الباقيات الصلحات
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد سيد الذاكرين وأفضل الشاكرين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إن ذكر الله عز وجل من أعظم العبادات، والمؤمن في حاجة ماسة إلى إطمئنان واستقرار نفسه، ولذا لابد له أن يكثر من ذكر الله تعالى حتى يكون دائما على صلة به.
قال الله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. (الرعد 28)
وفي صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت».
والآيات والأحاديث في فضل الذكر كثيرة مشهورة، ولقد جمعنا في هذه الأوراق القليلة المباحث التالية:
أحكام مهمة وفوائد جمة.
آداب الدعاء.
الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة.
الذكر عقب الصلوات المكتوبات.
الذكر بعد صلاة الصبح.
أذكار الصباح والمساء.
دعوات مهمة مستحبة في جميع الأوقات.
فضيلة الاستغفار.
ورد الإمام النووي رحمه الله تعالى.
وقد كان جُلُّ اعتمادنا في نقل هذه الأدعية على كتاب حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة في الليل والنهار، المشهور بالأذكار للإمام الرباني محي الدين النوري رضي الله عنه وانتقينا أيضا بعد الأدعية من كتاب الباقيات الصالحات للإمام السيد الشريف العلوي السقاف رضي الله عنه (ومنه اقتبسنا اسم البحث).
قال الله تعالى في سورة الكهف {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الباقيات الصالحات كل عل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة، وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات».
وقال ابن عباس: والباقيات الصالحات هي ذكر الله.
نسأل المولى جل ذكره أن يجعل ألسنتنا رطبة بذكره، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يمهد لنا طريق الآخرة بالعمل الصالح والقلب الذاكر واللسان الشاكر.. اللهم آمين.
أحكام مهمة وفوائد جمة
لقد ابتدأ الإمام النوري رحمه الله تعالى كتابه الاذكار بالأمر باخلاص النية وبعض الاحكام والفوائد التي احببنا أن نصدر البحث بها.
(فصل): في الأمر بالإخلاص وحسن النيات في جميع الأعمال الظاهرات والخفيات.
قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}. (البينة:5)
وقال تعالى: {لن ينال لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}. (الحج: 37)
قال ابن عباس رضي الله عنهما: {معناه ولكن يناله النيات}.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه}.
هذا الحديث صحيح متفق على صحته، مجمع على عظم موقعه وجلالته، وهذا أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام؛ وكان السلف وتابعوهم من الخلف رحمهم الله تعالى يستحبون استفتاح المصنفات بهذا الحديث، تنبيها للمطالع على حسن النية، واهتمامه بذلك والاعتناء به.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث الأعمال بالنية أمام كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الحاجة إلىه في جيمع أنواعها. وبلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنما يحفظ الرجل على قدر نيته. وقال غيره: إنما يعطى الناس على قدر نياتهم.
وروينا عن السيد الجليل أبي علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
وقال الإمام الحارث المحاسبي رحمه الله: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره أن يطلع الناس على السيء من عمله. وعن حذيفة المرعشي رحمه الله قال: الإخلاص أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن.
وروينا عن الإمام الأستاذ أبي القاسم القشيري رحمه الله قال: الإخلاص إفراد الحق سبحانه وتعالى في الطاعة بالقصد، وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله تعالى دون شيء آخر، من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب إلى الله تعالى، وقال السيد الجليل أبو محمد سهل بن عبدالله التستري رضي الله عنه: نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن يكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى، ولا يمازجه نفس ولا هوى ولا دنيا.
وروينا عن الأستاذ أبي على الدقاق رضي الله عنه قال: الإخلاص: التوقي عن ملاحظة الخلق، والصدق: التنقي عن مطاوعة النفس، فالمخلص لا رياء له، والصادق لا إعجاب له. وعن ذي النون المصري رحمه الله قال: ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الأعمال في الأعمال ، واقتضاء ثوابت العمل في الآخرة.
وروينا عن القشيري رحمه الله قال: أقل الصدق استواء السر والعلانية. وعن سهل التستري: لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره.
(فصل): إعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأتي بما تيسر منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: { إذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم}.
(فصل): قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا، وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة، فإن المستحب أن يتنزه عنه ولكن لا يجب. وإنما ذكرت هذا الفصل لأنه يجيء في هذا الكتاب أحاديث أنص على صحتها أو حسنها أو ضعفها، أو أسكت عنها لذهول عن ذلك أو غيره، فأردت أن تتقرر هذه القاعدة عند مطالع هذا الكتاب.
(فصل): إعلم أنه كما يستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق أهله، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، وسترد في مواضعها إن شاء الله تعالى.
وروينا في صحيح مسلم، عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: {ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا، قال: الله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إني لم استحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة}.
(فصل): الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعا، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل، ثم لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل رحمه الله: ان ترك العمل لأجل الناس رياء. ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطوق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}. في الدعاء.
(فصل): إعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قاله سعيد بن جبير رضي الله عنه وغيره من العلماء. وقال عطاء رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج، وأشباه هذا.
(فصل): قال الله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} إلى قوله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} «الأحزاب 35»
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضى الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون لله كثيرا والذاكرات.
واعلم أن هذه الآيات الكريمة مما ينبغي أن يهتم بمعرفتها صاحب هذا الكتاب. وقد اختلف في ذلك، فقال الإمام أبو الحسن الواحدي: قال ابن عباس: المراد يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوا وعشيا، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى. وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا. وقال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قول الله تعالى: {والذاكرين لله كثيرا والذاكرات} هذا نقل الواحدي.
وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ـ أو صلى ـ ركعتين جميعا كتبا في الذاكرين الله كثيرا والذاكرات} هذا حديث مشهور رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة في سننهم.
وسئل الشيخ الإمام أبو عمر بن الصلاح رحمه الله عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء في الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارا، وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة، كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والله اعلم.
آداب الدعاء
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه الاذكار: إعلم أن المذهب المختار الذي عليه الفقهاء والمحدثون وجماهير العلماء من الطوائف كلها من السلف والخلف: أن الدعاء مستحب، قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستحب لكم} (غافر:60) وقال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} (الأعراف: 55) والآيات في ذلك كثيرة مشهورة.
وروينا في رسالة الإمام أبي القاسم القشيري رضي الله عنه قال: اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء أم السكوت والرضا؟ فمنهم من قال: الدعاء عبادة لحديث «الدعاء هو العبادة» ولأن الدعاء إظهار الافتقار إلى الله تعالى. وقالت طائفة: السكوت والخمود تحت جريان الحكم أتم، والرضا بما سبق به القدر أولى. وقال قوم: يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعا.
قال القشيري: والأولى أن يقال: الأوقات مختلفة؛ ففي بعض الأحوال الدعاء أفضل من السكوت وهو الأدب، وفي بعض الأحوال السكوت أفضل من الدعاء وهو الأدب، وإنما يعرف ذلك بالوقت، فإذا وجد في قلبه إشارة إلى الدعاء، فالدعاء أولى به؛ وإذا وجد إشارة إلى السكوت فالسكوت أتم. قال: ويصح أن يقال ما كان للمسلمين فيه نصيب، أو لله سبحانه وتعالى فيه حق، فالدعاء أولى لكونه عبادة، وإن كان لنفسك فيه حظ فالسكوت أتم. قال: من شرائط الدعاء أن يكون مطعمه حلالا. وكان يحيى بن معاذ الرازي رضي الله عنه يقول: كيف أدعوك وأنا عاص؟ وكيف لا أدعوك وأنت كريم؟.
ومن آدابه: حضور القلب، وقال بعضهم: المراد بالدعاء إظهار الفاقة، وإلا فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء: آداب الدعاء عشرة.
الأول: أن يترصد الأزمان الشريفة؛ كيوم عرفة وشهر رمضان ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل ووقت الأسحار.
الثاني: أن يغتنم الأحوال الشريفة؛ كحالة السجود، والتقاء الجيوش، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة وبعدها. قلت: وحالة رقة القلب.
الثالث: استقبال القبلة ورفع اليدين ويمسح بهما وجهه في آخره.
الرابع: خفض الصوت بين المخافتة والجهر.
الخامس: أن لا يتكلف السجع وقد فسر به الاعتداء في الدعاء، والأولى أن يقتصر على الدعوات المأثورة، فما كل أحد يحسن الدعاء فيخاف عليه الاعتداء، وقال بعضهم: أدع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق، ويقال: إن العلماء والأبدال لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات ويشهد له ما ذكره الله سبحانه وتعالى آخر سورة البقرة {ربنا لا تؤاخذنا} إلى آخرها لم يخبر سبحانه في موضع عن أدعية عبارة بأكثر من ذلك. قلت: ومثله قول الله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم صلى الله عليه وسلم. {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا} إلى آخره. قلت: والمختار الذي عليه جماهير العلماء أنه لا حجر في ذلك، ولا تكره الزيادة على السبع، بل يستحب الإكثار من الدعاء مطلقا.
السادس: التضرع والخشوع والرهبة، قال الله تعالى: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} «الأنبياء: 90» وقال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} «الأعراف:55».
السابع: أن يجزم بالطلب ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيها، ودلائله كثيرة مشهورة. قال سفيان بن عيينة رحمه الله: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يفعله في نفسه فإن الهل تعالى أجاب شر المخلوقين إبليس إذ {قال أنظرني إلى يوم يبعثون. قال إنك من المنظرين} «الأعراف: 14-15».
الثامن: أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثا ولا يستبطئ الإجابة.
التاسع: أن يفتتح الدعاء بذكر الله تعالى. قلت: وبالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحمد لله تعالى والثناء عليه، ويختمه بذلك كله أيضا.
العاشر: وهو أهمها والأصل في الإجابة، وهو التوبة ورد المظالم والإقبال على الله تعالى.
(فصل): قال الغزالي: فإن قيل: فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء ووجود الرحمة، كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض؛ فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان، فكذلك الدعاء والبلاء، وليس من شرط الاعتراف بالقضاء أن لا يحمل السلاح، وقد قال الله تعالى: {وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} «النساء:102» فقدر الله تعالى الأمر وقدر سببه.
الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة
إعلم أن الدعاء بعد التشهد الأخير مشروع بلا خلاف. روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد ثم قال في آخره: «ثم يخير من الدعاء» وفي رواية البخاري: «أعجبه إليه فيدعو» وفي روايات لمسلم «ثم ليتخير من المسألة ما شاء».
واعلم أن هذا الدعاء مستحب ليس بواجب، ويستحب تطويله، إلا أن يكون إماما؛ وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعو بالدعوات المأثورة، وله أن يدعو بدعوات يخترعها والمأثورة أفضل. ثم المأثورة منها ما ورد في هذا المواطن، ومنها ما ورد في غيره، وأفضلها هنا.
ما رويناه في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال».
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم».
وروينا في صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت».
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فأغفر لي مغفرة من عندك وأرحمني إنك أنت الغفور الرحيم» هكذا ضبطناه «ظلما كثيرا، بالثاء المثلثة في معظم الروايات، وفي بعض روايات مسلم «كبيرا» بالباء الموحدة، وكلاهما حسن، فينبغي أن يجمع بينها فيقال: «ظلما كثيرا كبيرا» وقد احتج البخاري في صحيحه والبيهقي وغيرهما من الأئمة بهذا الحديث للدعاء في آخر الصلاة وهو استدلال صحيح، فإن قوله في صلاتي يعم جميعها، ومن مظان الدعاء في الصلاة هذا الموطن.
وروينا في سنن ابي داود عن أبي صالح ذكوان رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: «كيف تقول في الصلاة؟» قال: أتشهد وأقول: اللهم إني أسالك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حولها دندن».
الدندنة: كلام لا يفهم معناه، ومعنى «حولها دندن» أي حول الجنة والنار، أو حول مسألتهما: إحداهما سؤال طلب، والثانية سؤال استعاذة والله أعلم.
ومما يستحب الدعاء به في كل موطن: اللهم إني أسألك العفو والعافية، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
الأذكار عقب الصلوات
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:
أجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة في أنواع منه متعددة، فنذكر أطرافا من أهمها:
روينا في كتاب الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير. وفي رواية مسلم «كنا» وفي رواية في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا، بذلك، إذا سمعته.
وروينا في صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، قيل للأوزاعي وهو أحد رواة الحديث: كيف الاستغفار؟ قال: أستغفر الله، أستغفر الله.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد».
وروى أبو داود عن زيد بن حارثة رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وان كان فر من الزحف. «من كتاب الباقيات الصالحات».
وروينا في صحيح مسلم، عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا أياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون» قال ابن الزبير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون، فقال: «ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين».
الدثور: جمع دثر وهو المال الكثير.
وروينا في صحيح مسلم، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة».
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المئة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر».
وروينا في صحيح البخاري في أوائل كتاب الجهاد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر الصلاة بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله تعالى دبر كل صلاة عشرا، ويحمد عشرا، ويكبر عشرا، فذلك خمسون ومئة باللسان، وألف وخمسمئة في الميزان. ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعة ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويسبح ثلاثا وثلاثين، فذلك مئة باللسان، وألف بالميزان». قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسير، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: «يأتي أحدكم يعني الشيطان ـ في منامه فينومه قبل أن يقوله، ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها».
وروينا في سنن أبي داود والترمزي والنسائي وغيرهم، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة. وفي رواية أبي داود «بالمعوذات» فينبغي أن يقرأ: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.
وروينا في سنن أبي داود والنسائي، عن معاذ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: يا معاذ! والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يامعاذ! لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».
وروينا في سنن ابي داود عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ما دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في دبر مكتوبة ولا تطوع إلا سمعته يقول: «اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق، إنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها إلا أنت».
وروينا فيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من صلاته ـ لا أدري قبل أن يسلم أو بعد أن يسلم ـ يقول: «سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين».
وروينا فيه عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا انصرف من الصلاة: «اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، واجعل خير أيامي يوم ألقاك».
وروينا فيه عن أبي بكرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر».
وروينا فيه عن فضالة بن عبيدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدعو بما شاء».
الذكر بعد صلاة الصبح
قال الإمام النوري رحمه الله تعالى: إعلم أن أشرف أوقات الذكر في النهار، الذكر بعد صلاة الصبح.
روينا عن أنس رضي الله عنه في كتاب الترمذي وغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في كتاب الترمذي وغيره، عن بي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال في دبر صلاح الصبح وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه كذلك في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله تعالى». قال الترمذي: هذا حديث حسن، وفي بعض النسخ: صحيح.
وروينا في سنن أبي داود، عن مسلم بن الحارث التميمي الصحابي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسر اليه فقال: إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إذا قلت ذلك ثم مت من ليلتك كتب لك جوار منها، وإذا صليت الصبح فقل كذلك، فإنك إن مت من يومك كتب لك جوار منها».
وروينا في مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة وكتاب ابن السني، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال: اللهم إني أسألك علما نافعا، وعملا متقبلا، ورزقا طيبا»،
وروينا فيه، عن صهيب رضي اليه عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء، فقلت: يا رسول الله! ما هذا الذي تقول؟ قال: «اللهم بك أحاول، وبك أصاول وبك أقاتل».
أذكار الصباح والمساء
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: إعلم أن هذا الباب واسع جدا ليس في الكتاب باب أوسع منه، وأنا أذكر إن شاء الله تعالى فيه جملا من مختصراته، فمن وفق للعمل بكلها فهي نعمة وفضل من الله تعالى وطوبي له، ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على ما شاء ولو كان ذكرا واحدا.
والأصل في هذا الباب من القرآن العزيز قوله الله سبحانه وتعالى: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} «طه: 130»
وقال تعالى: {وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} «غافرة: 55». وقال تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} «الأعراف: 205»
قال أهل اللغة: الآصال جمع أصيل: وهو ما بين العصر والمغرب. وقال تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} «الأنعام: 52» قال أهل اللغة: العشي: ما بين زوال الشمس وغروبها.
وروينا في صحيح البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنع أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفري لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها بالنهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسى فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة».
ومعنى أبوء أقر وأعترف.
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه» وفي رواية أبي داود «سبحان الله العظيم وبحمده».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، عن عبدالله بن حبيب ـ رضي الله عنه قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه فقال: «قل، فلم أقل شيئا، ثم قال: قلم فلم أقل شيئا، ثم قال: قل فقلت: يا رسول الله! ما أقول؟ قال: قل هو الله أحد والمعوذتين حتي تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت وإلىك النشور؛ وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت وإليك النشور» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر وأسحر يقول: «سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا، وأفضل علينا، عائذا بالله من النار» قال الإمام أبو سليمان الخطابي: سمع سامع معناه: شهد شاهد. وحقيقته: ليسمع السامع وليشهد الشاهد حمدنا الله تعالى على نعمته وحسن بلائه.
وروينا في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: «أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله لا إله إلا الله وحده لا شريك له» قال الراوي: أراه قال فيهن: «له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر، أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر، وإذا أصبح قال ذلك أيضا: أصبحنا وأصبح الملك لله».
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة؟ قال: «أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك».
ورويناه في كتاب ابن السني، وقال فيه: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثا لم يضره شيء».
وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود والترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: «قل اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه. قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي رواية وزاد فيه بعد قوله: وشركه «وأن نقترف سوءا على أنفسنا أو نجره إلى مسلم».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة، باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم يضره شيء».
وروينا في كتاب الترمذي، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قال حين يمسي: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، كان حقا على الله تعالى أن يرضيه»، ووقع في رواية أبي داود وغيره: «وبمحمد رسول» في رواية الترمذي «نبيا» فيسحتب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول «نبيا ورسولا» ولو اقتصر على أحدهما كان عاملا بالحديث.
وروينا في سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك واشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك. أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه من النار، ومن قالها ثلاثا أعتق الله تعالى ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعا أعتقه الله تعالى من النار».
وروينا في سنن أبي داود عن عبدالله بن غنام البياضي الصحافي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه؛ ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته».
وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: «اللهم إني أسالك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي».
قال وكيع: يعني الخسف.
وروينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول عند مضجعه: «اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وبكلماتك التامة من شر ما انت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك».
وروينا في سنن أبي داود، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم أسالك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وبركته وهداه، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده. ثم ذا أمس فليقل مثل ذلك».
وروينا في سنن أبي داود، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: يا أبت، إني أسمعك تدعو كل غداة: «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت» تعيدها حين تصبح ثلاثا، وثلاثا حين تمسي، فقال: إني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأنا أحب أن استن بسنته.
وروينا في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يصبح { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون. يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ويحيي الأرض بعد موتها وذلك تخرجون} «الروم: 17 ـ 19» أدرك ما فاته في يومه ذلك، ومن قالهن حين يمسى أدرك ما فاته في ليلته».
وروينا في سنن أبي داود عن بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمها فيقول: «قولي حين تصبحين: سبحان الله وبحمده، لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، فإنه من قالهن حين يصبح حفظ حتى يمسي، ومن قالهن حين يسمي حفظ حتى يصبح».
وروينا في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: «يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت صلاة؟» قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: «أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعود بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال»، قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى عني ديني.
وروينا في كتاب ابن السني، عن عبدالله بن أبزي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح: قال «أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة إبراهيم عليه السلام، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين».
وروينا في كتاب ابن السني، عن عبدالله بن أوفى رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله عز وجل، والحمد لله، والكبرياء والعظمة لله، والخلق والأمر والليل والنهار وما سكن فيهما لله تعالى، اللهم أجعل أول هذا النهار صلاحا، وأوسطه نجاحا وآخره فلاحا، يا أرحم الراحمن!».
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وقرأ ثلاث آيات من سورة الحشر، وكل الله تعالى به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة»،
وروينا في كتاب ابن السني، عن محمد بن إبراهيم عن أبيه رضي الله عنه قال: وجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فأمرنا أن نقرأ إذا أمسينا وأصبحنا: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} «المؤمنون: 115» فقرأنا، فغنمنا وسلمنا.
وروينا فيه عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوة إذا أصبح وإذا أمسى: «اللهم أسألك من فجأة الخير، وأعوذ بك من فجأة الشر».
وروينا فيه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: «ما يمنعك ما أوصيك به؟ تقولين إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم بك أستغيث فأصلح لي شأني ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
وروينا فيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه الآفات، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قل إذا أصبحت: باسم الله على نفسي وأهلي ومالي، فإنه لا يذهب لك شيء» فقالهن الرجل، فذهبت عنه الآفات.
وروينا في سنن ابن ماجة وكتاب ابن السني، عن أم سلمة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح قال: «اللهم إني أسالك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا».
وروينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال إذا اصبح: اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر، فأتم نعمتك علي وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة. ثلاث مرات إذا أصبح وإذا أمسى، كان حقا على الله تعالى أن يتم عليه».
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من صباح يصبح العباد إلا مناد ينادي: سبحانه الملك القدوس» وفي رواية ابن السني «إلا صرخ صارخ: أيها الخلائق! سبحوا الملك القدوس».
وروينا في كتاب ابن السني، عن بريدة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال إذا أصبح وإذا أمسى: ربي الله توكلت عليه لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، لا إله إلا الله العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، ثم مات دخل الجنة».
وروينا في كتاب ابن السيني، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟» قالوا: ومن أبو ضمضم يا رسول الله؟ قال: «كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد وهبت نفس وعرضي لك، فلا يشتم من شتمه، ولا يظلم من ظلمه، ولا يضرب من ضربه».
وروينا فيه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال في كل يوم حين يصبح وحين يسمي: حسبي الله لا إله إلا الله هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. سبع مرات كفاه الله تعالى ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة».
وروينا في كتابي الترمذي وابن السني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ {حم} المؤمن إلى: {إليه المصير «غافر: 1 ـ 3» وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتي يمسى، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح».
وروينا في كتاب ابن السني، عن طلق بن حبيب، قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء: يا أبا الدرداء قد احترق بيتك، فقال: ما احترق، لم يكن الله عز وجل ليفعل ذلك بكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من قالها أول نهاره لم تصبه مصيبة حتى يمسي، ومن قالها آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح: «اللهم أنت ربي، لا إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم».
وفي رواية: ثم قال: انهضوا بنا فقام وقاموا معه، فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصبها شيء.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: اعلم أن كل ما يقال في غير يوم الجمعة يقال فيه، ويزاد استحباب كثرة الذكر فيه على غيره، ويزاد كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفرالله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر».
ويستحب الإكثار من الدعاء في جميع يوم الجمعة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس رجاء مصادفة ساعة الإجابة.
دعوات مهمة مستحبة في جيمع الأوقات
قال الإمام النوري في كتابه الأذكار:
روينا في كتاب الترمذي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء».
وروينا في صحيح البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عن، قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
وروينا في صحيح مسلم، عن ابن مسعود رضي الله عنه؛ ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى».
وروينا في صحيح مسلم، عن طارق أشيم الأشجعي الصحافي رضي الله عنه قال: كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهذه الكلمات «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني».
وروينا فيه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك».
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء».
وروينا في صحيحيهما، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات» وفي رواية «وضلع الدين وغلبة الرجال».
قلت: ضلع الدين: شدته وثقل حمله. والمحيا والممات: الحياة والموت.
وروينا في صحيحيهما، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني؛ اللم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي؛ اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير».
وروينا في صحيح مسلم، عن عائشة رضي ا لله عنها؛ أن النبي كان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل».
وروينا في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها».
وروينا في صحيح مسلم، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قل اللهم اهدني وسددني» وفي رواية؛ «اللهم إني أسألك الهدى والسداد».
وروينا في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني كلاما أقوله، قال: «قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، قال: فهؤلاء لربي فما لي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني».
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر».
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت؛ اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أنت ان تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن بريدة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فقال: «لقد سألت الله تعالى بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعى أجاب» وفي رواية «لقد سألت الله بأسمه الأعظم قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في سنن أبي داود والنسائي، عن أنس رضي الله عنه؛ أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد دعا الله تعالى باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى».
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، ومن شر الغنى والفقر».
وروينا في كتاب الترمذي، عن زياد بن علاقة، عن عمه، وهو قطبة بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، عن شكل بين حميد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني دعاء، قال: «قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي ومن شر منيي» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في كتابي أبي داود والنسائي، بإسنادين صحيحين عن أنس رضي الله عنه؛ ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذاب وسيء الأسقام».
وروينا فيهما، عن أبي اليسر الصحافي رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو «اللهم إني أعوذ بك من الهدم، وأعوذ بك من التردي، وأعوذ بك من الغرق والحرق والهرم، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت؛ وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا، وأعوذ بك أن أموت لديغا».
وروينا فيهما؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة».
وروينا في كتاب الترمذي عن علي رضي الله عنه؛ أن مكاتبا جاءه فقال: إني عجزت عن كتابتي فأعني قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه عنك؟ قل: «اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغني بفضلك عمن سواك» قال الترمذي حديث حسن.
وروينا فيه، عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أبا حصينا كلمتين يدعو بهما: «اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا فيهما. عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم أني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق».
وروينا في كتاب الترمذي، عن شهر بن حوشب، قال: قلت لأم سلمة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، ما أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
وروينا في كتاب الترمذي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم عافني في جسدي، وعافني في بصري، واجعله الوارث مني، لا إله إلا أنت الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين».
وروينا فيه، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان من دعاء داود صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك؛ اللهم اجعل حبك أحب إلى من نفسي وأهلي ومن الماء البارد». قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا فيه، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب له» قال الحاكم أبو عبدالله: هذا صحيح الإسناد.
وروينا فيه وفي كتاب ابن ماجه، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: «سل ربك العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة. ثم أتاه في اليوم الثاني فقال: يا رسول الله! اي الدعاء أفضل؟ فقال له مثل ذلك. ثم أتاه في اليوم الثالث فقال له مثل ذلك، قال: فإذا أعطيت العافية في الدنيا وأعطيتها في الآخرة فقد أفلحت» قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في كتاب الترمذي، عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئا أسأله الله تعالى، قال: «سلوا الله العافية، فمكثت أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله! علمني شيئا أسأله الله تعالى، فقال: « يا عباس، يا عم رسول الله، سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة» قال الترمذي هذا حديث صحيح.
وروينا فيه، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئا، فقال: «ألا أدلكم ما يجمع ذلك كله؟ تقول: اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونعود بك من شر ما استعاذك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وانت المستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله» قال الترمذي حديث حسن.
وروينا فيه، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألظوا بياذا الجلال والإكرام».
ورويناه في كتاب النسائي، من رواية ربيعة بن عامر الصحافي رضي الله عنه، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد.
قلت: ألظوا بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة، ومعناه: الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها.
ورويناه في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «رب أعني ولا تعن علي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي، ويسر هداي وانصرني على من بغى علي. رب اجعلني لك شاكرا، لك ذاكرا، لك راهبا، لك مطواعا، إليك مجيبا أو منيبا، تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: السخيمة هي الحقد وجمعها سخائم.
وروينا في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وسنن ابن ماحجة، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «قولي اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشركله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك خير ما سألك به عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا» قال الحاكم أبو عبدالله: هذا حديث صحيح الإسناد.
ووجدت في المستدرك للحاكم، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنا نسألك موجبات رحتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة (بعونك) من النار» قال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
وفيه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «واذنوباه مرتين أو ثلاثا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذونبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فقالها، ثم قال: عد، فعاد، ثم قال: عد، فعاد، فقال: قم فقد غفر لك».
وفيه، عن أبي أمامة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله تعالى ملكا موكلا بمن يقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل».
فضيلة الاستغفار
قال الأمام النوري: ان هذا الكتاب من اهم الأبواب التي يعتني بها ويحافظ على العمل به. قصدت بتأخيره التفاؤل بأن يختم الله الكريم لنا به، نسأله ذلك وسائر وجوه الخير لي ولأحبائي وسائر المسلمين آمين.
روينا في صحيح مسلم، عن الأغر المزني الصحابي رضي الله تعالى عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة».
وروينا في صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة».
وروينا في صحيح البخاري أيضا، عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استعطت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ من قالها بالنهار موقنا بها فمات قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة.
وروينا في سنن أبي داود والترمزي وابن ماجة، عن ابن عمر رضي الله تعالي عنهما، قال: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة: «رب أغفر لي وتب على إنك أنت التواب الرحيم» قال الترمذي: حديث صحيح.
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم».
وروينا في سنن أبي داود، عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا.
وروينا في سنن ابن ماجة، بإسناد جيد عن عبدالله بن بسر ـ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا».
وروينا في سنن أبي داود والترمزي، عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه، غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف» قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ومسلم.
قال الإمام النوري رحمه الله تعالى: عن الفضيل رضي الله عنه: استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين. ويقاربه ما جاء عن رابعة العدوية رضي الله تعالى عنها قالت: استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير.
وعن بعض الأعراب أنه تعلق بأستار الكعبة وهو يقول: اللهم إن استغفاري مع إصراري لؤم، وإن تركي الاستغفار مع علمي بسعة عفوك لعجز، فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني، وابتغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك، يا من إذا وعد وفي، وإذا توعد تجاوز وعفا، أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين.
ورد الإمام النووي رحمه الله تعالى
ورغبتنا أن نختم هذا البحث بورد الإمام النوري رحمه الله تعالى والذي طبع مع مقدمة جليلة للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى ونفع بعلمه، يقول الشيخ البوطي حفظه الله تعالى:
فهل لك يا أخي المسلم ـ وأنت الذي تشكو دائما من أن إسلام المسلمين اليوم لا يحقق في حياتهم شيئا ممن كان يحققه إسلام أسلافهم من قبل ـ هل لك ان نلتقي على علاج يجعل من إسلامنا جذوة ملتهبة في أفئدتنا ويجعل من إيماننا بالله سلما نستعلي به على كل أهوائنا وشهواتنا؟ هل لك في ان نعمد إلى غراس الايمان بالله عز وجل في عقولنا فنسقيه بماء الذكر والشهود ومراقبة الله عز وجل حتى يغدو شجرة باسقة يمتد لها ظل وارف على مشاعرنا وافئدتنا نتقي به هجير الشهوات وسعير الأهواء؟
إن سبيل ذلك سهل معبد، وهو سبيل لابد منه لكل من كان صادقا في إسلامه راغبا في إصلاح نفسه وتقويم حاله.
أما من كان إسلامه كلاما على شفتيه وحجة لله يوم القيامة عليه، فإنه لسبيل شاق عليه رغم سهولته، يحمله عبئا عظيما من الجهد مع يسره وخفته.
إن السبيل إلى ذلك ليس شيئا أكثر مما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافنا الصالحون من بعدهم.
ولسوف أضع بين يديك ما لا يستنفد منك جهدا يذكر ولا يضيع عليك وقتا ذا بال. ولكنه على ذلك سيكون ذا أثر خطير في حياتك. وتقويم سلوكك وسريان روح من الرغبة والرهبة في مشاعرك.
أولا: حافظ على فرائضك المكتوبة كلها واحشد فيها ما تسطيع من مشاعر اليقظة والخشوع لله عز وجل، ثم ألحقها بأورادها وأذكارها المأثورة.
ثانيا: حاول أن تستيقظ سحرا من كل ليلة، فإذا توضأت وصيلت ما تيسر لك فاستغفر الله بقلب واع متيقظ مئة مرة.
ثالثا: إذا أذن للفجر وصليت ركعتيه المسنونتين فسبح لله تعالى قبل اداء الفريضة مئة مرة بلفظ «سبحان الله وبحمده».
رابعا: إذا فرغت من صلاة الفجر وانتهت من أذكارها المأثورة صل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما شئت من صيغ الصلاة الواردة مائة مرة. واذا لم يتح لك أن تستيقظ سحرا وضاق الوقت عن القيام بهذه الاذكار في الأوقات التي ذكرتها لك، فاجمعها كلها فيما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، ملاحظا تقديم الاستغفار يليه التسبيح ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
خامسا: حافظ على ورد مستمر من تلاوة كتاب الله تعالى بتدبر في الوقت الذي يتناسب مع ظروفك وأحوالك واجهد أن لا يمر شهر إلا وقد ختمت كتاب الله تعالى مرة على أقل تقدير.
سادسا: كان من دأب الربانيين وكبار الصالحين من أسلاف هذه الأمة، ان يتخذ أحدهم مما قد يقف عليه من الأدعية المأثورة والكلمات المباركة الواردة عن الصالحين، وما يستقل به من الدعاء او الثناء والمناجاة، وردا يكرره كل صباح ومساء وكانوا يسمونه: الحزب.
وإنك لتتأمل فترى في هذه الأحزاب نورا يسري إلى شغاف القلب، ولا تشك ان كلماتها قد خرجت من اعماق قلوب ملتاعة بحب الله غارقة في شهوده، وما أكثر ما رددها أصحابها في جنح الليالي المظلمة، يناجون بها ربهم جل جلاله وان حرقة الوجد لتأخذ بمجامع قلوبهم والدموع الحرى لتهمي من مآقيهم. فليس عجيبا أن تكون هذه الأحزاب معجونة ببقايا من بركات أحوالهم، تحمل وهجا من حرارة يقينهم وصدق إيمانهم. ولا عجب، لذلك كله، أن تسري بالتأثير إلى قلوب من يقروؤنها اليوم بوجدان حاضر وقلب مستيقظ، فضلا عمن يثابر على قراءتها في البكور والآصال.
وبين أدينا اليوم من أحزاب هؤلاء الصالحين شيء كثير. ولكني قد اخترت لك من ذلك كله حزبا لإمام عظيم، اجتمع له العلم الغزير مع التقوى البالغة لله عز وجل. امام حبس حياته كلها في سبيل الله عز وجل علما وعملا وزهدا وذكرا وخدمة لعامة المسلمين ونصيحة لأئمتهم، هو الامام يحي بن شرف النووي المتوفي عام (676هـ).
ولا أطيل لك في الشرح، فلقد رأيت بركة هذا الحزب بنفسي، ولقد أينع نوره في قلبي، ورأيت الكثير من آثاره في حياتي.
فاعقد العزم على أن تواظب على قراءته في كل صباح بفكر واع وقلب خاشع، وذلك عقب فراغك من الأذكار التي أرشدتك إليها.
«محمد سعيد رمضان»
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أقول على نفسي وعلى ديني، وعلى أهلي وعلى أولادي وعلى مالي وعلى أصحابي وعلي أديانهم وعلى أموالهم ألف بسم الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أقول على نفسي وعلى ديني وعلى أهلي وعلى أولادي وعلى مالي وعلى أصحابي وعلى أديانهم وعلى أموالهم ألف ألف بسم الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر أقول على نفسي وعلى ديني وعلى أهلي وعلى أولادي وعلى مالي وعلى أصحابي وعلى أديانهم وعلى أموالهم ألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وعلى الله وفي الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بسم الله على ديني وعلى نفسي وعلى أولادي بسم الله على مالي وعلى أهلي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي، بسم الله رب السموات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم،
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم (ثلاثا).
بسم الله خير الأسماء في الأرض وفي المساء بسم الله أفتتح وبه أختتم، الله الله الله الله ربي لا أشرك به شيئا الله الله الله الله ربي لا إله الا الله، الله أعز وأجل وأكبر، مما أخاف وأحذر.
بك اللهم أعود من شر نفسي ومن شر غيري ومن شر ما خلق ربي وذرأ وبرأ وبك اللهم أحترز منهم، وبك اللهم أعوذ من شرورهم. وبك اللهم أدرأ في نحورهم، وأقدم بين يدي وأيديهم.
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد (ثلاثا).
ومثل ذلك عن يميني وأيمانهم، ومثل ذلك عن شمالي وعن شمائلهم، ومثل ذلك عن أمامي وأمامهم، ومثل ذلك من خلفي ومن خلفهم، ومثل ذلك من فوقي ومن فوقهم، ومثل ذلك من تحتي ومن تحتهم، ومثل ذلك محيط بي وبهم، اللهم إني أسألك لي ولهم من خير بخيرك الذي لا يملكه غيرك، اللهم اجعلني واياهم من عبادك وعياذك وجوارك وأمانك وحزبك وحرزك وكنفك، من شر كل شيطان وسلطان وإنس وجان وباغ وحاسد وسبع وحية وعقرب، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين، حسبي الساتر من المستورين، حسبي الناصر من المنصورين، حسبي القاهر من المقهورين، حسبي الذي هو حسبي، حبسي من لم يزل حسبي، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله من جميع خلقه.
«إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين»، «واذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولو على أدبارهم نفورا. فإن تولوا فقل: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (سبعا).
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (ثلاثا)، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
خبأت نفسي في خزائن بسم الله، أقفالها ثقتي بالله، مفاتيحها لا قوة إلا بالله، أدافع بك اللهم عن نفسي ما أطيق وما لا أطيق، لا طاقة لمخلوق مع قدرة الخالق.
حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (ثلاثا).
وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا