابْن عَبَّاس عَامِدًا … ودان بِمَا قَالَ ابْن حَفْص توهما)
(وماذا يرى النُّعْمَان فِي أهل قَرْيَة … أَقَامُوا إِمَامًا للأنام مجذما)
(وَكَيف ترى رَأْي ابْن إِدْرِيس فِي فَتى … عصى وَغدا فِي فعله متأثما)
(وَمَا حجَّة الثَّوْريّ فِيمَا يقيسه … إِذا لم يثبت فِيهِ أصلا مُسلما)
(وَمَا رأى شيخ الْعلم مَالك فِي امْرِئ … تمجس قصدا بعد مَا كَانَ أسلما)
(يحل إِذا مَا أحرم النَّاس بالضحى … وَإِمَّا أحل النَّاس بِاللَّيْلِ أحرما)
(وَلَيْسَ بِذِي ذَنْب يُقَاد بِفِعْلِهِ … وَلَا قيل يَوْمًا قد أَسَاءَ وأجرما)
(وَإِن كنت فِي حفظ النوائب أوحدا … تجمع من أَخْبَارهَا وَمَا تقسما)
(فَمن فرض التعفير قبل صلَاته … وَأوجب فِي إِثْر الرُّكُوع التيمما)
(وَمن جعل التسوير فِي الزند شرعة … وَمن سنّ فِي إِحْدَى الْيَدَيْنِ التختما)
(وَمن فرض الصَّوْم الربيعين بعد أَن … يَصُوم جُمَادَى كُله والمحرما)
(وَمن حظر التَّزْوِيج إِلَّا بثيب … وصير تَزْوِيج البكار محرما)
(وَمن أوجب التَّكْبِير بعد صلَاته … على قومه فِيمَا يُقَال وألزما)
(وَقَالَ زَكَاة الْمَرْء من نصف مَاله … تكون وَإِلَّا صَار نهبا مقسمًا)
(وَمن قَالَ إِن البيع لَيْسَ بجائز … على الْمَرْء إِلَّا أَن يكون بعسرما)
(وَمن طَاف حول الْبَيْت سبعين مرّة … يرى ذَلِك التطواف فرضا محتما)
(وَمن فرض التَّسْلِيم فِي كل رَكْعَة … وَأوجب فِيهَا رنة وترنما)
(وَإِن كنت مِمَّن يَدعِي علم سيرة … وحفظا لأخبار الْأَوَائِل محكما)
(فَمن صَامَ عَن أكل الطَّعَام نَهَاره … مَعَ اللَّيْل يطوي الصَّوْم حولا مجرما)
(وَمن طَاف نَحوا من ثَمَانِينَ حجَّة … على حَاجَة لَيست تماثل درهما)
(وَفِي يَده أَمْوَال قَارون كلهَا … ونمرود كنعان وأموال علقما)
(وَمن قطع الْبَحْرين فِي بعض يَوْمه … وواصل أقْصَى الْبر سَاعَة أعتما)
(وَمن عَاشَ ألفا بعد ألف كوامل … يعوذ بدر الثدي من خيفة الظما)
(وَمن ملك الدُّنْيَا الخئون بأسرها … ثَمَانِينَ يَوْمًا بعد عَام تصرما)
(يذبح أَوْلَاد الْأَنَام تجبرا … ويستحي للنسوان مِنْهُم تذمما)
(وَمن هاب خوض النّيل سَاعَة زخره … وخاض سَوَاء الْبَحْر وَالْبَحْر قد طما)
(وَمن سَار طول الأَرْض يَوْمًا وَلَيْلَة … وَعَاد على أعقابه مَا تلوما)
(لعمرك إِنَّا قد سألناك هينا … وَلم نقصد الْمَعْنى العويص المغمغما)
(ففكر وَلَا تعجل بِمَا أَنْت قَائِل … وسر منجدا تبغي الْجَواب ومتهما)
(فَإِن أَنْت فِيمَا قد سَأَلنَا بَيَانه … أصبت فَحق أَن تعز وتكرما)
(وَإِن أَنْت أَخْطَأت الصَّوَاب وَلم تجب … فحقك أَن يحثى عَلَيْك وترجما)
(فَمَا لَك علم بالأمور وَإِنَّمَا … قصاراك أَن تروي كلَاما منظما)